لم يكن في حسبان من صنع الربيع العربي أن البوصلة سوف تتنجح وتهرب منهم, فمنذ أن انهار الاتحاد السوفييتي اتخذت الولايات المتحدة الامريكية عدة مشاريع دولية للسيطرة على السياسة الكونية متيقنة أن بسقوط النظام السوفييتي سيصبح العالم لعبة بيدها, ولم تتوقع أن من بين ركام هذا السقوط سينهض القيصر ليعيد أمجاد التوازن الدولي, فبرغم جملة المشاكل الاقتصادية والسياسية التي عصفت بروسيا ومازالت وهى في معظمها اصطناعية غربية امبريالية لكى لا تتكمن من التقاط انفاسها بين الفينة والأخرى, إلا انها اليوم تستعيد بعضا من عافيتها وثقلها, فهل استطاع القيصر الذى تربى في "الكى جى بى" ان يقف ويقول للسيد الأمريكي "نووو" ؟؟
عندما بدأ ما سمى بالربيع العربي وانا لا أنكر حجم الفساد السياسي التى تعيشه الحكومات العربية كل على طريقته وبعلم السيد الأمريكي , إلا ان ما سمى بالربيع كان أحد أدوات ومشاريع سياسة أمريكا الخارجية , فرأينا الخراب والدمار والقتل والتشريد التجويع الذى أصاب البلاد العربية التى اجتاحها ربيع امريكا. وما نحن بصدده في هذه العجالة هو الموقف الروسي من هذه المسرحية, فكان تارة متذبذب اتجاه متطلبات الشعوب وأخرى في حالة ضدية أمريكية ففي حالة ليبيا لم يكن موقف الروس بمستوى من كان حليفه سابقا فأدار ظهره لما حدث وكان ما حدث ويحدث, ولكن في الملف السوري "رمانة القبان " في مشروع امريكا وهو مكمن القول هنا : بان الموقف الروسي منذ بداية الازمة كان يقف بجانب النظام فهل فقد القيصر اخلاقه وهنا وجدت الاخلاق؟؟ فلماذا هذا الصراع الهادئ بين الأمريكي والروسي في هذا الملف؟؟ وإلى أي مدى استطاع القيصر حرف بوصلة الربيع الأمريكي في الملف السوري ؟؟
متابعة للموقف الروسي تجاه الازمة السورية نجد انه اختلف اختلافا كليا عما كان منه في الازمة الليبية . ولذلك عدة اسباب نسوقها بقليل من التوضيح حيث تتمثل في عدة اوجه فمنها الاقتصادي في صراع الغاز الذى يغذى منطقة شرق اوروبا, ومنها الأمني وهو انتشار الارهاب المتطرف باسم داعش, والذى ازدادت اعداد افراده وخاصة من مناطق تشكل خطرا مقبلا على روسيا وخاصة من مناطق كانت تابعه للاتحاد السوفييتي سابقا الأمر الذى يشكل خطرا داهما يهدد مستقبل الامن في روسيا, اما فيما يخص الوجود الروسي في المياه الدافئة فلم يعد مكانا لها سوى في سورية ولذلك فهو التواجد المهم والاستراتيجي والذى يكون شبه الوحيد للوجود الروسي , فهنا كان موقفها منذ البداية ان الازمة يجب ان تحل سياسيا وبوجود النظام, وبعد مضى اكثر من اربع سنوات ازدادت الازمة والتطرف والشتات رغم تجنيد امريكا لقوى عديدة غربية واقليمية وعربية وتابعنا عدد مجالس المعارضة هنا وهناك ولكن ظلت روسيا بموقفها الثابت, وما موقفها من تحويل بوصلة الضربة العسكرية لسوريا على اثر ظهور سلاح كيماوي في الازمة السورية فكانت روسيا والمخرج الدبلوماسي التى طرحته وتبنته امريكا والعالم بوضع ترسانة سوريا تحت الرقابة الدولية,, واليوم ومن متابعتنا لمواقف العالم الذى كان يلهث وراء امريكا واصراره على حل الازمة بدون نظام الاسد إلا انه اليوم يتبنى الموقف الروسي وذلك بعد اصرار القيصر على رؤيته بحل الازمة بوجود النظام في سوريا.. فهل سنشهد انفراجه في الازمة السورية بعد وقوف القيصر بكل حزم أمام المشروع الأمريكي؟؟ هناك الكثير مما يقال في الصراع الدولي وكثير من ملفات دولية تشكل جزءا من هذا الصراع الهادئ بين امريكا والقيصر , فملف ايران النووي ,,, وملف أوكرانيا ,, وملف الصواريخ الباليستية الروسية في شرق اوروبا ,, وغيرها حاضرة في تفاصيل الصراع والذى يحاول القيصر استخدامه في الملف السورى,, اما آن لبعض العرب وقليل المسلمين ان يعيدوا النظر في رؤيتهم تجاه سوريا كرؤية القيصر؟؟ وفى هذا المقام نرى أن موقف مصر السيسي المخلص هو الأكثر توافقا مع موقف الروس منذ توليه المنصب,, ولذلك نأمل ان القادم أفضل.
بقلم/ أحمد رمضان لافى