فلسطين العين تقاوم المخرز

بقلم: عباس الجمعة

لقد أثبت الشعب الفلسطيني بهبته الشعبية المتواصلة على امتداد فلسطين أن العين تقاوم المخرز، فها هو الدم الفلسطيني الطاهر يدهش العالم اجمع ويعطيه درسا بليغا في البطولة والفداء، في ظل صمت عربي ودولي مريب ، حيث لم نرى سوى وقفة الشعوب الحرة التي تندد باجرام الاحتلال ، ولكن نقول ان الصدور العارية لشباب وشابات فلسطين بكل شجاعة واقتدار وهي تتحدى رصاص الاحتلال ووقنابله الغازية التي تغتال كل القيم الانسانية التي يفترض انه متعارف عليها من البشرية جمعاء.

بالرغم من كل المحاولات الجارية لوقف الهبة الشعبية الا ان الحجر والسكين والمقلاع الفلسطيني يواجه الاحتلال وقطعان مستوطنية بارادة فولاذية من خلال مفاعيل ثورية يستجضرها احار فلسطين التي تنحني لهم الهامات وتكبر بتضحياتهم.

ان إعادة التوازن و للقضية الفلسطينية العادلة في المحافل العربية والدولية، يتطلب إطلاق مبادرة سياسية من اجل تغيير موازين القوى على أساس أن الصراع سيأخذ وقتا طويلا، وسيحسم في النهاية من خلال الحقائق التي سترسم على الأرض والتي سيتم تكريسها دوليا لاحقا.

من هنا نرى ان ما تحاول الادارة الامريكية عبر وزير خارجيتها كيري لعقد قمة رباعية اصبح خيارا عقيما لانه يعيد انتاج خيار المفاوضات الثنائية برعاية أمريكية أو رعاية دولية شكلية، دون أسس أو مرجعيات، ودون التزام بالقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة. ولهذا فأننا نحذر من تدويل التحرك الدبلوماسي لاستصدار قرارات أو اطلاق مبادرات دولية تسهم في تحسين شروط المفاوضات ضمن اطار "حل الدولتين"، أي التعامل مع التدويل كتكتيك لتحسين شروط الواقع القائم تحت سقف مسار أوسلو.

ان الشعب الفلسطيني الذي يواجه العدوان والاحتلال والاستيطان بهبته الشعبية العارمة ، رغم مسلسل التآمر والتواطؤ والتخاذل والوعود الكاذبة، ومحاولة ضرب قرارات الشرعية الدولية ولتنفيذ مخططات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته المسيحية والإسلامية ولا بد للشغب الفلسطيني الذي يرزح تحت هذا الاحتلال والمشرد في وطنه واللاجئ والمشرد خارج وطنه أن يعرف كيف يوحد صفوفه لان ما يخطط له يشكل منعطفا حاسما وخطيرا بكل نتائجه وأبعاده الأليمة والخطيرة على الشعب الفلسطيني وعلى المنطقة العربية كلها وتأثيراتها على العالم.

امام كل ذلك نقول ان الشعب الفلسطيني الذي يخوض هذا الصراع الطويل والمرير والمليء بالتضحيات الجسام فوق ارضه ودفاعا عن مقدساته ، فهو يدافع عن الامة العربية حتى لا تضيع فلسطين أرض الآباء والأجداد، من هنا كانت هبة فلسطين رغم التضحيات الجسام من أجل الحرية والاستقلال والعودة .

ان ما يحاك من مؤامرات ضد المنطقة من قبل القوى الامبريالية والاستعمارية والصهيونية، الهدف االاساسي منه هو تدمير دول المنطقة وتجزئتها ونهب خيراتها للوصول الى تصفية القضة الفلسطينية ، ولكن توهموا أن القوة والبطش والمجازر والتآمر والتواطؤ والتخاذل والعدوان يمكنها أن تعطي من لا يستحق ما لا يملك لمن لا يملك ولكن خاب فألهم ورد الشعب الفلسطيني بهبة شبابه وشاباته بأنه سيبقى صامدا على هذه الأرض المقدسة وحتى تبقى معاقل للفداء والتضحية والصمود ولتعلن للعالم أن فلسطين هي وطن الشعب الفلسطيني الذي لا وطن له سواه، وأن هذا الشعب لن يرضى بديلا عن وطنه طال الزمن أم قصر.

