بعد كل ما سمعنا وشاهدنا جاء قرار التأجيل بعد تصريحات وخطابات ومؤتمرات تتحدث عن أسباب طلب تأجيل المجلس الوطني والتي كانت تعبر عن منطلقات ونوايا وأسباب متعددة لكنها في نهاية المطاف تصب في خانة التأجيل أو التعطيل أو الاعاقة ....في ظل مبررات متعددة بعضها يتعلق بالتحضير الأفضل ...والأخر بضرورة الاعداد الجيد ..وهناك من كانوا أكثر صراحة عندما طالبوا بأن يسبق الانعقاد اجتماع الاطار القيادي ..والتئام المجلس التشريعي ..وأن يتم العمل علي تشكيل حكومة وحدة وطنية وتحديد استراتيجية وطنية وغيرها من المطالب والتي لا تعبر عن أليات تنفيذها ...ولكنها تأتي في سياق المناكفات والتجاذبات وحتي المزايدات السياسية والاعلامية لكسب قواعد جماهيرية أكبر في ظل فقد هذه القواعد التي ملت الاستماع والمشاهدة ...و التي لم يعد ينطلي عليها معظم ما يقال في ظل ظروف انسانية غاية بالصعوبة وأوضاع اقتصادية سيئة وواقع غياب الأمال وتعثر الاحوال .
وهناك من يري أن المطالبات بالتأجيل تأتي في اطار صراع الحكم والبرامج ...والوسائل... ليس أكثر ....وأن كل ما نسمعه ونشاهده من اسباب ومبررات لم تعد تنطلي علي أحد... وأن المسيطر علي المشهد السياسي الفلسطيني حالة الانقسام الأسود في ظل ثقافات تعتمد التشهير والتجريح ووسائل اعلامية منفلته لا ضابط ولا حاكم لها .
المشهد الفلسطيني المتأزم بفعل علاقات داخلية فصائلية غاية بالسوء وفي واقع بعض الانجازات السياسية الرمزية والتي تحمل في طياتها معاني ودلالات غاية بالاهمية.... في ظل هذا الاعتراف الدولي الحاشد بالدولة الفلسطينية بصفة مراقب بالامم المتحدة ...وحتي أمس بالموافقة علي رفع علم فلسطين علي الأمم المتحدة ....هذا الحشد الدولي المساند والداعم للقضية الفلسطينية لا يكثر الحديث حوله ...بل لا يسجل علي انه انجازا سياسيا ودبلوماسيا ....في محاولة للتقزيم في ظل غلبه واقع الانقسام الاسود والتجاذبات والمناكفات والحملات الاعلامية التي تثقل علينا.... وتحملنا من الاعباء والالام بأكثر مما نحن عليه ....في ظل ظروف قاسية ...وواقع مؤلم ....ومستقبل مجهول... يحمل في طياته الكثير من خيبات الامل في ظل واقع المشهد الداخلي والاقليمي وافتقار الرؤية الصائبة والعمل الجمعي القادر علي الخروج من هذا المأزق الذي وضعنا أنفسنا فيه.... وأصبحنا نتلذذ بسادية عالية.... علي تعذيب انفسنا وزيادة الالم بداخلنا ...وكانه لا يكفي علينا ممارسات المحتل الاسرائيلي وغطرسته وجرائمه ضد شعبنا .....حتي أصبحنا نبحث ليلا ونهارا متسائلين وباحثين عن حقيقة الخلاف الذي يعصف بنا ويتداخل في أدق تفاصيل حياتنا ....وما العائد علينا ...من هذا الخلاف الا الويلات ...والنكبات ...وتأخير حل قضيتنا والوصول الي دولتنا وحتي تعزيز مقومات صمودنا ....نأخذ وقت طويل ونحن نبحث عن مدي صوابية الخلاف فلا نجد أي فائدة تذكر يمكن أن تعود علي شعبنا وقضيتنا بهذا التقسيم ....وبهذه العناوين ...وبهذه البرامج ....وبهذه الوسائل حتي أصبحنا أمام سؤال كبير ..هل نحن أمام صراع حكم ...أم نسعي لشراكة حكم ؟؟...نحن لا نتحدث بصراحة حول حقيقة المواقف وأسبابها الحقيقية فهل هذا يأتي في سياق التكتيك السياسي ؟؟ ...أم في ظل محاولة الكسب غير المشروع لقواعد جماهيرية في ظل التضليل وتغييب الكثير من الحقائق ؟؟ ...أم لا زالنا لا نمتلك الفكر المستنير والوعي السياسي الذي يمكننا من شجاعة اتخاذ القرار وابقاء المواقف دون حسم أو فرز وترك أمورنا للزمن وتقلباته وتبعاته ؟؟...وهل ما نسمعه من حلاوة الكلام حول الحرص علي منظمة التحرير التي قيل فيها الكثير لانقاذها ؟؟ ...أم لانقاذهم ؟؟ .
منظمة التحرير الفلسطينية ممثلنا الشرعي والوحيد ستبقي تمثل الوطن المعنوي والعنوان الشرعي السياسي والكفاحي لشعبنا الفلسطيني بكافة أماكن تواجده ...وستبقي العنوان والقرار داخل الوطن وخارجه باعتبارها الحقيقة السياسية التاريخية والنضالية... والتي لا تحتاج الي شرعية من أحد .....ولا تكون محل مساومة وانتهازية سياسية لكسب المواقف واعلاء شأن بعضها .
قرار التأجيل وضرورة عقد المجلس الوطني خلال 3 شهور سيبقي السؤال مطروحا حول الجديد في قادم الأيام ...والذي سيجعل في المواقف ما يوفر أرضية التوافق ...بعد أن شاهدنا أرضية الخلاف... والتي مللنا من مشاهدتها والاستماع الي من يغذون الخلاف ....وضعف صوت من ينادون بالوحدة وتصليب المواقف وتعزيز لغة الحوار وانهاء حالة الشك وعدم الثقة .
ان الصورة المشوهه لقضيتنا... والمخربة لمشروعنا الوطني وزيادة أعباءنا وحسرتنا علي حالنا ....بعد عقود طويلة من النضال والتضحيات والغريب ...أننا لا نتعلم من تاريخنا وتجربتنا الطويلة ...حتي أننا لا نتعلم من تجارب غيرنا من الشعوب.... التي تعاني ويلات الخلاف والتي وصلت الي مرحلة دفع الثمن من حريتها واستقرارها ...حتي أصبح جزء من شعوبها يهجر الي دول صانعه الفتنة بداخلها ...حتي مزاعم الديمقراطية الزائفة ....وتدخل الاخرين بشئونها وعلاقاتها الداخلية .
فكل الغرابة أن لا نتعلم من تجربتنا الطويلة ....ولا من تجارب غيرنا .
بقلم/ وفيق زنداح