مرة اخرى يثبت العماد ميشيل عون زعيم تيار "التغيير والإصلاح" أنه الرجل القوي في لبنان على الصعيد المسيحي،حيث غصت ساحة الشهداء بعشرات الألآف من مناصريه الذين جاؤوا من مختلف المناطق اللبنانية،من بيروت والجبل،من البقاع والشمال والجنوب،إحتشدوا في ساحة الشهداء المزينة والمغطاة بألوان العلم اللبناني واللون البرتقالي،لون علم تكتل "التغيير والإصلاح" رافعين شعار "الإنتخابات وحدها بتنضف" ولافتات طالبت بالإصلاح والمشاركة الحقيقية والانتخابات النيابية وانتخاب رئيس قوي للجمهورية،فيما عكست كلمة رئيس التيار ووزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل مطالب الحزب،والتي هي مطالب الشعب اللبناني جميعه،في بلد حولته جماعة (14) آذار والحكومة اللبنانية المحكومة والمدارة من قبل مشيخات النفط والكاز الخليجي وعلى وجه الخصوص السعودية،وكذلك السفارات الغربية وبالذات الأمريكية والفرنسية إلى مزرعة ومرتع للفساد والمافيات والمليشيات،وعززت من الفوارق الإجتماعية والطبقية،وإنعدمت الخدمات العامة، وتعززت الطائفية والمذهبية في المجتمع اللبناني،وأصبحت المافيات والعصابات الماجورة تجد الدعم والرعاية من الجهات النافذة في الحكومة اللبنانية وتيار المستقبل،ناهيك عن التفريط بالكرامة والسيادة الوطنية لجهات خارجية أجنداتها واهدافها لها الأولوية على أجندات واهداف ومصالح الشعب اللبناني
جبران باسيل رئيس التيار ووزير الخارجية والمغتربين،ألقى كلمة،بمعانيها ومضامينها عبرت عن موقف وطني وقومي أصيل،لخص وكثف فيها مطالب كل اللبنانيين،فكانت كلمته تعبيراً عن همهم وألمهم وغضبهم وما يعتمر قلوبهم من إحباط ويأس وفقدان للثقة من الطائفية والحزبية والطبقة السياسية الحاكمة،والحكومة غير المالكة لإرادتها وقرارها،ولذلك كلمته كانت تقدمية وثورية بكل المعاني والمقاييس،فلربما هذا التيار يكون الأول على الصعيد المسيحي وحتى الإسلامي،طبعاً مضافاً لذلك حزب الله اللبناني،من يدعو الى لبنان حر ديمقراطي لكل اللبنانيين،بعيداً عن الطائفية والمذهبية،وكم هي كلماته رائعة وعميقة ومعبرة وناقدة وناقمة وساخطة على ما هو قائم وموجود من نظام وحكومة فاسدة ومهترئة،عندما يقول : «يريدون حرماننا من الحلم، وحلمنا أن يكون عندنا دولة وليس مزرعة، ونحن أولاد هذه الأرض. نريد رئيساً حراً ينتخبه شعبه ويمتلك قراره في قوته الشعبية والدستورية، نريد رئيساً نظيفاً لا يغطي الفساد بل ينتفض عليه،ونريد دولة يكون فيها مجلس نواب لا يمدد لنفسه وينتهك الصلاحيات. حلمنا بدولة يحمينا فيها القضاء، ويكون فيها أمن وقوة في جيشه، وفيها إعلام ينصف الأوادم ويحاسب المجرمين، نريد دولة يكون فيها كهرباء 24/24 بالطاقة المتجددة، دولة لا تكون بيد الفاسدين، نريد دولة يكون فيها مياه لا أن يوقفوا السدود بحجة البيئة».
هذا ليس حلم اللبنانيين وحدهم،بل حلم كل المواطنين العرب في دولهم،حيث يعيشون حالة إغتراب في اوطانهم،عندما تفشل الدول العربية الحديثة في إقامة مجتمعات المواطنة والعدالة الإجتماعية،وتمارس كل أشكال القمع والإضطهاد بحق شعوبها،وتعمق من الفجوات والفوارق الإجتماعية بينهم،وتزيد نسبة الفقر والجهل والبطالة في صفوفهم،ويحرمون من حرية التعبير والمشاركة في القرار والحكم،وتصادر وتمتهن حرياتهم وكراماتهم،فحتماً سيتجهون نحو الجماعات الإرهابية المتطرفة من " القاعدة" ومتفرعاتها من "داعش" و"النصرة" وغيرها.
