كتب الصحفى محمد دراغمة مقالا، يقول في فقرته الثانية ناصحا الشباب الفلسطيني الثائر "عار على الفلسطينيين كبارا وصغارا أن يسكتوا على الاحتلال، إن ينشغلوا بالمنافع وأن ينسوا الوطن، أن وأن وأن، لكن الخيار يحب ألا يكون بين الصمت والجنون. صمتنا دهرا، واليوم نندفع بجنون وراء شهوة الثأر والانتقام المدمرة"، واصفا ما يقومون به الشباب الفلسطيني بمحاولات طعن كما يدعي الإعلام الإسرائيلي بالجنون ، ودوافعه شهوة الثأر والانتقام.
وعلى الرغم من أن النوايا الحسنة والتي تظهر في باقي المقال ، إلى أنه باستخدامه عبارة "شهوة الثأر والانتقام المدمرة" ارتكب ثلاثة أخطاء، الأول أنه ساوى بين الضحية والجلاد، والثاني أن الرواية الإسرائيلية انطلت عليه كما الكثير من وسائل الإعلام، والثالث وصفه للفعل المقاوم بأنه شهوة ثأر وانتقام.
بالعقل، الشباب الفلسطيني ما هو سوى ضحية تدافع عن نفسها من أجل الحياة والبقاء فان لم يكن لهم فللأجيال القادمة، ومن يندفع بشهوة القتل هي إسرائيل وجيشها ومستوطنيها، علما أن أكثر من 80% ممن قتلهم جيش الاحتلال ومستوطنيه بدم بارد بحجة محاولة الطعن تبين أنها مجرد تلفيق ودعاية كاذبة استخدمتها إسرائيل للتغطية على جرائمها، والأدلة على ذلك كثيرة بدئا من استشهاد فادي علون في القدس في بداية المواجهات إلى محمد فقيه الذي استشهد على حاجز قلنديا أمس.
أما بالنسبة لعمليات الطعن الحقيقية وهي لا تتعدى أصابع اليد الواحدة، ألا ترى أن هناك فرق ما بين العمل الفردي الذي يقوم به الشباب الفلسطيني، الذي وصل الى قناعة مفادها أنه لا فرق مابين الحياة والموت، أو ما بين الحرية والسجن،بسبب ممارسات الاحتلال وتدميره لحياة الفلسطيني، وبين القتل المنهجي الذي يقوم به المستوطنون وشرطة وجيش الاحتلال كجهات منظمة تعبر على قرارات الحكومة الإسرائيلية التي أعطت أوامر بقتل كل ما هو فلسطيني.
أنا لا أختلف معه في جزء كبير من مقاله، فأنا أؤمن بضرورة الحياة، وأننا يجب أن نحافظ على حياة أطفالنا، ولكن هناك حقائق مثبته وهي أنهم لا يفرقون ما بين من يحمل ومن لا يحمل سكينا، ولا يفرقون بين طفل وشاب، وأنهم هم من يقتلون بشهوة قتل عنصرية لمجرد الاشتباه، ولمجرد أن الشخص الذي يسير أمامهم فلسطيني، فالفيديوهات التي أظهرت أن شرطة وجيش الاحتلال يطلقون النار على الأطفال والشباب لمجرد أن مستوطن صرخ "عربي...عربي" أكبر دليل، وأن عبارة "العربي الجيد هو العربي الميت" تتجلى في أبشع صورها.
أن الموت يأتي إلى الأطفال والشباب والشابات دون أي ذنب وبدون أي سبب وليس هم من يذهبون إليه ، فعمليات القتل التي نفذها جنود الاحتلال والمستوطنون بحق الأطفال والشباب والفتيات في الخليل والقدس والداخل وألقيت السكاكين إلى جانب رؤوسهم تبين النوايا المسبقة بالقتل ، أنهم جعلوا الشاب الفلسطيني يشعر أنه سيقتل سواء حمل سكين أو لم يحمل، بل أنه إذا لم تحمل سكينا فالجندي يحمله عنك.
ألا يكفي كل هذا لنقتنع أننا ضحايا، فكيف لنا أن نوصف مقاومة الشباب الفلسطيني بأنها بدافع شهوة الثأر والانتقام وكأنهم استيقظوا في الصباح الباكر وأخذوا قرارا بالقتل، أتستطيع أن تجزم أن جميع من قاموا بعمل مقاوم استشهد لهم قريب في وقت سابق وبالتالي يقومون الآن بالثأر له ، ألا ترى أن الاحتلال الإسرائيلي بممارساته يجر الشعب الفلسطيني إلى عملية "انتحار" جماعي – بمعنى أنه إذا فقد الأمل ستكون النتيجة إما الحرية أو من بعدنا الطوفان- في جميع مناطق تواجده في الضفة وغزة والقدس والداخل، وحينها إسرائيل ستفقد القدرة على السيطرة.
بقلم: خالد كراجة