انتفاضة الاقصى ... وعملية السور الواقي بالعام 2002م... وما جرى من محاصرة الرئيس الراحل ابو عمار ومن ثم تسميمه واغتياله ... وما جرى من محاولات اسرائيلية لفرض وقائع سياسية وميدانية جديدة من خلال الجدار العنصري وبناء المزيد من المستوطنات والطرق الالتفافية وزيادة عدد المستوطنين داخل الاراضي الفلسطينية ومحاصرة المدن والقرى ونهب ارضنا وسلب حريتنا وحرية حركتنا ... ووضع العراقيل لإمكانية حل الدولتين... في ظل ما يجري من سياسة التهويد وتدنيس المقدسات ومحاولة التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الاقصى وترك المجال واسعا لقطعان المستوطنين للعبث بأمننا واستقرارنا وارتكاب الجرائم بحقنا وحتى حرقنا وقتلنا ....
مشهد عنصري فاشي ترتكبه الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة واخرها حكومة اليمين المتطرف برئاسة نتنياهو... والتي تؤكد للجميع انها حكومة الاستيطان والتهويد وادارة الظهر لاستحقاقات التسوية ولكافة الاتفاقيات الموقعة ... وان مفهوم السلام الذي تنشده هذه الحكومة اليمينية هو استسلام الطرف الفلسطيني... وفرض التسوية بما تجيزه وتمنحه وتقدمه الحكومة اليمينة الفاشية ... وليس بما هو مطلوب وفق الشرعية الدولية والحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني .
ما يسمى وهما وكذبا وخداعا بالرغبة الاسرائيلية باجراء المفاوضات دون شروط مسبقة وانهم حريصون على السلام بحسب وجهة نظرهم ... والذي لا علاقة له بالسلام الحقيقي والعادل والشامل ... والذي يمكن البناء عليه لتحقيق الامن والاستقرار ... فالسلام الاسرائيلي ... سلام السيطرة والاحتلال والاستيطان والتهويد ... سلام فرض الارادة .. سلام الحرق والقتل والتدمير ... سلام حصار قطاع غزة والضفة الغربية وبناء المعازل والكانتونات وزيادة عدد المستوطنات والمستوطنين والمس بمشاعرنا الدينية والوطنية بمحاولة تدنيس مقدساتنا وحتى حرماننا من العبادة ... ثقافة غريبة مستهجنة عنصرية فاشية لا علاقة لها بمفاهيم السياسة الدولية والقانون الدولي الانساني ومخالفة لكافة المواثيق والاعراف الدولية .
ازاء المواقف الاسرائيلية المستمرة والمتواصلة منذ توقيع اتفاقية اوسلو بالعام 93 وما تم ما بعد قيام السلطة الوطنية من استهداف وحصار ومحاولة اضعاف وتدمير البنية المؤسساتية للسلطة ... وما جرى من عدوان مستمر وحصار دائم واستيطان سرطاني لا زال ينخر في عضمنا ولحمنا ... وما يجري من تدنيس وتهويد وسلب ... و توغلات عدوان قتل وحرق يجعل من كافة الردود وعلى كافة المستويات واجبا وطنيا لا يخضع للجدل او النقاش .
صحيح اننا دعاة سلام عادل وحقيقي ... وصحيح ايضا اننا ضد العنف وسفك الدماء ... وصحيح ايضا اننا نريد السلام على ارض السلام ... لكن الصحيح ايضا والمؤكد اننا لا نقبل بالخنوع والاستسلام ولا نقبل باستمرار الاحتلال والاستيطان وتدنيس المقدسات .
اسرائيل امام خيارين لا ثالث لهما ... اما خيار السلام الحقيقي ودفع استحقاقاته كاملة بالانسحاب الكامل من الاراضي الفلسطينية المحتلة لحدود الرابع من حزيران 67 بما فيها القدس الشرقية وحل قضية اللاجئين وفق القرار 194 باعتباره الحل الممكن والحد الادنى الذي يمكن قبوله في ظل معادلة دولية ظالمة ... واما الخيار الثاني فسيكون حتمية المواجهة المفتوحة مهما تكن النتائج .