فنحن كفلسطينيين ألمنا وهمنا مضاعفاً من الإحتلال والسلطات الحاكمة،إحتلال يحرمنا من كامل حقوقنا وحقنا في الحرية والإستقلال،وسلطتين في الضفة والقطاع تغلبان مصالحهما وأجنداتهما على اجندات ومصالح الشعب الفلسطيني،وكما عبر جبران باسيل،هم يريدون أن يتساوا في الدولة،لا يريدون أن من يدفع الكهرباء لا يحصل عليها فيما الذي لا يدفع يحصل عليها ويقطع الطرق،هو لا يتحدث عن هم ووجع اللبنانيين،بل هم ووجع كل المواطنين العرب،الذين ابتلاهم الله في قيادات حولت بلدانهم الى اقطاعيات ومزارع خاصة لهم ولعائلاتهم وقبائلهم واحزابهم،لا مساواة فيها بالحقوق ولا بالواجبات، انظمة تفرط بالسيادة الوطنية،وتحكم بقوة الخارج لا بثقة الداخل فيها، وهذا لا يحق لا امناً ولا إستقراراً،فالأمن والإستقرار يتحققان عبر الديمقراطية ومشاركة الشعب بالإنتخاب بحرية،ولا إستقرار بدون رغبة اللبنانيين.
هم يريدون من اللبنانيين التصويت للمقاومة التي تحافظ وتصون سيادة البلد الوطنية،وتحمي كرامات أبنائها،المقاومة التي حررت لبنان واعادت أسراها،المقاومة التي لولاها لإستباحت اسرائيل أرض وسماء وبحر لبنان بشكل يومي،المقاومة التي تحرر اللبنانيين من الوصاية والتدخل في شؤونهم الداخلية،المقاومة التي تعتبر وجود اللاجئين من فلسطينيين وسوريين وغيرهم على أرضها ضيافة مؤقته،حتى يعودوا لديارهم التي شردوا منها،وحتى تبقى لبنان للبنان وتبقى أرضه.
ويؤكد تيار الإصلاح والتغيير ويدعو اللبنانيين الى اوسع مشاركة في الإنتخابات من أجل نبذ الفساد وطرد العملاء والمأجوريين،ويشدد التيار على ضرورة الشراكة والمشاركة من كل فئات وطوائف ومذاهب الشعب اللبناني في القرار والحكم،لصناعة مستقبل بالعز والكرامة لا بالرضوخ ولا بالإستسلام،والعماد عون غرز في أنصاره واعضاء حزبه نهج وخيار المقاومة والنضال لا الخنوع والإستسلام.
ودعوة عون أنصاره للإحتشاد في ساحة الشهداء،هي بمثابة "بروفا" لحشود اكبر لكل اللبنانيين على شكل "تسونامي" بشري الى قصر الشعب،رافعين شعارات مطلبية،تحسن وتغير من ظروف وشروط حياتهم الإقتصادية والإجتماعية،من خلال حكومة قادرة على تأمين حاجاتهم ومتطلباتهم الأساسية للحياة من كهرباء وماء ونفط وغاز،وكذلك قانون انتخابي عصري يمكنهم من انتخاب رئيس للبنان بإرادة حرة،وان يقول الشعب كلمته،وليس عبر إملاءات مشيخات النفط والغاز الخليجي والسفارات الغربية.
عون نجح في ان يكون هو وتياره"التغيير والإصلاح" الرقم الصعب في المعادلة اللبنانية،وبأنه ما زال الأقوى مسيحياً،وتياره الذي انطلق من الشارع ومن رحم المؤسسة العسكرية،دخل الى الحكم أيضاً من الشارع،وصرخته هي صرخة الشعب اللبناني وستبقى كذلك،وحربهم ومعركتهم ليست من أجل فئة او طائفة،بل من اجل كل اللبنانيين.
وختمت قيادات وأعضاء وانصار عون مهرجانها وتظاهرتها في ساحة الشهداء بالقول : «إن الساحات هي الموقع الطبيعي للتيّار الوطنيّ الحرّ متى ناداها الوطن والواجب الوطني».
بقلم :- راسم عبيدات
القدس المحتلة – فلسطين
6/9/2015
0524533879
Quds. [email protected]