زعزعة أمن المستوطنين شرط الانتصار

بقلم: فايز أبو شمالة

كل عمل لا يزعزع أمن مئات ألاف المستوطنين اليهود المغتصبين لأرض الضفة الغربية هو قفزة في الهواء، سيظل معها مصير الشعب الفلسطيني معلقاً، حتى يئن المستوطنون من وجع الضربات، وقتها يبدأ الاهتمام الدولي، والحراك السياسي الهادف إلى فك حبل الخوف عن عنق المستوطنين، وليس فك الطوق الأمني والاقتصادي والسياسي عن الفلسطينيين.
دون زعزعة أمن المستوطنين فإن حديث البعض عن واقع الدول العربية الممزق، وعن المصائب التي حلت بالأمة، وعن الانشغالات التي استبدت بالرأي العام، وعن تحول الإعلام العربي والغربي عن الاهتمام الكامل بالقضية الفلسطينية، وعدم تغطيته الكافية للانتفاضة، فكل ذلك من نوافل العمل السياسي الفلسطيني، طالما كان الفرض هو حجم الوجع الواقع على رأس المستوطنين بفعل قبضات المقاومين.
وقد دللت التجربة الفلسطينية والعربية على مدار عشرات السنين أن الاستقرار العربي على أهميته لم يسهم في حماية الأرض الفلسطينية من الاغتصاب، ولم تحرر الجيوش العربية شبراً من أرض فلسطين، ولم يمنع النظام العربي المستقر من احتلال الأرض، ولم يغير واقع الاحتلال الإسرائيلي التعيس للأرض الفلسطينية وشعبها.
وقد أكدت الوقائع على الأرض أن وسائل الإعلام وحدها، وعلى أهميتها لا تحقق نصراً للشعوب، ولا تعطي بريقاً للألوان السياسية القاتمة، فوسائل الاعلام لا تلاحق إلا الأحداث التي تبسط ذراعيها على الأرض، ومهما كان الرقص السياسي على المسرح الدولي بارعاً، إلا أنه سيعجز عن إدخال البهجة إلى القلوب المنكسرة، لأن الأصل هو نضوج العامل الذاتي القوي المتماسك القادر على شحذ الهمم، وفرض إرادة الشعب على الأرض.
إن المطلب الرئيس في هذه المرحلة هو توافق الشباب الفلسطيني المنتفض في الضفة الغربية على آلية العمل الهادف إلى إيذاء المستوطنين مادياً ومعنوياً، وبغض النظر عن توافق واختلاف الفقهاء السياسيين في مرجعية الانتفاضة، وحاضنتها العربية، والشروط الواجب توفرها في قيادتها، ومدى الاهتمام الإعلامي بها، كل ذلك لا يؤثر كثيراً على مسيرة شعب، ولا يعيق قوة الاندفاع الذاتي التي تكتسبها الانتفاضة من المواجهة اليومية، والتي ستنجح سريعاً في فرض اسمها الذي تختاره على الجميع، وستنجح في فرز قيادتها الشرعية، وستحدد مرجعيتها القانونية والدولية، والانتفاضة هي التي تستنهض حاضنتها العربية والإسلامية، ولاسيما أن شعوب الأرض قاطبة لا تصفق إلا للقوي الأمين، وهي جاهزة لأن تؤازره، وتسانده، وتهتف له بالنصر.

د. فايز أبو شمالة