اللجان الشعبيه وتطويرها وتعزيزها

بقلم: عباس الجمعة

نشأت مشكلة اللاجئين الفلسطينيين كما أسلفنا خلال حرب 1948، وذلك بطرد السكان الفلسطينيين من أراضيهم وأملاكهم ومساكنهم على أيدي العصابات الصهيونية من أجل تحقيق حلمها بطرد وتفريغ الأرض من سكانها ويقدر عددهم بنحو 800.000 هجروا من 531 قرية ومدينة فلسطينية ، معظم هؤلاء اللاجئين اجتازوا الحدود إلى البلدان العربية المجاورة إلى الأردن و لبنان وسورية وجزء لجأ إلى القرى والبلدات والمدن الفلسطينية والتي كانت تحت السيطرة العربية آنذاك، وآخرون بقوا في فلسطين التاريخية المحتلة عام 1948 ، أوجدت مشكلة التهجير ظاهرة فريدة من نوعها من حيث التصنيفات السكانية وهي مخيمات اللاجئين المنتشرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة وفي بعض البلدان العربية .

انبثقت بعد فترة من تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية وخاصة اثناء تواجدها في عام 1969 ، تشكيل اللجان الشعبية وخاصة في لبنان تم تشكيل اللجنة السياسية العليا والتي بدورها شكلت اللجان الشعبيه في المخيمات الفلسطينية ووضعت لها انظمة داخليه ، وكانت اللجنة الشعبية للاجئين في كل مخيم تضم اضافة الى ممثلي الفصائل الفلسطينية مندوب الكفاح المسلح وممثلين عن الاتحادات الشعبية ومؤسسات المجتمع المدني ومستقلين وهم امناء سر لجان الاحياء التي يتم انتخابها وتشكيلها في كل مخيم ، وكان الهدف من وراء تشكيلها خلق جسم سياسي اجتماعي تمثيلي للاجئين باعتبار أن هذا الجسم موجود فعلا بمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني، بمقدار ما كان هدف اللجان الشعبيه يتمحور بالمحافظة علي جوهر قضية اللاجئين بالدفاع عن حق العودة من خلال القرار الاممي 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة باعتباره شهادة صريحة لا لبس فيها عن هذا الحق الذي لا يمكن التفريط فيه ، أو التنازل عنه مهما تعاقبت الأيام والسنين.

وقد ساهمت اللجان الشعبية للاجئين في مخيمات لبنان كغيرها من المؤسسات الرسمية والشعبية بإعادة الاعتبار إلي قضية اللاجئين، ونشر الوعي تجاه حقوقهم، من خلال إحياء المناسبات الوطنية وإقامة الندوات والمعارض الهادفة إلي التمسك بحق العودة للديار والممتلكات والاشراف المباشر على البنى التحتية وملاحقة الاوضاع الاجتماعية والصحية والبيئية ، والحفاظ على الامن الاجتماعي ، كما كانت تقف اللجان الشعبيه بالمرصاد أمام المحاولات الرامية لتصفية حقوق اللاجئين وخاصة الخدمات التي تقدمها الاونروا، من خلال القيام في الاعتصامات .

ومن هنا كان لتشكيل اللجان الشعبيه قبل الاجتياح الصهيوني للبنان نكهة خاصة باعتبارها انها تضم في تشكيلاتها كافة ألوان الطيف السياسي ، وتمثيل واضح لمعظم قطاعات الشعب الفلسطيني ، بهدف إحداث المزيد من القوة والتأثير لدي أصحاب القرار ، و التمسك بحق اللاجئين في العودة إلي ديارهم وممتلكاتهم ، والتعويض أيضاً عما أصابهم من ضرر طوال فترة اللجوء والحرمان .

ومن منطلق معرفتنا بأهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه اللجنة الشعبية حول قضية اللاجئين ، وحقهم في العودة إلي ديارهم وممتلكاتهم ، وتعزيز هذا الحق في الوجدان الفلسطيني وغرسه في عقول أطفالنا وتنشئتهم للنضال من أجله ، وصولاً إلي شعوبنا العربية ومؤسسات المجتمع المدني العربي والدولي لإحقاق هذا الحق ، والوقوف إلي جانبه والتمسك به والمطالبة معنا بتحقيقه أسوة بلاجئي العالم .

وباعتبار ان الأهداف العامة للجنة الشعبية في المخيم واضحة من خلال الاتي :

ـ التمسك بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلي ديارهم وممتلكاتهم والتعويض عن كل ما أصابهم من ضرر خلال فترة لجوئهم ، وطبقاً للفقرة (11) من القرارالاممي 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948 ، والتمسك به باعتباره الأساس الشرعي والقانوني لتحقيق ذلك .

ـ الوقوف بحزم أمام كل المؤامرات والمبادرات المحلية والدولية التي تستهدف الانتقاص من هذا الحق أو تدعو لإسقاطه أو التنازل عنه .

ـ تعزيز ثقة اللاجئين بأنفسهم ، وحمايتهم من التأثيرات السلبية التي تواجههم علي كافة الصعد والتي قد تؤثر علي ذاكرتهم ، أو تضعف ثقتهم بأنفسهم والمطالبة بحقوقهم.

ـ التأكيد علي وحدة حال اللاجئين في فلسطين والشتات ، وبذل كل ما هو ممكن لتنسيق وتطوير العلاقة معهم أينما وجدوا .

ـ التأكيد علي إيجاد رؤية إستراتيجية موحدة لمسألة حقوق اللاجئين ، لا تنتقص من حق العودة للديار والممتلكات ، ولا تتعارض مع الحقوق الاجتماعية والاقتصادية التي يجب أن يتمتع بها اللاجئون الفلسطينيون .

