جيل يعرفنا ولا نعرفه

بقلم: أسامه الفرا

كتب الشهيد أحمد الهرباوي الطالب بكلية الاعلام قبل ايام من استشهاده على صفحته على الفيس بوك ما يلي "الفصائل وبالأخص حماس وفتح تتعامل مع الازمات الراهنة وكأنها نتاج عمل غيرها وأنها ليست مسؤولة عن حلها ، نافضة يدها من عبئ الحقيقة والمسؤولية التي هي شريك أصيل فيهما شاءت أم أبت. وما يزيد الطين بلة هو أن النهج الفصائلي هذا يتجاهل وجود رأي عام فلسطيني سئم الخطابات والشعارات والمزايدات ويستحق أن تطرح فصائله رؤىَ وأفكار للخروج من الأزمة وليس وصفات وهمية تبدو أنها سحرية لإنهاء الانقسام والأزمات التي يمر بها الشعب الفلسطيني وعلى وجه الخصوص غزة !!"،
لا شك أن ممارسات حكومة الاحتلال من جهة وعربدة المستوطنين من جهة ثانية كانتا المحرك للهبة الشعبية، وتخطيء حكومة الاحتلال للمرة الألف إن إعتقدت أن بإستطاعتها احتوائها بمزيد من القوة والبطش والتكيل، وعليها العودة لقراءة التاريخ جيداً كي تدرك الحقيقة التي سطرها الشعب الفلسطيني مراراً خلال العقود الثلاث المنصرمة، فكلما لجأت حكومة الإحتلال للقوة في قمع الهبة الشعبية كلما إزدادت جزوتها وتوسعت جغرافيتها، ومعها يفقد الجميع القدرة على التحكم بمسارها، ويخطيء في ذات الوقت من يعتقد أن فصيلاً يقف خلفها، والحقيقة أن الفصائل بأسرها تحاول اللحاق بها، وكل منها يسعى لأن يجيرها إلى المكانة التي تخدم مصالحه.
ما يجب أن يستوقفنا جميعاً أن من يقود ويشارك في الهبة الشعبية هو ذلك الجيل الذي اكتوى بنار الإنقسام دون أن يحظى بالقليل من مغانم الانتماء الفصائلي، هو ذلك الجيل الذي وجد نفسه يشب في بيئة وطنية مسمومة بفعل الانقسام وإفرازاته، وهو الذي انتظر دون جدوى قياداته لسنوات علها تداوي جرح الانقسام وتلتفت قليلاً لهمومه وهموم الوطن التي تكبر دون كابح لها، هو ذلك الجيل الذي سئم إخفاقاتنا ومناكفاتنا ومفرداتنا، يريد أن يعيد للنضال طهارته يوم كان العطاء بلا مقابل، وللوطن بوصلته التي تحولت إلى بندول تذهب بنا يمينا ويساراً.
من حق هذا الجيل أن يصفعنا ألف مرة ومرة وهو يميط اللثام عن عجزنا وفشلنا، من حق ذالك الشاب، الذي تقدم دون أن يلتفت لمعرفة من يقف بجانبه إن كان يتبع غزة أم رام الله، أن يهزأ منا ونحن نغوص في مستنقع انقسامنا، من حق الفتية الذين يواجهون بصدورهم العارية عنجهية المحتل أن يمقتونا بنظراتهم وكل منا ينقب عن أخطاء الآخر، من حقهم أن يسخروا منا ونحن نتسابق على تبنيهم شهداء في الوقت الذي سلبنا منهم حاضرهم وهم أحياء.
عادة ما تفرض الأزمة التي تعيشها أمة على قيادتها تشكيل حكومة وحدة وطنية، وبغض النظر عن ماهية تلك الأزمة، فإن الأغلبية لا تنفرد في مواجهتها إن استشعرت أن فيها تهديداً لمقومات الدولة، وفي المنعطفات الحادة التي يحياها المجتمع لا بد وأن يتحلى الجميع بروح المسؤولية، تلك المسؤولية التي تختفي فيها ظاهرة جني المكاسب الحزبية، فما الفائدة من حصد الحزب للقليل من المكاسب الذاتية إن كان ذلك على حساب حاضر الوطن ومستقبله؟، هل علينا أن ننتظر طويلاً كي نتفق على تشكيل حكومة وحدة وطنية؟، وهل التحديات التي تعصف بالوطن أضعف من أن تفيقنا من سباتنا العميق؟.

د. أسامه الفرا