شهداء يلبون نداء الواجب وينتقمون لبعضهم البعض ولفلسطين وللمسجد الأقصى ولهديل الهشلمون ولعائلة دوابشة ولإسراء وشروق وكثير من حكايات الصمود الفلسطيني؛ فهي انتفاضة لها ما يميزها عن غيرها من المواجهات السابقة في التاريخ الفلسطيني.
إنها انتفاضة الشباب الذي لم يكن مولودا حينما وقعت اتفاقية العار "أوسلو" مطلع التسعينيات؛ كما أنه كان طفلا يسمع أصوات المدافع وهي تدك مدن فلسطين في انتفاضة الأقصى فقرر أن يكون الفلسطيني الجديد ذاك الذي حاولت قوات الاحتلال وأذنابها وأمريكا وبرامج التطبيع التي صرف عليها مليارات الدولارت أن تجعل منه شخصا دون إنسانية ووطنية وهمة، فإذا به ذاك الشاب يصنع ثورة توازي هبة الفصائل بل أكثر تفاجئ الاحتلال والأجهزة الأمنية الإقليمية وحتى المجتمع الفلسطيني؛ تفاجأوا من بطولة كانت تحت غبار التطبيع والاستهداف؛ بطولة بحث عنها الشعب الفلسطيني قبل أيام انتقاما لعائلة دوابشة فإذا بها سيل جارف في كل أرجاء فلسطين؛ تلك الدماء التي أفرزت عدة نتائج وهذه بعض منها:
- غطت الدماء كل جغرافيا فلسطين من بحرها إلى نهرها وكانت من الضفة إلى القدس والناصرة وتل الربيع وحيفا والسبع وغزة لتصل رسالة جغرافيا الدماء بعد عقود من محاولة ترسيخ شرقية وغربية و"إسرائيل" وغيرها.
- دماء صنعت السياسة فها هي معادلات سياسية تتغير على وقع تلك الجهود الشابة المنتفضة؛ تلك المتغيرات صفعت التنسيق الأمني وصدمت الجهات الأمنية التي طالما سيطرت على الأوضاع بقبضة أمنية لتكون جغرافيا الدماء وشكلها ضربة كبيرة للتنسيق الأمني وعلو هامات الشعب.
- قطعت جغرافيا الدماء الزكية الطريق على من كان يحاول عزل قطاع غزة وإشغالها بإعادة إعمار وهدنة اقتصادية وغيرها فكانت الدماء تتلاحم من غزة إلى الضفة إلى الداخل والقدس كما أنها عززت من وحدة الدم الفلسطيني بالجغرافيا التي خطط الاحتلال كثيرا لتقسيمها بما يتناسب مع نظرياته الأمنية.
- في مشهد يحاول الاحتلال تغييبه عن الساحة الفلسطينية تلاحم ألوان الطيف في مواجهة الاحتلال؛ فالأخضر والأصفر والأحمر والأسود كلها كانت عصبات على الرأس في المواجهات في كل مكان لذلك كانت لنتائج تلك المواجهات وحدة في الميدان بكل ألوان الطيف تجسيدا لانتفاضة قادها الياسين وأبو عمار وأبو علي مصطفى وغيرهم.
- جغرافيا الدماء تحرج السلطة والأجهزة الأمنية وتدفعهم للبحث عن موجة تتناغم مع تلك الهبة بعيدا عن التغريد خارج السرب والمواجهة الخاسرة لشعب انتفض لحرائره ومسجده الأقصى.
- تلك المواجهة تخلق فرصة جديدة للفصائل الفلسطينية مفادها أن الشباب فتح الطريق فعليكم إكمالها وتعبيدها وإنارتها بفكر سياسي موحد يواجه الاحتلال ويديم الثورة ويحقق الأمل المفقود لعقود، فبات للفصائل جيشا مقاوما شرسا في غزة وهو يعتبر الإسناد الأكبر لهذه الانتفاضة؛ وبالتالي لديها أوراق كثيرة إن كانت الجدية في التقدم للأمام موجودة وحقيقية.
بقلم/ محمد القيق