قلنا اكثر من مرة ومن خلال العديد من السياسيين والكتاب والمحللين وحتى قيادتنا الشرعية ومنذ عقود طويلة ولكافة الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة ان السلام لا يتحقق بالاحتلال والاستيطان ... وان الامن لا يمكن ان يتوفر للإسرائيليين على حساب امننا وحريتنا ... وان الاستقرار والازدهار لا يتحقق للإسرائيليين على حساب تشريدنا وتهجيرنا وافقارنا وتهويد ارضنا وتدنيس مقدساتنا .
الخطاب الفلسطيني مستمرا ومتجددا ومتواصلا ... والقيادة الفلسطينية لم تتوقف للحظة واحدة عن التحرك وابداء المرونة والاستعداد والتعاطي مع كافة الجهود الدولية من اجل احقاق الحقوق وانهاء الاحتلال .... الا ان الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة واخرها حكومة اليمين المتطرف نتنياهو لا زالت على عنجهيتها وغطرستها ... باستمرار عدوانها واستيطانها وتهويدها ... مما يفرض علينا واجب الاعتماد لكافة الاساليب النضالية وبشتى الطرق والوسائل ومهما تكن النتائج وما يمكن لإسرائيل ان تفعله وتطبقه من اجراءات تعسفية لن تمنع شعبنا وقيادتنا من ممارسة حقهم الطبيعي في مقاومة المحتل وكشف زيفه وأكاذيبه امام المجتمع الدولي .
اسرائيل تتحمل المسؤولية الكاملة بوصفها القوة المحتلة الغاصبة والتي بيدها قرار الانسحاب ودفع استحقاقات التسوية وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ...حتى يتمكن شعبنا وقيادته من تجسيد حقنا في الدولة على كافة الاراضي الفلسطينية المحتلة ... الاراضي الخالية من كافة المستوطنات والمستوطنين والطرق الالتفافية والجدار العنصري ... اسرائيل بيدها ان توقف دوامة العنف والذي سيصعب تحديد مدته ومداه ونتائجه الوخيمة .
اما نحن ابناء فلسطين ... وامام ما يجري من تصعيد ومواجهات بحق مدننا وقرانا ليس امامنا الا طريقة وخيار الوحدة باعتباره الخيار الوحيد والممكن لتصليب جبهتنا الداخلية وتعزيز مقومات صمودنا وانجاز اهدافنا الوطنية واهمية الالتفاف حول قيادتنا برئاسة الاخ الرئيس محمود عباس ... حتى نوصل رسالة قوية لحكومة نتنياهو ان الخلافات بالساحة الفلسطينية لا يعني بالمطلق امكانية القبول باستفراد اسرائيل باي طرف فلسطيني ... لأننا اصحاب قضية واحدة ... وابناء شعب واحد ... وليس لإسرائيل من طريق للتلاعب على وتر الخلاف ومحاولة الاستفراد.
محاولة بعض المتطرفين بالحكومة الاسرائيلية اليمينية العنصرية وتهديدهم بعملية السور الواقي 2 وسيناريو احتلال الضفة والغاء تصاريح العمال وما يمكن ان يتم التهديد به من الناحية المالية وغيرها من وسائل فرض الارادة الاحتلالية ... وكأن اسرائيل تحاول ان تكرر لنا المشهد ونتائجه وتتناسى اسرائيل وحكوماتها ان ما جرى عبر سنوات طويلة من مجازر ومذابح وقتل واغتيال وهدم وتدمير لم يضعف من ارادة التحدي والاصرار ... ولم يوقف مسيرة النضال والكفاح ... وللتاريخ ان يسجل لنا ... او يسجل علينا ... لان حتمية التاريخ زوال الاحتلال... مهما طال الزمن ام قصر .
الكاتب/ وفيق زنداح