بسم الله الرحمن الرحيم
منذ بدء أحداث الهبة الفلسطينية الشعبية الاخيرة في كل أنحاء فلسطين المحتلة تباينت الآراء ووجهات النظر في مسميات مختلفة لهذه الهبة الشعبية تارة وأسبابها تارة أخرى, وفى هذه العجالة أردت أن أضع بعض من ملامح ومسببات هذه الهبة, ومن الحكمة أن تضع الأمور في نصابها المنطقي والعقلاني والتاريخي لكى تستطيع الوقوف على تلك الملامح والأسباب, وفى رأيي هناك 3 أطراف رئيسية تتمحور حولها تلك الأحداث ولنبدأ من الطرف الأول والرئيسي وهو الاحتلال الذى يمثل بمسؤوليته الكبرى السبب الرئيس في هذه الهبة, فهذا الكيان الغاصب والذى يعشق التطرف بدليل نتائج آخر انتخابات جرت في مجتمع الاحتلال والذى اسفرت عن فوز ثلة من أكثر الشخصيات الاحتلالية تعصبا وتطرفا ,فمزيد من الاستيطان في الأراضي الفلسطينية التي هي أراضي دولة محتلة باعتراف هيئة الأمم المتحدة وباعتراف اكثر من 183 دولة بهذه الدولة الواقعة تحت الاحتلال, فما يحدث في القدس من تهويد للمقدسات ومن تخريب لمقابر وآثار اسلامية وعربية إلى تدنيس الأقصى بزيارات متكررة ومتعمدة للمتطرفين الاسرائيليين في باحات المسجد الاقصى والعمل على تقسيم الحرم زمانيا ومكانيا كما حصل في الحرم الإبراهيمي بالخليل, ناهيك عن هدم المنازل للفلسطينيين داخل المدينة المقدسة تحت ذرائع عدم التراخيص اللازمة من حكومة لا تعطى تراخيص بالرغم ن من حجم الضرائب المخيفة التي يفرضونها على السكان العرب في المدينة. أما موقف هذه العصابة التي تحكم في اسرائيل فهي غير مستعدة لتقديم أي حراك باتجاه العملية السياسة وهذا من أركان تشكيل تلك الحكومة, مدركة ومستفيدة من تلك الاحداث الاقليمية والدولية وانشغال العرب والمسلمين في أوضاعهم الداخلية مستفردين بالفلسطينيين وحدهم, فنسبة البطالة الفلسطينية والخريجين من الشباب الفلسطيني والقتل على الحواجز لا يعطى أي أمل في الحياة وينتظروا أن تنقلب الطاولة فهم لن يخسروا أكثر مما يخسروه يوميا لعل وعسى أن تتغير ظروفهم بتغيير الواقع, أما داخل فلسطين المحتلة فالعنصرية جزء من ثقافة المجتمع الإسرائيلي, برغم ان ظروفهم افضل من أشقائهم في الضفة وغزة إلا أنهم يعيشوا بظروف عنصرية لا تطاق, وما يجرى للقدس, وما يحدث يوميا مع الاسرى في السجون الاسرائيلية , ومن حروب متكررة على غزة, فلن يقفوا موقف المتفرجين, ولذلك فإن الاحتلال كطرف رئيسي هو المسؤول الأول عن سبب هذه الهبة. أما الطرف الثاني فهو بكل تأكيد الفصائل والقوى السياسية ومنظمات المجتمع الفلسطيني والمثقفين والنخبة وقد أردت جمعهم لأنهم هم صفوة المجتمع, وما حال المجتمع الفلسطيني بسوء إلا لسوء اداراتهم في كل التفاصيل, فالفصائل جميعها مشاركة في هموم الناس ولا استثنى أحدا فالكل منهم غارق في خصوصيته الشخصية وليس العامة فهم عبء على المجتمع, ففتح كبرى الفصائل وصاحبة التاريخ والقيادة والريادة مشغولة بانقساماتها