التدخل الروسي في سوريا كاسر للتوازن العسكري والسياسي ضمن عملية الحسم للحل السياسي

بقلم: علي ابوحبله

مؤشرات الصراع على سوريا تشير أن روسيا قد اتخذت قرارا استراتجيا لمواجهة محاولات التدخل في سوريا من قبل أمريكا وحلفائها ، وان تركيا عبر التنسيق السعودي القطري بغطاء أمريكي كانت تمهد للتدخل العسكري المباشر في سوريا وإنشاء المنطقة العازلة ، وان إسرائيل بدعمها لجبهة ألنصره والجيش الحر وقوى أخرى منضوية تحت جيش الفتح كانت تهدف لإنشاء شريط عازل في جنوب سوريا يشمل درعا والسويداء وسهل حوران امتداد إلى الحدود الاردنيه بدعم إسرائيلي إقليمي ،

روسيا والصين التي دعمت موقف سوريه سياسيا ودبلوماسيا عبر اتخاذ قرارات النقض ضد قراري مجلس الأمن للتدخل في سوريا مما حال دون اتخاذ أي قرار تحت الفصل السابع وقيد تحركات أمريكا وحلفائها في سوريا .

الموقف الروسي الاستراتيجي كان مؤخرا بتزويد سوريا باسلحه كاسره للتوازن واستجابة الرئيس الروسي بوتن لرسالة الرئيس السوري بشار الأسد للتدخل العسكري في سوريا استنادا للاتفاقات ألموقعه بين سوريا وروسيا .

لقد فاجأت روسيا أمريكا والغرب بسرعة التدخل والوجود الروسي في سوريا مما اخل بالتوازن العسكري في سوريا ووضع أمريكا وحلفائها في معضلة صعبه ووضع أمريكا وحلفائها في موقف عسكري صعب ، تحولت فيها المجموعات المسلحة المدعومة من قبل أمريكا وتركيا والسعودية وقطر بفعل الضربات العسكرية الروسية من موقع الهجوم إلى موقع المنهزم بعد الضربات العسكرية الجوية الروسية التي تصيب أهدافها بدقه .

فقد أعلنت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية السبت 3 أكتوبر/تشرين الأول أن طائراتها الحربية قوضت القدرات المادية والتقنية للإرهابيين في سوريا.وقال آمر إدارة العمليات في هيئة الأركان العامة الروسية، الفريق أول أندريه كارتابولوف للصحفيين إن المقاتلات الروسية قامت بأكثر من 60 طلعة استهدفت خلالها أكثر من 50 موقعا من البنية التحتية لتنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا.وأوضح المركز الوطني الروسي لإدارة الدفاع قائلا: "الضربات كانت تشن على مدار الساعة من قاعدة "حميميم" في كل عمق الأراضي السورية".. واستطعنا خلال ثلاثة أيام تقويض القاعدة المادية والتقنية للإرهابيين وتقليص قدرتهم الحربية بشكل ملموس".

ولفت إلى أن "الاستخبارات تسجل مغادرة المسلحين للمناطق التي كانوا يسيطرون عليها"، مؤكدا أن الذعر بدأ يدب في صفوفهم، كما رهب كثير منهم، حيث أخلى حوالي 600 مرتزق مواقعهم قاصدين أوروبا".

وقال كارتابولوف إن الجانب الأمريكي أبلغ وزارة الدفاع الروسية أن المناطق التي تستهدفها الطائرات الحربية الروسية "لا يوجد فيها سوى الإرهابيين"، ذاكرا أنه تم الإعلان عن الضربات الجوية الروسية على مواقع "داعش" مسبقا. وأكد اهتمام وزارة الدفاع الروسية بتنسيق مختلف الدول جهودها في وجه الخطر الإرهابي، منوها بالمركز ألمعلوماتي الدولي الذي استحدث في بغداد مؤخرا للتنسيق بين روسيا وإيران والعراق وسوريا في إطار مكافحة الإرهابوتابع يقول: "لقد دعونا الجميع إلى الانخراط في عمل هذا المركز ممن هم معنيون بمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" الإرهابي. ومن مهام المركز تنسيق الخطوات ومنع وقوع أي حوادث وأشار كذلك إلى أن الجانب الروسي قد دعا الجميع إلى "تقديم أي معلومة مفيدة متوفرة لديه حول مواقع التنظيم في سوريا والعراق".

