عندما نتحدث عن الواقع المأساوي الفلسطيني لم نكن نحصر ما يجري فقط على ارض فلسطين ، لأن ما يجري وجرى في مخيّم عين الحلوة، من جريمة ترتكبها بحق المخيم واهله من قوى ظلامية ارهابية تكفيرية تتلطى بالدين، اصبحت تتطلب وقفة جادة من كافة القوى والفصائل ، لان للاسف ما رأيناه من تصريحا لبعض الإسلاميين، يؤكد على ربط ما يجري في عين الحلوة باوضاع المنطقة وما يتم من محاولات لفصل قطاع غزة عن الكيان الوطني الفلسطيني بهدف الوصول لشطب حقوق الشعب الفلسطيني وفي مقدمتها حق العودة .
من المحتمل إذا صحت هذه المقاربة، أن تكون الغاية مما يجري في مخيم عين الحلوة اخذ المخيم رهينة كما حصل في مخيم اليرموك ، لأن الهدف اصبح واضح هو إلغاء المخــيم وشطب حق العودة وطمس الهوية الفلسطينية، هذه الهوية التي دافع عنها الشهداء القادة العظام وفي مقدمتهم الرئيس الرمز ياسر عرفات والحكيم جورج حبش وفارس فلسطين ابو العباس وناجي العلي وابو عدنان قيس وسعيد اليوسف، على سبيل المثال لا الحصر طبعاً.
امام كل ذلك اسأل هل ما تقوم به الجماعات الظلامية الارهابية التكفيرية في مخيم عين الحلوة، تلك البقعة التي تحيطها من كل الجهات معاناة لا يستطيع المرء أن يتخيلها أبداً، يستحق شعب هذا المخيم مكافأته حتى ينزح اهله في شوراع صيدا ، بعد أن تركوا بيوتهم بسبب انفلات القوى الظلامية في المخيم ليصبح وضع الاهالي مزري، دون ان يتوفر لهم المأكل والمشرب والمأوى والغطاء، حيث يفترشون الأرض دون فراش أو كراسي.
وفي هذه اللحظات اقول ان العلاقة التاريخية الراقية بين حركة فتح وجبهة التحرير الفلسطينية ، هذه العلاقة التي اكدها الشهداء القادة الرئيس الرمز ياسر عرفات والقائد ابو جهاد الوزير والقادة ابو العباس وطلعت يعقوب فكانت علاقة الثقة والمحبة والاحترام والقرار الواحد .
لهذا نرى ان بعض عابري السبيل يعمل دون قصد على توتير العلاقة بين أعرق واشد تنظيمين في منظمة التحرير ، لقد تناسوا للاسف عندما وقف الرئيس الشهيد ياسر عرفات في المجلس الوطني الفلسطيني وامام جميع الامناء العامون ليقول للشهيد القائد الامين العام ابو العباس اخي وحبيبي ابو العباس ايها المقاتل الشرس ، وهنا صفق الحضور وهتف تحيا الثورة ، وحدة وحدة وطنية .
ان ثقافة العلاقة بين فتح جبهة التحرير الفلسطينية هي علاقة تاريخية لا يمكن لاحد مهما حاول ان يسيئ لهذه العلاقة التي كتبت بدماء الشهداء وبالدفاع عن منظمة التحرير الفلسطينية فهذا الوفاء لا يكون الا بالوفاء في أوقات الضرورة الوطنية خاصة، ولهذا من المعيب ان يقدم البعض على الطعن في الظهر لهذه العلاقة ، ومن العيب على البعض توتير الاجواء وتحطيم تاريخ مشرف من العلاقة الراقية التي تشكل نبراس لكل المناضلين ، وليعلم الجميع ان موقف جبهة التحرير الفلسطينية واضح ، هو يعتبر ان القوى الظلامية والارهابيه التي تريد تعكير صفوة الامن في المخيمات وخاصة مخيم عين الحلوة كما حصل في سوريا هي قوى تخدم مخططات القوى الامبريالية والصهيونية ، ولا تمت للشعب الفلسطيني بصلة ويجب مواجهتها ، ومن يدافع عنها هو مجرم بحق الشعب الفلسطيني ، هذه هي القيم والاخلاق الثورية لجبهة التحرير الفلسطينية .
لهذا فأن جبهة التحرير الفلسطينية وقيادتها وما يجمعها مع حركة فتح هو تاريخ طويل جدا ممزوج بالدم والتضحيات من اجل الوصول الى تحقيق اماني وتطلعات واهداف شعبنا
الفلسطيني ، ومهما كان الاختلاف الا ان ما يجمع الفصيلين اشياء كثيره تجسدت في كافة المعارك والمواقف بأبهى صورها وأروع صفحات الصمود والتضحية ، حيث حفرت في ذاكرتنا وستبقى محفورة في ذاكرة الأجيال المتعاقبة وفي التاريخ الفلسطيني لكافة المناضلين ونماذج تحتذى بها في مقارعة الاحتلال ، في وقت يعاني فيه الشعب الفلسطيني من آثار الانقسام وتبعاته المدمرة ووحدته الممزقة .
