محاولة فاشلة كانت ستعزز صراعات داخلية في منظمة "التمرير" الفلسطينية وبين الفصائل بشكل عام حينما قررت فئة داخل حركة فتح أن تستخدم المجلس الوطني المشلول إلا بقرار لمصالحها في تعزيز نفوذها؛ تاركة بذلك منظمة منقسمة وفصائل مشتتة وحال تخبط، إلا أن رؤية حركة حماس وإسناد الفصائل لها بما في ذلك المنضوية تحت إطار المنظمة وقيادات وازنة في حركة فتح جعلت تلك الخطة تفشل ما يعني أن رسائل مهمة وصلت من تلك المحاولة الفاشلة.
ولعل أبرز تلك الرسائل أنه بات من الماضي أن يجلس اثنان الشيطان ثالثهما ويقرران مصير شعب يعاني ويلات الاحتلال وفساد السلطة، وبات من الماضي أن تنسج المسرحيات التي دائما يحاول الطرف المخرج لها أن يخلق عدوا داخل الساحة الفلسطينية؛ فتارة حماس وتارة قيادات أخرى داخل حركة فتح وتارة دول عربية وتارة اليسار وكل هذا من أجل أن تحقق مصالح فئوية وشخصية وتمكين وتوريث وغير ذلك؛ إلا أن هذه المرة كانت للتأجيل دلالة كبيرة ولو مؤقتا أن تجاهل الشعب وفصائله أمرا بات مستحيلا.
ومن بين الرسائل ظهور القوة التأثيرية لحركة حماس على صعيد الفصائل؛ تلك القوة التي أثبتت جديتها في خوض الشراكة والانتخابات عام 2006 وأثبتت صمودها في وجه ثلاث حروب عسكريا وإداريا وأمنيا في القطاع؛ كما أنها أثبتت وطنيتها في منع شلال دماء داخلية في الضفة فكان رصاصها صوب الاحتلال رغم ما تمارسه السلطة بحق كوادرها وأعضائها ومؤسساتها.
ومن بين الرسائل أيضا صفعة كبيرة للإقصاء وتجاهل الاتفاقيات المبرمة في العواصم العربية؛ فاتفاقية القاهرة وصنعاء والدوحة والشاطئ كلها تتنافى مع المحاولة الفاشلة في صناعة جسم للمجلس الوطني والمنظمة دون العودة للإطار القيادي لها والمتفق عليه فصائليا برعاية عربية.
وفي خضم تلك الرسائل بات الآن على القيادات المهمة والوازنة في حركة فتح قطع الطريق على نظرية الإقصاء من خلال التعزيز لفكرة الشراكة والنزاهة في المؤتمر السابع للحركة وأن لا يكون للبطش الأمني والترهيب الداخلي المعتاد قبيل كل مرحلة في الحركة تأثير على ولادة الحركة من جديد برؤية يشترك فيها الكل الفتحاوي بعيدا عن الإقصاء والحسابات الاقتصادية والتوريث وغيرها، لأن ذلك من شأنه أن ينعكس إيجابا على الشراكة الوطنية ككل.
أما على الصعيد السياسي فالمحاولة الفاشلة لتجاوز دور المجلس التشريعي تجعل من المهم في المرحلة المقبلة أن يعاد له دوره وأن لا يتم تهميشه بحجة التوافق وهذا يعني أن أي حكومة أو قانون قادم يجب أن يكون القول الفصل فيه للمجلس التشريعي المنتخب لأن ذلك يعني أن مسار التوافق مكتمل بهذه الصورة؛ وغير ذلك فخلق مجلس وطني وابتكار أسماء وإضافة أخرى في اللحظات الأخيرة لا يعكس رأي الشارع في فلسطين وكل الشتات؛ فلم تعد لعبة المجالس الغامضة والهيئات المشلولة إلا بقرار حزبي تؤتي أكلها لصالح فئة معينة.
في المحصلة توافق فلسطيني يعد الآن استحقاقا بعد أن كان البعض يأخذه وسيلة لسيطرة هنا أو مؤامرة هناك، فالاتفاقيات التي وقعتها الفصائل هي المخرج الوحيد للذهاب قدما نحو أفق سياسي ديمقراطي لا يخضع لابتزاز أو بطش أمني وغير ذلك.
بقلم/ محمد القيق