تلقفت وزراة الخارجية الإسرائيلية مقالاً للكاتب الكويتي "عبد الله الهدلق"، كتبه في يوليو عام 2006 تحت عنوان "ليتني كنت جندياً اسرائيلياً"، ووضعته على صدر صفحتها، كتب يومها مبدياً إعجابة بإنتفاضة دولة اسرائيل لإنقاذ حياة جندي اسرائيلي "شاليط"، وسارع يومها في وصف التنظيمات الفلسطينية الوطنية والإسلامية على حد سواء بالتنظيمات الإرهابية، ومن يومها أفردت وزارة الخارجية الإسرائيلية على صفحتها مساحة لمقالات الكاتب التي يدافع فيها عن اسرائيل كما لا يدافع عنها عتاة اليمين المتطرف الصهيوني، حيث تناول في مقال آخر كتبه عام 2012 ازدواجية المعايير في الاعلام، مستنكراً وصف الاعلام لما قامت به دولة الاحتلال في حربها على غزة عام 2008 بالعدوان، حيث يرى بأن ما فعلته اسرائيل يأتي ضمن حقها في الدفاع عن نفسها.
قد يلجأ بعض الكتاب في مرحلة ما لتبني وجهة نظر مغايرة للمنطق والحقيقة والواقع ومثيرة للجدل في قضية ما بحثاً عن شهرة، لكن ما فعله الهدلق لا يمكن لنا تبويبه تحت هذا العنوان، ولا يمكن لنا تقبله تحت يافطة حرية الرأي، وأن يعود الكاتب بين فترة وأخرى ليتغزل بدولة الاحتلال ويدافع عن تصرفاتها في الوقت الذي ينعت فيه مقاومة الشعب الفلسطيني بالأعمال الإرهابية، والتي جاء آخرها في استنكاره للصمت الدولي حيال ما أسماه إرهاب السكاكين الفلسطيني في الوقت الذي ينكر فيه المجتمع الدولي حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها حسب ما جاء في مقاله، ويبشرنا هذا المأفوف بأن الحق الإسرائيلي سينتصر على الباطل الفلسطيني.
لا شك أن الحماقة متأصلة في الهدلق، وأن ما يعرفه في التاريخ لا يتجاوز شدقيه التي استقى منهما لقبه، وأن المرض النفسي الذي يسكنه أصاب قلمه بلوثة جنون، حين استعاض عن مداده بسم زعاف، هذا الجنون وما يشكله صاحبه من خطورة على المجتمع يحتم إدخاله إلى مصحة للأمراض العقلية، وإن تمنع الهدلق عن ذلك وواصل هيامه وولعه بسيدته "اسرائيل" فالأولى به أن يعيش في كنفها لا أن يعيش بين ظهرانينا.
ليس لنا عتاب على من هذا الهدلق، لكن عتبنا كبير على جريدة بحجم جريدة الوطن الكويتية أن تفتح صفحاتها لهذا المخبول، حتى وإن أكدت الجريدة على أن المقال يعبر عن رأي صاحبه، فهذا لا يعفيها من الضرر البين الواقع بسبب ذلك، إن الافتراء على الحق الفلسطيني في المقاومة الذي كفلته المواثيق الدولية يتطلب من الجريدة أن تقف أمام مسؤولياتها، ليس فقط بما يحمله من قلب للحقائق وتزوير في الواقع، بل لما من شأنه أن يسهم في توتير العلاقة بين الشعبين، وجريدة بحجم جريدة الوطن الكويتية ومكانتها في عالم الصحافة العربية لا يجوز لها أن تضم بين صفحاتها مثل هذه الهرطقات.
ما بات عصياً عن الاستيعاب هو ذلك الصمت المطبق من قبل سفارة فلسطين بدولة الكويت الشقيقة حيال هرطقات الهدلق، فمن الواجب عليها أن تنقل امتعاض وغضب الشعب الفلسطيني من ذلك ضمن القنوات الرسمية التي يسمح بها العمل الدبلوماسي، ومن واجبها أيضاً أن تنقل للجريدة ما سببته من ألم كبير في الوقت الذي كنا ننتظر من هذا الصرح الاعلامي كشف مفردات ارهاب الدولة التي تمارسها دولة الاحتلال بحق شعبنا.
أسامه الفرا