ـ احترام كل المبادرات العاملة في حقل اللاجئين وبالذات التي تدعو للدفاع عن حقوق اللاجئين والتنسيق معها ، وفي مقدمتها حقهم في العودة إلي ديارهم وممتلكاتهم طبقا للقرار194.

ـ التأكيد علي مسؤولية الاحتلال الصهيوني المباشرة عن المأساة التي حلت باللاجئين الفلسطينيين ، والضغط علي المجتمع الدولي لإيجاد الآليات لتنفيذ القرار194.

ـ مطالبة المجتمع الدولي بإعادة الاعتبار للجنة التوثيق الدولية لتوفير الحماية للاجئين الفلسطينيين أينما وجدوا ، وحماية حقوقهم وأملاكهم في فلسطين إلي أن تتحقق عودتهم إليها .

ـ العمل علي تكامل الأدوار مع المؤسسات الرسمية وخاصة دائرة شؤون اللاجئين بمنظمة التحرير الفلسطينية كجهة اختصاص وتوحيد السياسات والمواقف وصولاً لحالة من الفهم المشترك تلافياً للمخاطر السياسية التي قد تحدق بقضية اللاجئين .

ـ مطالبة الدول المانحة بزيادة موازناتها لسد العجز في ميزانية الاونروا للاستمرار في تقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين ، ورفض أي فكرة لتقليص خدماتها أو نقل صلاحيتها إلي سلطات الدول المضيفة ، إلي حين حل قضيتهم حلاً عادلاً طبقا لقرارات الشرعية الدولية وفي مقدمتها القرار194.

لذلك فاننا نرى اهمية تفعيل اللجان الشعبية في المخيمات، وتفعيل قدرات أعضائها بتأمين خبرات فنية وتقنية، وتطوير العلاقة المتقدمة مع الشعب الفلسطيني لتوزيع الأدوار والمهام والخدمات، وتمكين وكالة الغوث من أداء دورها ومساعدتها للتغلب على حالة العجز المزمن في موازنتها لضمان تحسين خدماتها الأساسية في المخيمات وفي أوساط اللاجئين.

أن تعزيز دور اللجان الشعبية من خلال تشكيل لجان الاحياء في كل مخيم وتجمع وانضمام ممثلين عن الجمعيات والأندية والمراكز والمؤسسات يحقق المزيد من فعالية الخدمات، ويرسم سياسات عامة تحقق الخير والرفاه لأبناء شعبنا في المخيمات، وإن كون اللجان الشعبية قوية ومتفاعلة، يحقق أهداف ومصالح اللاجئين ويعزز ويخدم المشروع الوطني الفلسطيني.

ان العمل الجماعي إزاء الارتقاء بالأوضاع المعيشية للاجئين، في ظل وجود قلق وطني واسع إزاء مستقبل المخيمات والحقوق والمعاناة التي تعيشها المخيمات .

من الاهمية هنا التأكيد بعد انتخاب وتشكيل لجان الاحياء في المخيمات وادخال ممثلين عن الجمعيات والأندية والمراكز والمؤسسات الاهلية والاجتماعية العمل على اعتبار هذه اللجان هي بمثابة مجالس شعبيه تعقد اجتماعاتها كل فترة ثلاثة اشهرمن اجل بحث اوضاع المخيم .

وفي ظل هذه الاوضاع نرى اليوم تفاقم المشاكل الإنسانية وتصاعدها في المخيمات، وعدم تفاعل الجمهور مع اللجان الشعبية، كلها عوامل لها أثرها السلبي على اتخاد القرار، مع تراجع خدمات الأنروا مما زاد من التحديات أمام اللجان الشعبية الذي يتمثل دورها في الاهتمام بقضايا اللاجئين القاطنين في المخيمات الفلسطينية في لبنان في مختلف المجالات الخدماتية والتعليمية والثقافية والصحية، حيث تعمل منظمة التحرير الفلسطينية الان حسب امكانياتها على تطوير الخدمات في المخيمات، والأخذ بمتطلبات اللاجئين، كما عليها ان تشرف اللجان الشعبية على المشاريع المقدمة للمخيمات من المؤسسات والدول المانحة ووكالة الغوث الدولية، وتعمل على تحقيق التواصل الاجتماعي داخل المخيمات، إضافة إلى دورها التنسيقي مع المؤسسات العاملة خارج المخيمات فيما يخدم أهدافها التي تصب في مصلحة أبناء المخيمات في كافة مجالات الحياة، ومد جسور التواصل وتوثيق العلاقة بين اللجان الشعبية من جهة وربطها مع الجوار والبلديات من جهة أخرى من أجل مد يد التنسيق والتعاون.

ختاما : نحن نقدم وجهة نظر من اجل تعزيز دور اللجان الشعبيه باعتبارها القيادة اليومية في المخيمات التي من حقها ان تبقى على تواصل مع الجماهير ومن خلال اعادة تشكيل وانتخاب لجان الاحياء داخل كل المخيم ويكون امين سر لجنة الحي هو عضوا في اللجنة الشعبيه من اجل الحفاظ على وحدة المجتمع وتمسكه وحل كافة الاشكالات بروح من المسؤولية الوطنيه في مختلف المخيمات و التجمعات الفلسطينية كمدخل بما يعزز دوراللجنة الشعبيه وتمثيلها الوطني في التعبير عن حقوق ومصالح وتطلعات الشرائح الاجتماعية وكافة فئات الشعب الفلسطيني التي تمثلها.

بقلم/ عباس الجمعه