بين فترة واخرى نسمع عبر شاشات التلفاز وغيرها من سائل الاعلام عن مصطلح غسيل الاموال, الذى يرتبط بالاموال المشبوهة التى يتم كسبها باساليب غير مشروعة مثل تجارة المخدرات, والفساد, والرشاوى وغيرها0ان هذا الاسلوب المالى والتجارى القذر الذى يستخدم فى غسيل الاموال تحرمه القوانين الدولية, وتعاقب عليه دول العالم, ورغم ذلك مازال مستخدما ليشرعن هذه الاموال باستثمارها عبر مشاريع وطنية واضحة لجميع المواطنين ,ولكن السؤال الذى يطرح نفسه هل الغسيل يتعلق فقط بالأموال, او غسيل الادمغة؟ الذى تتبناه التيارات الدينية المتطرفة بحق المواطنين الذين يحملون افكارا متحررة نتيجة دراستهم فى اوروبا, ام هناك عمليات غسيل اخرى اشد خطوره على الوطن والمواطن؟اعتقد بانه يوجد ماهو اشد خطورة من غسيل الاموال والادمغة, وهو ما يسمى بغسيل المواقف لشخصية ما سواء كانت سياسية ,او اجتماعية,او اقتصادية, كما يحدث فى مجتمعنا الفلسطينى وذلك من خلال تلميعها واظهارها بمظهر الوطنية, والامانة, والاخلاص, وخوفها على مصلحة الوطن والمواطن, رغم ان هذه الشخصية تكون رائحتها العفنة قد ازكمت الانوف مما يجعل من المستحيل تسويقها اعلاميا, واقناع الناس بها وبوطنيتها, واخلاصها, للوطن والمواطن0ويبدو ان هناك بعض وسائل الاعلام فى وطننا تحاول القيام بما يمكن تسميته بغسيل الاشخاص, واظهارهم تحت عناوين وشعارات لامعة وبراقة فى كل المناسبات المختلفة كرجال اصلاح, او محللين سياسيين, ولكن عندما يشاهدهم المواطن فى احد وسائل الاعلام ويحاول ان يصل الى رؤية اوقناعة فى تحليلاتهم للافكار يصاب بالدهشة من سطحية الطرح ,او التكرارمما يجبره على على ترك الوسيلة الاعلامية التى يتابعها0إن ممارسة هذه السياسة الاعلامية بهذا الاسلوب هو مضيعة للوقت, لانها تعكس مدى الاستخفاف بعقول المواطنين من قبل افراد لديهم القدرة على غسيل المواقف الفاسدة لقيادات وحكومات ظلت تمارس كل أشكال الفساد بكل انواعه في فلسطين0 ان هذه القيادات والحكومات الفاسدة استطاعت من خلال الأموال المشيوهة التي وظفتها في مشاريع استثمارية مربحة, واستغلت جزءاً من هذه الارباح في شراء ضمائر بعض السياسيين والإعلاميين، وإنشاء مؤسسات إعلامية كان هدفها الاساسى لجم القيادات الوطنية الشريفة التي كان بامكانها إدارة البلاد بشكل سليم يؤدى الى تقدمها وتطويرها, وهذا ساعد محترفى غسيل المواقف فى الحياة السياسية وغيرها بالانتقال من مكانة كانوا فيها مجرد رموز للمتنفذين والمستقوين بالسلاح للحصول على الجاه والثروة على حساب دولة المؤسسات, والوطن والمواطن, إلى مكانة اصبحوا يقدمون أنفسهم للشعب على انهم رموز إصلاح وطني, يتبنون فيها قضايا ومطالب المواطنين من خلال الفضائيات بشعارات فضفاضة تدغدغ مشاعر المواطن البسيط، رغم معرفة المواطنين انهم هم من يمارسون الفساد, وتهديد وقمع شعبهم بالقوة ، وهم السبب فى ظهور التذمر والانتقادات لعدم العدل والمساواة بين المواطنين.ان المبالغ الكبيرة التي تصرف على حملات غسيل المواقف تحت اشراف وتنفيذ الرموز الفاسدة اصحاب المنفعة سياسيون واعلاميون, كان يمكن استثمارها فى مشاريع تفيد المواطنين لايجاد نوع من العدل والمساواة بينهم فى المجتمع 0ورغم أن هذا التمويل المالي القذر قد أفاد سياسيين وإعلاميين وهنا لا اعتراض على المكاسب المالية للسياسيين والإعلاميين المطحونين الذين يبحثون عن طعام اطفالهم ,ولكن اعترض على المنتفعين المرتزقه, وهذا يتطلب توضيح الحقيقة حتى يعرفها المواطنون, وحتى نفرق بين السياسيين والاعلاميين المخلصين لمواقفهم ومهنتهم ووطنهم وبين الصنف الاخر من السياسيين والاعلاميين المرتزقة0أن العمل فى السياسة والإعلام يحتاج الى الصدق, والامانة, والالتزام بالمعايير التى تمنعهم من ان يكونوا تابعين وراضخين لممولي حملات غسيل المواقف التى تساند الفساد والفاسدين, والتى تعمل على اخفاء الإدعاءات الخبيثة للسياسيين والاعلاميين الذين يقبضون مسبقا, او الاعلاميين الذين يصفقون من اجل مصالحهم الخاصة في كذبهم المفضوح , وادعاءاتهم بأنهم يخدمون الحقيقة من اجل الوطن والمواطن بعد ان اصبحت أعمالهم مكشوفة لكل الشعب, ولم تعد تنطلي إدعاءاتهم الفارغة على أحد, فالسياسة والحقيقة لا يخفيهما تضليل او فهلوة السياسيين والاعلاميين الفاسدين والمضللين للحقيقة0.لقد أصبح العالم اليوم مدينة اعلامية واحدة ومفتوحة, و لم يعد اى اعلامى او صحفى قادرا على تغيير الحقيقة ,و تسويق المفاهيم والاخبارالكاذبة, واتباع اسلوب الخداع ,ولناخذ امريكا مثالا على ذلك :رغم انها تمتلك أكبر ما كينة اعلامية في العالم, الا ان سياستها المزيفة والخادعة والكاذبة فيما يتعلق بالدفاع عن الديمقراطية, وحقوق الانسان, والحريات , اخذت تنهار أمام قوة الحقيقة ومنطق الحق والعدل, لذلك على وسائل الاعلام أن تمتنع عن هذه الأساليب المكشوفة و تعمل من اجل الحقيقة فقط ,وان تحترم مفاهيم الاعلام, ومهنيته, و موضوعيته, و إن تقوم بدورها الوطني والانساني بكل صدق وموضوعية باحترام مشاعر الناس وعقولهم ,واعطاء كل ذي حق حقه.
بقلم الكاتب// عزام الحملاوى