طوفان اللجوء السوري إلى اوروبا

بقلم: رشيد شاهين

هل اصبحت اوروبا في وضع "صعب" بعد اربعة اعوام من الحرب في سوريا وتدفق هذا العدد الهائل من اللاجئين وخاصة السوريين اليها بسبب ويلات الحرب المستمرة هناك، والتي ساهمت أوروبا في اشعالها بشكل مباشر وغير مباشر، ليس في سوريا فقط، وانما في العديد من الدول العربية.
قبل عدة أيام، لم يتردد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، في دعوة الدول الغربية إلى تحمل مسؤولياتها فيما يتعلق بقضية اللاجئين وخاصة من سوريا، محملا تلك الدول مسؤولية إشعال فتيل النزاعات.
كما قال "إن من متطلبات تحقيق العدالة، أن تتحمل الدول التي اشعلت النزاعات، أكبر قدر من السؤولية فيما يخص تقديم المساعدات الانسانية".
هذا الموقف، يعكس بوضوح أهم أسباب نشووء "أزمة" اللجوء الى اوروبا، حيث بات من المعروف، ان العديد من دول اوروبا وكذلك امريكا وبعض دول العرب، متورطة حتى النخاع في المأساة السورية.
هذا النهر الجارف من اللاجئين وخاصة السوريين، ما كان ليجري بدون شن حرب مدمرة بهذا الشكل للوطن السوري، ولم يكن هؤلاء الهاربون من جحيم الحرب ليتوجهوا الى اوروبا أو سواها لولا المؤامرة التي استهدفت سوريا من اجل تحقيق العديد من الأهداف، خاصة وان سوريا كانت من البلدان المستقرة نسبيا بعيدا عن طبيعة النظام وديمقراطيته أو عدمها، خاصة وان لدينا في المنطقة العربية، دولا تعيش في حقب ما قبل التاريخ فيما يتعلق بحقوق الانسان، تشارك بكل امكاناتها في الحرب على سوريا.
اللاجئون الى اوروبا، كما قال لافروف "ليسوا كما تدعي اوروبا غير شرعيين"، هؤلاء اضطروا الى الهرب من حرب شنتها الدول الغربية على سوريا. وعليه، لا بد من ان تتحمل اوروبا نتائج أعمالها، ومسؤولياتها الكاملة عما فعلته وما زالت، هؤلاء لا يبحثون عن عيش افضل، فلقد كانوا سعداء في بلدانهم، إلى ان دوهموا بحرب افتعلتها اميركا والغرب والصهيونية وبعض العرب. من هنا على الغرب ان يتحمل مسؤولياته "الاخلاقية" تجاههم.
برغم كل ما يقال عن هذا الطوفان، وما شاهده العالم من افعال بغيضة يندى لها الجبين في بعض الدول الغربية، أو مواقف جيدة تعكس بعضا مما يُرفع من شعارات عن "القيم" الغربية، إلا ان ما لا يقال ولا يصرح به احدا، هو حاجة بعض الدول الغربية للايدي العاملة والاجيال الشابة، خاصة في ظل تناقص اعداد هذه الفئة في بعض دول اوروبا.
ان وصول الشبان السوريين وغيرهم في عمر العطاء، يعني ان هؤلاء برغم ما قد يبدوا من تكلفة "عالية وسريعة" في المدى القصير جدا، هم عمليا لم يكلفوا تلك الدول سوى "صفر" تكاليف، حيث ان تكلفة الانسان في السويد على سبيل المثال لا الحصر، منذ ولادته وحتى انهائه المرحلة الجامعية، قد تصل الى عشرات الاف الدولارات، ويمكن من خلال عملية حسابية بسيطة تقدير مدى الربح والخسارة في عملية استقبال اللاجئين في الدول الغربية وخاصة الاكثر تقدما كالمانيا.
ما قيل عن "بعد انساني" للترحاب باللاجئين في بعض الدول الغربية، فيه الكثير من النفاق، خاصة ونحن نرى ما تفعله ذات الايدي الآثمة في سوريا وسواها، وفي ظل العديد من التقارير التي تشير إلى ان بلدا كألمانيا، كانت تحتاج الى ما لا يقل عن 200 الف "لاجيء" سنويا في الظروف الطبيعية من اجل تغطية سوق العمل الالماني. لذا فان ما شاهدناه من تباكي على اللاجئين، قد لا يعكس الصورة الحقيقية للواقع في بعض الدول، بل هو على العكس تماما، حيث ان تلك الدول بحاجة ماسة الى هؤلاء.
تسونامي المهجرين الذي فضح عنصرية بعض الدول وخاصة التي كانت ضمن المنظومة الاشتراكية، كشف ايضا حجم التآمر الغربي على الامة، وهذا التدخل "بالحرب" في الدول العربية، وما آلت اليه الاوضاع في تلك البلدان، والذي ادى فيما ادى الى هروب الملايين من الناس من بلدانهم.
الدول الاوروبية بشكل عام، ملزمة من جميع النواحي سواء الاخلاقية او القانونية، ان تستوعب هؤلاء اللاجئين، بعيدا عن كل انواع "الولوة والعويل العالي"، فبُلدان مثل الاردن ولبنان، استوعبت ملايين اللاجئين رغم ضيق ذات اليد والامكانيات البسيطة لها، وعلى هذا الأساس، وحيث ان البلدان الغربية بشكل خاص، السبب في طوفان اللجوء هذا، واذا كان هؤلاء حقيقة يشكلون عبئا على تلك الدول، فكل ما عليها هو انهاء هذه المأسة اللامتناهية مثلما بدأتها، وستجد عندئذ ان لا احد من اهل سوريا ولا سواها من بلدان العرب راغب بمغادرة بلده.

رشيد شاهين
16-9-2015