أمام اللحظات التاريخية ...والمنعطفات الخطيرة ..والاحداث المتسارعة ...يتوجب علينا التوقف لادراك معالم الطريق... واسلوب الخطاب ...الذي يجب استخدامه في مخاطبة العالم ...والامعان بفكر متفتح ومستنير .... لواقع العلاقات الدولية والظروف الاقليمية.... وما وصلت اليه أدوات الصراع القائم مع الاحتلال .
التوقف لا يعني الجمود والانتظار... والتفكير فيما سنقدم عليه لا يعني التراجع أو التراخي ...فالتسرع والغضب واطلاق العنان للحناجر والاصوات العالية لا يفيد ولا يقدم لنا حلول ...بل يزيدنا هما وتعبا ويثقل علينا مصاعب حياتنا .
ما يجري من قبل البعض في تحليل قضايانا وابداء الرأي حولها يثير الكثير من التساؤلات حول المراد من شخصنه القضايا ...ومدي الفائدة المرجوة من تأخير وابطال أي خطوة يمكن أن تكون اضافة نوعية تراكمية لما تم انجازه وفعله علي مدار عقود ...واستمرار محاولة ادخالنا في دهاليز الجفاء والبغضاء والكراهية تعزيزا لثقافة الانقسام التي أنتجت ثقافات مدمرة وسلوكيات عابثة وحالة عدم احترام ....من خلال ما نسمع ونشاهد من تطاول وتشهير وقذف بكل أشكال المفردات والعناوين التي لا يجب أن تستخدم في علاقاتنا الوطنية ....لانها تتعارض مع ثقافتنا وديننا وتربيتنا الوطنية .
نحاول قدر استطاعتنا أن نحافظ علي المستوي المطلوب من المعنويات الوطنية... حتي لا نصاب بالإحباط وسوء التقدير والتصرف ...لكن هذه المحافظة والحرص علي ابقاء الحالة المعنوية.... لا يعني بالمطلق ان نواصل المكابرة والتعالي ...ونرتكب الاخطاء والخطايا دون أن نقف ونعلو بصوتنا ...ونحذر من مغبة الاستمرار في اعتماد ثقافة الانقسام ....وما تولده من أحقاد وفرقة ومخاطرها علي نسيجنا الوطني والمجتمعي .
السياسيين يخطئون خطأ كبيرا باستمرار اسلوب خطابهم الذي يحمل الاخر مسئولية ما الت اليه أمورنا ...دون أن يحمل نفسه أدني مسئولية ....وكأنه يخاطب أناس بلا عقول ..وبلا ذاكرة ...وهذا معيب وغير مقبول ..فالاصل أن يتوازن الفكر... حتي يتوازن الخطاب... وحتي تتوازن المفردات ...وحتي تكون النتائج والمراد ايصاله قد وصل وأدي الرسالة ....لا أن نستمر في خطابات فصائلية فقدت الكثير من مضمونها وأهميتها وتأثيرها .
قضيتنا الوطنية قضية فلسطين وقد أصبحت لا تشكل القضية الاولي للمجتمع الدولي ...وتساؤلنا حول هذا التأخير لقضيتنا ...متناسين السؤال الأهم حول مدي فعلنا ....وحرصنا ...علي بناء جبهه موحدة وارادة سياسية واحدة... وموقف وطني نلتف جميعا من حوله ...لا أن نستمر في التشكيك والتعطيل ونقل الخلافات الي وسائل الاعلام لتحدث عليها المزيد من التباعد ما بين الاطراف ...في ظل هذا الانقسام الذي نجمع علي أنه مصلحة اسرائيلية ....كما أننا نجمع أنه ليس مصلحة فلسطينية ...كما أننا نجمع علي أن قوتنا ووحدتنا مهددة طالما بقي الانقسام ....كما اننا نجمع أن مصائبنا وويلاتنا ومصاعب حياتنا وضياع مستقبل شبابنا وهجرتهم وحتي هروبهم بفعل هذا الانقسام ونتائجة الوخيمة ...ندرك ونعلم الكثير بل ونجمع علي الغالبية العظمي من قضايانا ومع ذلك لا نحرك ساكنا ...ولا نفعل شيئا ...من أجل انهاء هذا الانقسام الأسود الذي عصف بحياتنا... وأنكر علينا الكثير... مما يجب أن نتمتع به في ظل استمرار هذا الحصار وما يتداخله من قضايا خدماتية واجتماعية واقتصادية تشكل تهديدا حقيقيا لمجتمعنا وقضيتنا .
العلاقات السياسية الدولية علاقات مصالح... ولا تخضع لاعتبارات العواطف ..فالتواجد علي الخارطة السياسية يأتي بفعل عوامل القوة الذاتية السياسية الاقتصادية البشرية الثقافية العلمية ...مجموعة من العوامل تشكل في جوهرها عوامل القوة التي يتشكل من خلالها وجود الدول علي خارطة السياسة الدولية ...وفي مثل حالتنا الفلسطينية ومدي التأييد الدولي الكبير لقضيتنا الوطنية وسعينا لنيل الحرية والاستقلال وعلي مدار عقود طويلة وما تم تتويجه بالاونه الاخيرة من الاعتراف بنا كدولة مراقب ورفع علم فلسطين علي مقر الامم المتحدة وازدياد الدول المعترفة بدولة فلسطين واعتراف العديد من البرلمانات الدولية بهذه الدولة يعزز من ايماننا ..ويصلب من ارادتنا ..ويجعلنا في موقف قوة لاستمرار مسيرة نضالنا علي طريق تجسيد دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس .
هذا الحرص الفلسطيني وما يتم عبر سنوات طويلة من مسيرتنا الكفاحية ...واحترام العالم لشعبنا وقضيتنا وقيادتنا يتطلب منا أن ننهي هذا الفصل المحزن ...وأن نجعل الانقسام من خلفنا ..والدولة أمامنا ...فطريقنا لا زالت تحتاج الي جهود وطاقات وامكانيات وفعل مشترك وارادة موحدة ...لا أن نبقي علي حالنا والذي أساء لنا ....وجعل من قضيتنا في مؤخرة القضايا العالمية بعد أن كانت القضية الاولي ....والجميع منا يدرك ما يجب عمله ..وما لا يجب عمله والاستمرار به ..وعلينا أن نختار ما بين طريق الدولة ....أو البقاء علي هذا الحال ...وما يترتب عليه من مصاعب وويلات لا نعلم مداها.
بقلم/ وفيق زنداح