كثيرة هي التسريبات والتحليلات والتكهنات ، حول ما سيحمله رئيس السلطة السيد محمود عباس معه إلى دورة اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة السنوية ، والمقررة أخر الشهر الجاري في نيويورك . وتراوحت جميعها بين حل السلطة ، أو إعلان الدولة الفلسطينية تحت الاحتلال ، أو أنه قد يُعلن استقالته من رئاسة السلطة محملاً المجتمع الدولي مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة بسبب سياسات الاحتلال التعسفية والعنصرية والإجرامية ، وليس أخرها ما تتعرض له مدينة القدس والمسجد الأقصى .
أياً تكن فحوى ما اصطُلح على تسميتها إعلامياً ب" القنبلة السياسية " التي يحتفظ أبو مازن لنفسه بحقيقتها وفحواها ، بالتأكيد أن رئيس السلطة لا زال يُصر على سلوكه المتفرد في التعاطي باستخفاف مع منظمة التحرير ولجنتها التنفيذية ، التي تغيب بالعمد عن اجتماعها الأحير في رام الله . وإذا ما افترضنا أن ما سيحمله رئيس السلطة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة صحيحاً ، فكيف يجيز لنفسه أن يجنح بتفرده إلى هذا المستوى الخطير تُوجب ترتيب أوضاع الساحة الفلسطينية ومؤسساتها الوطنية ، وتعبئة الشعب الفلسطيني إزاء هكذا خطوات ، لما ستتركه من تداعيات وانعكاسات على مجمل الوضع الفلسطيني في الأراضي المحتلة . وبالتالي ستضعنا جميعاً وجهاً لوجه مع العديد من الدول في المستويين الدولي والإقليمي ، تقف أمريكا و" إسرائيل " في مقدمة هؤلاء ، والذين بدأوا بالفعل تحركاتهم لكبح اندفاعة أبو مازن نحو الانزلاق إلى ما هو ذاهب إليه - " إذا ما صحت نواياه وقد خبرناها مراراً وتكراراً من دون أية فائدة مرجوة في سياق الرهانات البائسة على مفاوضات عبثية " - . نحن نعم نريد أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته اتجاه جملة الجرائم الصهيونية التي لا تحصى ولا تعد ، ولكن شريطة أن تكون الخطوات بالتوافق الوطني ، لا بمزيد من التفرد والضرب بعرض الحائط بجميع الفصائل والمؤسسات الوطنية .
والمضحك والمبكي في آن ، أن جميع أصحاب المقالات أو الذين استصرحتهم وسائل الإعلام حول القنبلة السياسية وعناوينها التي يحملها أبو مازن في جعبته ، جميعهم قلل من أهمية هذه القنبلة ، على اعتبار أن رئيس السلطة قد عودنا الرضوخ للضغوط التي تمارس عليه في الدقيقة الأخيرة .