ان شلال الدم الفلسطيني سوف يكتب معادلة جديدة في المنطقة وسوف يعيد صياغة وجه التاريخ ، حيث يبعث الشعب الفلسطيني رسالة واضحة وضوح دمنا القاني ، بلحمنا الحي ، وأشلاء شهداءنا ، وبدمنا النازف ، ونحن نمتلئ وجعاً وحزناً أكبر من قدرة كل البشر على الإحتمال ، ايها العرب ، ليس مطلوباً منكم ، أو من أي أحد أن يحارب نيابة عن الشعب الفلسطيني ، ادعموا صمود الشعب الفلسطيني ، لأن المواقف لاتكفي ، وجميع لغات العالم ، وجميع لغات الكون بمافيها ، لغة الطير والشجر والحجر ، لاتكفي ، لاتكفي ، للتعبير عن حقيقة مايدور على أرض فلسطين .

فلسطين العين تقاوم المخرز ، فشعب فلسطين اسطورة النضال الساطعة ، في ظل عدم التكافؤ، وعدم التوازن ، وعدم المقارنة ، لأنه لا وجه للمقارنة ، بين شاب او شابة تقاوم ، والكل يدرك أن هذه الاحتلال الصهيوني هو عدو استيطاني ، ولكن ارادة ابطال الحجر والسكين ، ابطال المقاومة الشعبية يوجهون لعنةً على كل من يتأمر عليهم ، حتى كان التأمر مجرد الصمت ، نعم هذا الهدير الثوري هو صوت الشعب الفلسطيني وصوت لاجئيه الفلسطينيين الذين رفضوا النكبة ورفضوا اللجوء القسري وأصروا على مواصلة الدفاع عن هذا الوطن ومقدساته إيمانا منهم بعدالة قضيتهم وللعودة إلى ارضهم وممتلكاتهم ووطنهم فلا شيء عند الفلسطيني أغلى من وطنه ومقدساته المسيحية والإسلامية فيه، ونقول مهما حاولوا حرف المسيرة بالتآمر والتواطؤ والطعن في الظهر، الا ان إرادة شعبنا تبقى الاقوى، فهذه الهبة الثورية مستمرة بكل صلابه دون توقف ودون تردد ودون خوف أو وجل. وحتى يرفع علم فلسطين فوق أسوار القدس وكنائس القدس وعلى كل مدينة وقرية وبلدة على ارض فلسطين

ان الشعب الفلسطيني يواجه اليوم سياسة القتل والحرق والاعتقال والتهجير القسري وتهويد الارض والمقدسات التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي في القدس ونابلس والخليل وطولكرم وقلقيلية وأريحا وبيت لحم وجنين وطوباس ، ولكن هذا لا يثني الشعب الفلسطيني عن مواصلة صموده الذي لا يلين وعن عطائه المنقطع النظير في وجه الاحتلال والاستيطان في هذا الزمن ، زمن التحدي، وسيبقى الشعب الفلسطيني متمسكا بنضاله ومعتزا بوحدته الوطنية الرائعة التي تتجسد اليوم في الضفة والقدس وغزة واراضي عام 1948 أمام هذه الهجمة العدوانية الإسرائيلية ولا بد ان ننحني امام شهداء الحرية الذين قدموا حياتهم من اجل تحرير الارض والانسان

ختاما : لا بد من القول أن هبة الشعب الفلسطيني العارمة سترسم الطريق أمام مرحلة واعدة جديدة من الكفاح الفلسطيني المتعدد الأشكال، ولاسيما يعد وصول التغول الإسرائيلي إلى الحد

الأقصى، من خلال سياسته العدوانية المتغطرسة المدعومة من الادارة الامريكية بشكل سافر ، ولكننا على يقين بإن شعبنا العربي الفلسطيني يدرك حقيقة المؤامرة التي تتعرض لها الأمة العربية والقضية الفلسطينية, ولكن السحر سينقلب على الساحر، وسيدرك العالم ان الشعب الفلسطيني الذي يقدم كل هذه التضحيات سينتصر ويحقق امانيه في العودة وتقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس.

بقلم / عباس الجمعة

كاتب سياسي