تصاعدت وتيرة التصعيد الاسرائيلي في المسجد الاقصى وما يحيط به في البلدة القديمة والقرى المحاذية لمدينة القدس، ومن خلال اقتحامات لافواج من االيهود المتجهة من بوابة المغاربة في اتجاه حائط البراق واقتحامات لباحات المسجد الاقصى، وما تلاها من سلوك عدواني مستغلا للظرف الاقليمي والدولي وانشغالهما بالمتغيرات في دول الاقليم من صراعت، اما ما استطاع فعله الجانب الفلسطيني لا يعدو الاستنكار والاستجداء والتهديد بالانسحاب او الالغاء لاتفاقيات اوسلو، والتي تعجز السلطة لعدة اسباب ان تضع بدائل حقيقية وناجعة تصب في تحديث الموقف النضالي بايقوناته المختلفة المؤسساتية والبرمجية.
بالتاكيد ان الجانب الفلسطيني يحتاج لصنع المتغير للخروج من دائرة التعثر والفشل وقد يعتمد على التحرك الشعبي للمارسة الضغوط على حكومة الاحتلال والتباطؤ في اداء ما يسمى حفظ النظام والتلكؤ في كتابة التقارير الدورية لتقدير الموقف وتجميد ممارسة الانشطة الامنية التي كانت في السابق تطارد النشطاء ومن خلال حسابات تحريكية دقيقة.
من اهم ما ذكر الرئيس عباس في خطابه المفتوح والمتارجح امام الجمعية العامة بان الوضع لن يكون كما هو عليه ما دامت اسرائيل لا تعترف باوسلو وبالدولة الفلسطينية ورد نتنياهو نحن مع حل الدولتين في اطار الاعتراف بالدولة اليهودية، هذا المؤشر الدبلومسي كرد على اتهام عباس لنتياهو بانه دمر مبدأ حل الدولتين، على العموم لا نلريد ان ندخل هنا في قضية طرح الدولة اليهودية وابعاده في مربعات الصراع والسياسة والامن والديموغرافيا التي سبق ان وضعناها محل البحث في مقالات سابقة..... ولكن حالة الاشتباك التصعيدية بين الجانب الفلسطيني والاسرائيلي كل طرف له سيناريوهاته الدقيقة في عملية تحريك الموقف والمسطح المغبق لقواه.
قد ترى اسرائيل وجود الاطار المهلهل للسلطة في الضفة عبئا على مخططاتها التي شبه اكتملت في الضفة وسيطرتها بالكامل على الضفة والمسجد الاقصى، فاسرائيل تعتقد ان القيادة السياسية الفلسطينية الحالية وفي الاطار الزمني قد اخضعت للاستهلاك وفي ظل هيمنة امنية وعسكرية على الضفة ومن ثم اقتصادية ايضا هذا من جانب اما الجانب الاخر وهو محور ارتكازي لمخططاتها بالحاق الضفة وضمها او تصور الالحاق الاداري بالاردن، هو فصل غزة عن الضفة بواقع مؤسساتي لا يمكن تجاوزه او حله وامام دعوات الترغيب والترهيب باعطاء نوع من السيادة في غزة ومستقبل منقوص للقضية الفلسطينية ومحاورها من جغرافيا ولاجئين وحق تقرير المصير.
ربما تحسب السلطة تصعيدا محدودا لاحراج اسرائيل دوليا وهذا لا تلتفت له الدولة العبرية منذ انشائها واحداث خلخلة امنية تؤدي الى مفاوضات عبر وسطاء دوليين، ولكن هل الاسرائليون حريصون فعليا على الانجاز بطريقة المفاوضات وحل الدولتين بهد ان اخذوا ما اخذوا من الضفة وعدم وجود مواجهة حقيقية ومبكرة لهم من جانب السلطة على مدار اكثر من عقد..؟؟ لا اعتقد ذلك...
الاسرائليون قد يصعدون كما هو حادث في القدس وبوتيرة لم يشهد لها مثيل من قبل..؟؟؟ لماذا..... انهم سيعملون على ردة الفعل الفلسطيني تبريرا لسيناريوهات معدة لهم تبدأ باقوال قادة الاحتلال الذين حملوا عباس مسؤلية العمليات الفردية والمواجهات في الضفة وممارسة التحريض....!! ومنهم من قال سحي بطاقات الفي اي بي ومنهم من قال انهاء عمل الف عامل فلسطيني في اسرائيل من سكان الضفة ومنهم من قال حجز اموال السلطة.. تمهيدا للمارسة الضغوط والعزل للسلطة التي سترتقي برامجهم التنفيذية لحق السلطة بمنسوب ارتفاع ردات الفعل الفلسطيني من عمليات ومواجهات.
في صبيحة يوم الاحد الموافق 4102015عقد نتياهو اجتماعا امنيا مع لجنة الامن المصغرة ضم كلا من يعالون وزير الحرب الصهيوني ووزير الاركان غادي ايزنكوت ورئيس الشبااك يورام كهويم وقيادات امنية اخرى في اجتماع استمر اربعة ساعات وناقش المجتمعين الخطط المعدة والسيناريوهات التي يجب تنفيذها امام ما يسمى او كماقال نتنياهو الارهاب الفلسطيني الشامل والتي سماها بالحرب الشاملة في تضخيم ملحوظ لما يحدث على الجانب الفلسطيني ولاهداف امنية وسياسية ولذلك لردع ومعاقبة من سماهم بالارهاب الفلسطيني والذي بدأ باجتياحات في جنين ونابلس وتوسع الاقتحامات للمسجد الاقصى واخلاء واعتقال للمرابطين وتفريغ المسجد الاقصى من المصلين والمدافعين عنه.
لقد قرر ما يسمى مجلس الامن المصغر للاحتلال اتخاذ تدابير اولية بعزل الاحياء القريبة من البلدة القديمة في القدس وتوسيع عمليات الاعتقالات لكل من لهم تاريخ مقازم ضد الاحتلال.
بالتاكيد ان الضفة مقبلة على متغيرات سياسية وامنية في غضون الاسابيع القادمة تامل السلطة من التصعيد ان تتحرك قوى المبادرة الفرنسية وبانكومون لحماية الشعب الفلسطيني من خلال مؤسسات الامم المتحدة... في حين الجانب الروسي منشغل في محاربة الارهاب في الشرق العربي والخارجية الامريكية منهمكة في مراقبة الدور الروسي في سوريا بالاضافة حالة التذمر الامريكي من خطوات عباس الخارجية..... ولذلك التعويل على التحرك الشعبي بدون اتخاذ خطوات من جانب السلطة على الصعيد السياسي والامني قد يجعل التحرك الشعبي ذو فائدة للاحتلال باخذ خطوات سياسية وامنية قد يخسر الجانب الفلسطيني فيها الكثير ولذلك ايضا يجب ان تبادر السلطة بحل نفسها قبل ان ينفذ الاحتلال ما يريده من السلطة ومستقبلها وتشكيل حكومة في المنفى من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير كاجراء وقائي ان حدث الحدث.
سميح خلف