هناك في مكان بعيد أسود فى وصفٍه، عزيزاً مكرما ًفى قيمته فهو جزءاً من أرضنا التى نريد، يوجد به أشرف خلق هذه الأيام رجالاً ونساءاً واطفالاً ، أُناس أثقلهم القيد و أضناهم الحديد .. حياتهم دم و نار .. تمر عليهم الساعة و كأنها دهر.. يقاومون مرارة الظلم والبرد و الالم و الجوع ، فداءاً لأوطانهم، فهم من زلزلوا عروش الطغيان ومن زأروا في وجه العربدة الصهيونية فى وقت الخنوع ، هم الصامدون .. هم من وهبوا نفوسهم لمولاهم ودينهم ووطنهم ومن أجل أن يعيش شعبهم بأمن وأمان إنهم ضحايا صمتنا .. أشراف الأمه القابعين خلف الاسوار ...
لهذا لا نستطيع إلا أن نقف إجلالاً واكباراً لهؤلاء الأبطال الذين ضحوا بأجمل سنين أعمارهم ليعيش باقي افراد شعبهم كباقي شعوب الارض....فهؤلاء الأسرى لا يمكن لاي كلام مهما عظم أن يوافيهم ولو جزء بسيط مما يعانوه.
إحساس من الغربة
بعد أن سافرت إلى تركيا لاكمال دراسة الدكتوراة شعرت أكثر بحجم معاناه هؤلاء الأبطال، فقد عرفت ما معني الابتعاد عن الاهل والوطن، ( الزقاق والملعب و السوق وصراخ الاطفال حول كرة )، نعم هذا هو الوطن .....، وشعرت بقيمة مصطلحات كنت أعرفها من قبل وارددها صباح مساء، ولكن لم اكن اقدرها يوماً حق قدرها او اعرف المعني الحقيقي لها فقد كنت قادراً على تعريفها علما، ولكن بدون اى احساس بمرارتها ، ولكننى الان قد تعلمت واحسست بمعني "الغربة والتعب والقلق و العيش على امل العودة ". لذا عذراً منكم أيها الأبطال فقد قصرنا بحقكم، ولم نشعر بأوجاعكم الا بعد أن تألمنا بدرجات أقل بكثر من أوجاعكم.
رسالة إلى صديقى وجارى ابراهيم
عندما قررت الكتابة لك بالقلم، رأيت القلب يكتب قبل القلم، فأنت الصديق الذى شرفك الزمن، كيف لا و " ابراهيم البيطار" ذلك الرجل الخلوق، الهادئ المتزن، يشهد له الجميع بالخلق والادب، الأسير الصابر المحتسب لك منى ومن أهل فلسطين وسكان المخيم تحديداً كل احترام وتقدير، ونعبر لك عن اشتياقنا، فالمنطقة على حالها بأُناسها الطيبيين كما هم، لم ينقصهم شئ سوى عودة رحيق الزهور الى حديقتنا، نعم ننتظرك انت و امثالك.
صديقي ابراهيم مضت الايام ولم نكبر فما زلنا نحلم بعودة أيام الصبا من جديد، نلعب ونمرح ، ونتحدي من سيكسب ومن سيخسر فى لعبه كرة قدم بسيطة نلبعها حفاااااااه.
ولكن أقولها وبكل صراحة أحيانا أغضب عندما أستمع الى شخص يقول بان إبراهيم يُعاني من الاسر، أو أن ابراهيم مريض ، لأننى واثق بان الله لن يخذل دعاء المحبيين وستكون يوماً بيننا ننسامر من جديد.
فكيف يتعب ابراهيم وتلاحقه دعوات الرضا من الوالدين ؟ كيف يتعب " العرفاتى" يا ابراهيم ؟ السجون خلقت للرجال وانت وأمثالك اهلها ، وأبشر فلن يطول الإنتظار فالصبح آتِ لا محال ...
ختاماً: لن أجامل ففى الحقيقة الوطن يبقي وطن، وفلسطين عامرة بمن فوق أرضها او تحت ترابها، ولكن أنتم ايها الابطال كالمسك المخزون كلما طال غيابه زاد عبق عطره، فامام تضحياتكم وصبركم اقول لكم مني ومن شعبكم كل الشكر الجزيل فسلاماً لكم أيها الثوار....سلاماً لكم وأنتم الاحرار...
بقلم/ محمد احمد ابو سعده