روميو وجولييت ..وفي فلسطين ؟!

بقلم: حامد أبوعمرة

ولم يبقى لطلاب وطالبات التوجيهي في فلسطين في الضفة وغزة .. وسط أجواء الحصار المحكم ،والحياة الصعبة القاسية ،ووسط الزحام ،والفقر المدقع ..سوى أن يدرسوا هذا العام في مادة اللغة الانجليزية قصة رومانسية جديدة لا تتناسب مع عاداتنا وتقاليدنا ولا عقيدتنا ..قصة مقررة عليهم ..والقصة الغرامية ، والتي هي من نبع الكلاسيكيات العالمية بعنوان " روميو وجولييت -"Romeo and Juliet"..!! سبحانك يارب.. وهل ضاقت بنا السبل وانتهت قصص البطولة ،والكرامة، والرجولة من عالمنا العربي العريق الشامخ ونحن أصحاب القصص العربية الرائعة ..؟!! لكن على ما يبدو أن الذين وضعوا منهاج اللغة الانجليزية الجديد حاولوا قدر المستطاع أن يُفرّجوا عن كرب الطلاب ،وليمحو من ذاكرتهم ويلات الحروب ،والمآسي التي يتعرض لها أبناء شعبنا المرابط على هذه الأرض المباركة ..هم أرادوا أي واضعي المنهاج الجديد سامحهم الله .. أن يرسموا خريطة جديدة لتلطيف الأجواء الضبابية والكالحة ،على الطريقة الرومانتيكية الشكسبيرية.. حتى يثبتوا للعالم جميعا بأننا رغم مقاومتنا الباسلة ،ودفاعنا عن أرضنا سواء بالدبلوماسية الحكيمة أو بالكفاح المسلح ..ورغم ظلمنا بأننا لا نعرف عن الحياة سوى الإرهاب.. أننا لنا قلوبا تعشق ،وتحب وتحلم ،وتحب الحياة كما بقية الشعوب وإلا ما تفسيرنا لدراسة تلك القصة والتي هي للكاتب المسرحي الشهير وليم شكسبير (1564-1616) والذي هومن أعظم الشعراء والكتاب المسرحيين الإنكليز، وفي القصة ومافيها على عجالة.. إن روميو وجولييت أحب كل منهما الآخر حبا صادقا .. لكنهم من عائلتين بينهما قتال وثأر .. حيث أن روميو وجولييت قد انتحرا ..فروميو تجرع قارورة السم الصغيرة ليموت بين يديها وذلك القرار الذي اتخذه لما تصور أن جولييت قد ماتت لكنها حينئذ لم تمت، وتستيقظ جوليت من نومتها لتجد أن روميو ميت بجوارها وبدون تفكير تأخذ خنجره لتزرعه في قلبها وتموت هي أيضاً ، لكن بتلك الفاجعة يبين لنا وليم شكسبير أن الحب هو الذي صالح بين العائلتين اللتان لم يستطع القانون ممثلا بالأمير أن يصلح بينهما ..حقيقة كان الله في عون معلمينا عندما يُدرّسون مثل تلك القصص للشبان والفتيات، وكان الله في عونهم عندما يُسألون ..لكن السؤال هذه المرة لمدير عام القياس والتقويم والامتحانات بوزارة التربية والتعليم العالي ،وواضعي المناهج التربوية أسألكم بالله هل تتناسب مثل تلك الدراسة مع عاداتنا وتقاليدنا .. إذا كانت قصة الملك لير " King Lear"وهي أيضا لذات الكاتب قد حذفت من قبل في مساق اللغة الإنجليزية عن كافة الفروع..تخفيفا عن الطلبة ومراعاة لظروفهم.. فهل تراعي قصة " روميو وجولييت "بيئتنا العربية الخالصة ،وخاصة في بلادنا ..وهل يمكن يلتقي الكفاح والجهاد من أجل التحرير..تحرير بلادنا مع الرومانسية والعشق والغرام في آن واحد ..؟!

قد يطل علينا أحد الذين يمكن أن يجيبوا عما قريب ليقول لنا ..وما شأنك ثم أن القصة القادمة التي نعدها لطلاب التوجيهي هي .."كليوباترا ومارك انطونيو"شئت أم أبيت ..مساكين مثل أولئك القوم لأنهم بطريقة ما أو بأخرى لا يعلمون بأنهم يجملون الوجه القبيح للاحتلال البريطاني الذي دمر بلادنا ،وأنهم بذلك يرفعون رايات الغرام والعشق للاحتلال الإسرائيلي .. !!

بقلم / حامد أبوعمرة