وختم قائلا: "لا بد من الاعتراف صراحة بأننا لم نتلق أي معلومات من هذا القبيل من جهات أخرى سوى من إيران والعراق وسوريا زملاءنا في هذا المركز. لكننا ورغم ذلك نبقى منفتحين على الحوار مع جميع الدول المعنية وسوف نرحب بأي إسهام بناء في هذا المسار .

حين يضطر وزير الخارجية الأمريكي جون كيري للانتظار للاجتماع بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف حتى ينهي الأخير اجتماعه مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم يحمل في طياته الكثير من التحليلات مما يدلل على حقيقة وجوهر الصراع الذي تشهده المنطقة وللدلالة على تغير موازين القوى الكاسر للقوه تصريحات وزير الخارجية السوري وليد المعلم عندما خرج من اجتماعه مع وزير الخارجية الروسي بادرته الميادين بالسؤال هل علمتم أن كيري كان ينتظركم في الخارج المعلم : كلا لا أعلم. كنا داخل الاجتماع. أنت علمت أن كيري كان ينتظر في الخارج؟ المعلم : خليه ينطر".

كذلك لم يكن لافروف في عجلة من أمره للقاء كيري. والسؤال هو أن الموقف يحمل تساؤلات كثيرة منها هل هو تكتيك دبلوماسي؟ من الصعب التكهن. فقد خرج وزير الخارجية الروسي من الاجتماع ليعقد مؤتمراً صحفياً مستفيضاً مع الصحافة الروسية. لكن كيري بقي ينتظر حتى انتهت كل الاجتماعات والمؤتمرات حتى إلتقاه لافروف. يبدوا أن هناك أشياء كثيرة

كشفها هذا الفصل، لكن ما خفي منها قد يكون أعظم.

التدخل الروسي قد قلب كل موازين القوى واحدث كسر في توازن القوى في الصراع الذي تشهده سوريا وهذا ما حذا في رئيس وزراء حكومة الاحتلال الاسرائيلي بنيامين نتنياهو للقول ، أن هناك علاقات جيدة لبلاده مع روسيا، مشيرا إلى أن لهم (إسرائيل وموسكو) عدة أهداف في سوريا، وأن تلك الأهداف يجب ألا تتعارض مع بعضها البعض .

جاء ذلك في التصريحات التي أدلى بها رئيس الحكومة الإسرائيلية في حوار مع إحدى القنوات التلفزيونية الأمريكية، مساء السبت، والتي أبدى خلالها رغبته في تجنب حدوث أي علاقات عدائية مع موسكو.

وذكر نتنياهو أن هدف زيارته الأخيرة لموسكو “هو تجنب حدوث صراع بين إسرائيل وروسيا، مضيفاً “وأهدافنا في سوريا يجب ألا تتعارض مع بعدها البعض، فأنا أهدف إلى الحفاظ على أمن بلدي وشعبي، ولروسيا أهداف مختلفة هناك.

وقال نتنياهو في رده على سؤال حول إمكانية إحداث الغارات الجوية الروسية في سوريا لحالة من عدم الاستقرار أم لا، “لا أعلم، واعتقد أن الوقت كفيل بالإجابة على ذلك

وأشار نتنياهو – الذي لم ينتقد الغارات الروسية بعكس الولايات المتحدة الأمريكية وحلف شمال الأطلسي- إلى أنه غير متأكد من مدى تأثير الغارات الجوية الروسية في سوريا على الوضع في المنطقة، على حد تعبيره

إسرائيل تدرك أن التدخل الروسي في سوريا كسر للتوازن للقوى في سوريا وان إسرائيل قد تكون احد الدول الخاسرة في عملية الصراع وهي تدرك نتائج حسم الصراع على سوريا مما دفعها لغاية الآن عدم معاداة روسيا أو توجيه سهام انتقادها للتدخل الروسي العسكري . وان التدخل العسكري الروسي سيحسم عملية الصراع في سوريا التي تمهد للحل السياسي ضمن معادلة تغير موازين القوى وإنهاء التحكم الأحادي لأمريكا في حكم العالم حيث تمكنت سوريا بصمودها من قيادة التغيير بالموقف الاستراتيجي الذي اتخذته موسكو بموقفها الداعم لسوريا.

بقلم/ علي ابوحبله