الداخلية مشخصنين قضايا الوطن, فبرنامجها السياسي برنامج م ت ف وهو المعترف به عالميا ودوليا وبرغم الانجازات الدبلوماسية التى حققها في الآونة الأخيرة إلا أنها لم ترتقى لتنفيذ استحقاقات هذه الانجازات, وحماس منشغلة بمشروع إخواني أمريكي متعثر بفعل صحوة بعض العرب الوطنيين وتأخذ غزة رهينة لهذا المشروع الذى يحوز على إعجاب وتقدير اسرائيل لأنها تضرب بذلك الشرعية الفلسطينية لمواجهتها أمام العالم, فشباب غزة ليس لديهم أمل بالحياة يهربون من الموت إلى الموت, وباقي الفصائل منذ الانقلاب تراقب وتشاهد وتتعايش مع هذا الواقع دون بذل أي جهد حقيقي لإنهاء هذا الواقع المخزي والمخجل آخذين بعين الاعتبار الموازنات المالية والمصروفات والحسابات الإقليمية والدولية في سلم أولوياتها. أما ما يسمون أنفسهم بالمجتمع المدني فهؤلاء فالمواجهة مع الجميع في الداخل والخارج خارج حساباتهم مكتفيين برواتبهم الخيالية التى تصرف لهم فقط لكتابة التقارير للمنظمات الدولية وتشاهدهم على الفضائيات وكأنهم مصنع طهارة.. واذا ما تحدثنا عن النخبة والمثقفين فهم شركاء في الجرم بصمتهم تارة ونفاقهم تارة أخرى منتظرين حقيبة وزارية هنا أو دعوة على حساب جهة ما مدفوعة هناك. أما الطرف الثالث وهو لا يقل أهمية وهى السلطة التي شكلت بقرار من المجلس المركزي للمنظمة , بمعنى المرجعية الوطنية والسياسية لهذه السطلة هى م ت ف والأخيرة حالها يرثى له, فالسطلة بمسمياتها ومراتبها ومصاريفها ونثرياتها أهم بكثير من الهموم الوطنية فللامتيازات بريقها, فهذا وزير والأخر مسؤول و"VIB "..الخ, برغم من الجهد التي تبذله للتخفيف عن كاهل المجتمع وتقديم أفضل الخدمات للجمهور الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية إلا أن البريق اللامع أنساها أنها والكل الفلسطيني تحت الاحتلال, بمعنى ان موظفيها الكبار عليهم أن يتعاملوا مع الموقف وكانه عمل وطني وليس مغنم, ومن هنا وأمام هذا الواقع للشباب الفلسطيني وما يراه وما يعيشه كل لحظة لن يزيده إلا إحباط, فلا سبيل له للعيش بكرامة إلا بالتعبير بطريقته, فأمام الاحتلال والفساد والتجارة بالأوطان والأديان لن يقف مكتوف الأيدي ,لذلك قرر أن يعبر عن رأيه بأسلوبه الذى نراه في كل فلسطين, نعم الشعب الفلسطيني تواق للحرية والعيش بكرامة ومستعد للتضحية من أجل تراب فلسطين ولكن مقومات صموده تقتله يوميا حالات الإحباط أكثر. أما الحل ولمواجهة هذه الغطرسة الاحتلالالية , فلنبدأ من الآن قبل الغد لنعيد لدماء الشهداء كرامتهم باستعادة فلسطين بروحها الوطنية الكفاحية المتمثلة بالوحدة الوطنية الحقيقية وليس الشعارات واعادة هيبة الممثل الشرعي والوحيد للشعب في كل العالم, نتفق وطنيا على برنامج وطنى شامل وكامل يتناغم مع المعطيات القائمة على الساحتين الاقليمية والدولية, ففلسطين أكبر من الجميع برا وبحر وجوا.
بقلم / أحمد رمضان لافى 12 /10/2015