لقد واجهت جبهة التحرير وحركة فتح كافة المؤامرات على منظمة التحرير الفلسطينية بقوة ، واستطاعت بكل الايمان والتحدي الحفاظ على القرار الفلسطيني المستقل، رغم ما تركته كل الجراح والآلام في مسار النضال الوطني ، لكنهما كانتا الجبهة القوية المتراصة ليصنعان تراثا حيا ومتجددا في مواجهة القوى الامبريالية والمؤامرات الصهيونية ،هذا التلاحم الرائع بصورته الحقيقية، كان وما زال الدرع المتين للعلاقة ودفعها بقوة وثبات ،ولتكون برهانا قويا على صلابة الوحدة الوطنية وحماية منظمة التحرير، وقدرتهم على مواجهة المؤامرات والمتآمرين على شعبنا ،حتى تبقى هذه العلاقة شامخة اصيلة، وفاء للمسيرة النضالية ، فتراثنا الوطني قابضا بيد من حديد على مواجهة القوى الارهابية التي تتغطى بالدين وتريد اخذ مخيمات شعبنا وخاصة مخيم عين الحلوة الى المجهول ، بهدف الوصول لشطب حق العودة ، مما يستدعي من جميع القوى والفصائل توحيد الموقف والوقوف الى جانب حركة فتح والقوة الامنية الفلسطينية وتحصين الساحة الفلسطينية ومواجهة المخطط المشبوه الذي يستهدف أمن واستقرار مخيم عين الحلوة والعمل على انهاء هذه الظواهر الشاذة التي تسعى الى تهجير الشعب الفلسطيني وشطب حق العودة لمصلحة العدو الصهيوني
لقد بات واضحاً من خلال الأحداث الأمنية في مخيم عين الحلوة أن المستهدف الرئيس هي منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح على وجه الخصوص وما يؤكد ذلك محاولات الاغتيال المتتالية في الشهرين المنصرمين، فنحن ننتظر مواقف كل الفصائل والقوى لمواجهة هذه المؤامره الكبيره على مخيم عين الحلوة الذي تريد تضييع حق العودة من خلال تهجير شعبنا وشطب حق العودة لب القضية الفلسطينية.
أن ما يجري من أحداث واغتيالات في المخيم هو حملة تصفية تقوم بها قوى ارهابية وظلامية مدعومة من بعض الجهات الاسلامية حتى ولو بالمواقف ، لكنها لا تريد الدخول مباشرة في واجهة هذه الأحداث، وان هذه الاحداث ليست مفصولة عما يجري في المنطقة ومن اتفاقٍ يتم الحديث عنه من مشروع بلير التأمري وهو أخطر على القضية الفلسطينية من اتفاقية أوسلو،بهدف فصل قطاع غزة عن الكيان الوطني الفلسطيني مقابل أن تفك حكومة العدو الحصار عن قطاع غزة، أيّ أن تتوفر بعض الخدمات للفلسطينيين في القطاع، شرط أن يعيشوا في سجن كبير وبلا مقاومة.
لذلك اقول ان أحداث مخيم عين الحلوة تأتي وفق مؤامرة خطيرة ، لأن المخيم هو أكبر المخيمات الفلسطينية بعد مخيم اليرموك، وهي تحمل أجندة خارجية لتدمير وتهجير أهالي المخيم، رغم حرص منظمة التحرير الفلسطينية على ضرورة ان تبقى كافة القوى بدون استثناء مرجعية سياسية وطنية موحدة.
ومن موقعنا نشدد على اهمية الحس الوطني الذي يتطلب من الجميع الانتباه لطبيعة الموضوع ، مما يتطلب ضرورة التحصين السياسي للواقع الفلسطيني في لبنان وتحديدا المخيمات وخاصة مخيم عين الحلوة ،لان ما عبرت عنه جماهير مخيم عين الحلوة بمواجهة القوى المتطرفة ، يؤكد على لحمة المجتمع الفلسطيني في مسألة حفظ الأمن لانه يجب ان لا يبقى الشعب الفلسطيني بعيش مأساة لا تنتهي من قبل من خسروا ضمائرهم ، فهو يتطلع منا العيش بحياة كريمة .
ختاما لا بد من القول : في مثل هذه الأجواء من التراجع والرخاوة والمظاهر المرضية التي تتفاقم نتيجة مظاهر المحسوبيات والعائلية، تتراجع الهوية الفكرية لاي تنظيم او حزب ، مما يتطلب من الجميع واقصد هنا فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح من موقع الحرص على اهمية تعزيز وحدتها ودورها ، فيكفي الفصائل والقوى ما قدمت من شهداء وجرخى واسرى ، وتحمل الكثيرون من ابنائها كل اشكال المعاناة ، مما يستدعي موقف واضح مما يجري حفاظا على التضحيات التي قدمتها وقدمها شعبنا والتي تشكل تراثا خالدا نعتز به ، وهنا لا بد من ان نثمن مواقف الدكتور اسامة سعد الامين العام للتنظيم الشعبي الناصري الذي طلب بان يكون الموقف واضح مما يتعرض له المشروع الوطني الفلسطيني من خلال استهداف مخيم عين الحلوة .
بقلم/ عباس الجمعة