مع اقتراب بدء العام الدراسي الجديد، هناك الكثير من الاستعدادات التي يقوم بها الأهل استعدادا لاستقبال عودة المدارس، وكذلك هناك استعدادات إدارية وفنية في كافة المديريات، وهنا لن نتحدث عن مظاهر ووسائل الاستقبال، بل سوف نذهب سريعا إلى ما يعانيه الأطفال من بعض الأمراض مثل الصداع، فالدراسات الطبية تقول أن هناك عدد من الأشياء يمكن أن تؤدي إلى الصداع في الأطفال والمراهقين، وأن حوالي 10٪ من الأطفال في سن المدرسة، ومنهم 27 في المائة من المراهقين لديهم الصداع من وقت لآخر، ولعل أهم الأسباب التي تؤدي إلى حدوث الصداع يمكن ذكرها هنا وهي تتنوع بين الأسباب العضوية والنفسية والعادات.
فمع ارتفاع درجة الحرارة وطول فترة النهار، يهمل البعض شرب المزيد من السوائل وبالتالي يتعرضون للجفاف الذي يؤدي الى الصداع، ونسيان تناول وجبة الصباح أو إهمالها أو عدم تناول وجبة الغداء لمن هم في الفترة المسائية، يؤدي الى الشعور بالجوع الفجائي والصداع، وبالتالي يكون العلاج هنا بتجنب الأنشطة المرهقة في الطقس الحار، ومع شرب المزيد من السوائل وخاصة الماء النقي، وهنا يجب التأكد من توفر الماء النقي والصالح للشرب في كافة المؤسسات التعليمية، وأن يكون هناك متابعة ورقابة "صارمة" في هذا الموضوع وعدم الاكتفاء بإحضار الأطفال لعبوات الماء من بيوتهم والتي في الغالب يتم شربها قبل بدء الحصص الدراسية نظرا للحر الشديد او ممارسة بعض الرياضة بين الأطفال، وكذلك ينصح أن يكون هناك توجيهات واضحة للأطفال وعرض مرئي عن أهمية تناول وجبة الإفطار قبل الحضور للمدرسة، وتأثيرها الايجابي على التحصيل العلمي وعدم الشعور بالإرهاق او الصداع، ويجب أن يكون من مهام المشرفين في المدارس بجانب مهامهم الأكاديمية والإرشادية، مهمة التغذية السليمة للأطفال، ويمكن أن يكون هناك محاضرات للأهل وبحضور الأطفال حول الأغذية المناسبة وخاصة الخضروات والفواكه والأطعمة الممنوعة او الغير مرغوب بها مثل "الشيبس والصودا"، وكما يجب الانتباه أن تناول الكثير من فناجين الشاي او الشوكو او قطع الشيكولاته في الصباح والقهوة "الكافيين" للمراهقين يمكن ان يسبب في الصداع .
وكما أنه من الأهمية أن يكون هناك تعاون بين الأهل والمرشدين التربويين حول الطرق السليمة للتحصيل والمراجعة الدراسية في البيوت، وعدم الوصول الى درجة الإرهاق أو ترك الأطفال والمراهقين خلف شاشات التلفاز أو الكمبيوتر لفترات طويلة وخاصة في الليل، لأن هذا يؤدي إلى قلة ساعات النوم المطلوبة والتي يجب ان تتعدى الـ8 ساعات للمراهقين والأطفال، ويعتبر الإجهاد الجسدي عامة والبصري خاصة من أسباب الشعور بالصداع في الساعات الأولى من اليوم التالي، وكما مراجعة أطباء العيون يعتبر خطوة هامة وضرورية للاطمئنان حول قوة الإبصار لدى الأطفال وأهمية أن يكون هناك طبيب مختص في المدارس لكي لا يتحول النظر إلى السبورة أو الوسائل التقنية في عرض المعلومات والدروس الى معاناة بصرية لدى الأطفال والمراهقين الذين يعانون من مشاكل في قوة الإبصار سواء بالقصر او الطول، وهذا يؤدي إلى تحسين مستوى التركيز والتحصيل العلمي وعدم حدوث الصداع عندهم.
وهناك الكثير من المشاكل النفسية والأسرية، التي تؤدي إلى إصابة الأطفال والمراهقين بالصداع، ومنها وجود حالة طلاق في البيت سواء غياب الأم أو الأب، أو فقدان أحدهما والتعرض لصدمات مباشرة مثل التعرض المباشر لمشاكل الوالدين والصراخ وعدم وجود تفاهم أو توافق، وفي بعض الأحيان يكون الخلاف بينهما على الأطفال ومصاريف البيت والرعاية وما إلى ذلك من أسباب تغزو ذاكرة ووعي الطفل وستنزف طاقته الإدراكية والنفسية مما يؤدي الى تشتيته الذهني والنفسي وعدم التركيز وفقدان القدرة على التركيز الدراسي والإصابة بالصداع .
وهناك بعض الدراسات الطبية التي تفيد بأن الصداع الذي يصيب الأطفال والمراهقين ناتج عن إصابة الوالدين او احدهم بنفس نوع الصداع، وبالتالي يمكن إعطاء الأطفال والمراهقين نوع من الأدوية المعالجة للصداع مثل دواء ايبوبروفين " من الصيدلية مباشرة" مع متابعة النصائح السابقة مثل شرب الماء وتناول الطعام والحصول على قسط من الراحة والنوم ومعالجة مشاكل العيون وقوة الإبصار، ولكن في حال استمر الصداع لعدة أيام متتالية ينصح بالمتابعة الطبية عند الطبيب لعمل اللازم من تحاليل وصور أشعة والاطلاع السريري على الحالة المرضية التي ربما تختلف عن المسببات السابقة .
بقلم/ د.مازن صافي