رغم ما أحاط الاستحقاق الثالث من خارطة المستقبل من لغط وتحديات ...ومحاولات اعلامية ...بمحاولة قلب الحقائق ...والتلاعب علي أوتار وعواطف الناس واحتياجاتهم...واستخدام الظروف الاقتصادية والاجتماعية...والواقع الثقافي لبعض الشرائح الاجتماعية التي لم تأخذ فرصتها التعليمية ....وفي واقع مرحلة البداية الحقيقية لرسم خارطة ومعالم الديمقراطية بكل أوجهها وتلاوينها بعد ثورة عظيمة خرج فيها ما يزيد عن 30 مليون مصري رافعين شعاراتهم ...ومؤكدين علي ثوابتهم وعزيمة ارادتهم ....أنهم سيحافظون علي مصر ...وارادتها ومكانتها ودورها ....وأنهم سيحفظون حضارة وطنهم الممتدة منذ 7 ألاف عام ...ولن يخذلوا مصريتهم وعروبتهم .
لقد تحدي الشعب المصري بثورة 30 يونيو كل ما يمكن أن يترتب علي انهاء حكم الاخوان ...وبدء مرحلة حكم جديد كان واضحا منذ البداية ...أن التحديات كبيرة ..وأن الظروف الاقتصادية غاية بالصعوبة ...وأن ما ترتب علي السنوات الماضية من أعباء ومصاعب يصعب حلها في أيام وشهور ...بل ان الحقيقة تكمن بالمصارحة والشفافية وتوضيح الصورة ...بعيدا عن الارضاء الوقتي ..ومحاولة خداع الرأي العام أن الطريق وردية ...وأن الامور ميسرة ..وأن التحديات قد زالت ...وأن التهديدات قد انتهت .
كانت الصراحة والمصداقية والشفافية مفردات وعناوين المرحلة برغم ثقلها وصعوبتها لمن ينتظر دخل أكبر ..وحياة أفضل ..وخدمات مستمرة ....وذات جودة عالية ...لمن صبروا من أجل الغد الأفضل ..الا أنهم لا زالوا يشعرون بعظمة التحديات ...وصعوبة المرحلة واحتياجاتها ومتطلباتها .
لقد صاحب الاستحقاق الثالث بالمرحلة الاولي من انتخابات البرلمان العديد من الحملات والشائعات ومحاولات بث اليأس ..واشاعة مشاعر الخوف ...الا أن كل هذا لم يكن حاسما أو مانعا ...لذهاب المصريين الي صناديق الاقتراع واختيار ممثليهم بحسب نظام القوائم ...والنظام الفردي في 14 محافظة من محافظات مصر ...ولقد كانت المشاركة أضعف من التوقعات ...لكنها بالنهاية وبالمجمل وصلت الي ما يقارب النسبة المتعارف عليها بالانتخابات البرلمانية ....حيث جرت العملية الانتخابية علي مدار يومين في واقع خدمات أمنية مستقرة لم تشهد فيها العملية الانتخابية ما هو غير متوقع ...حيث لوحظ التنظيم العالي والهدوء وعدم وجود أي اشكاليات .
لقد تابعت المرحلة الاولي من الانتخابات البرلمانية المصرية.... وبرغم أن الاقبال قد تراوح بين المتوسط والجيد بالكثير من المحافظات... الا أن عزوف بعض القطاعات الشبابية عن المشاركة ....تعبيرا عن مواقفهم ازاء العديد من القضايا والتي بأغلبيتها قضايا اقتصادية واجتماعية ...يحاول البعض استغلالها والبناء عليها وكأنها تعبير عن موقف سياسي معارض ...رغم أن المعارضة السياسية حق مشروع ...وذات أهمية بالغة في ترسيخ الحياة الديمقراطية... وتعزيز المشاركة السياسية ... رغم أن عدم المشاركة حق كفلته كافة القوانين والدساتير ..الا انه موقف سلبي ...علي اعتبار أن الاجدر بالمشاركة كفعل ايجابي ...واعلاء الصوت... من داخل المؤسسة التشريعية أفضل بكثير من مجرد التعبير عن الغضب وعدم الرضا داخل الغرف المغلقة.. وداخل صالونات... من يعشقون المعارضة والاختلاف دون وجه حق ..وعلي قاعدة (خالف تعرف ).
منذ 25 يناير 2011 ومصر تعيش ظروف غير عادية ...أفرزت سلبيات عديدة علي مستوي السلوك والمفاهيم ...فلا يعقل بلد تعاني من أزمات اقتصادية متلاحقة بفعل ظروف سنوات طويلة وما يعانيه هذا البلد من أزمات اقتصادية وتنموية وضعف في الخدمات في ظل ازدياد عدد السكان وقلة الصادرات وضعف الانتاج وتوقف قطاعات عديدة عن العمل والانجاز وخاصة في قطاع السياحة ...وتأتي المطالب الفئوية من خارج سياق الواقع والامكانيات المادية للميزانية المصرية التي تدفع بالمليارات العديدة دعما للمأكل والمشرب والمسكن والصحة والتعليم ومجمل الخدمات من طرق وكهرباء ومياه ....وما يترتب علي الأوضاع الامنية والتهديدات الخارجية والداخلية من ميزانيات يجب توفرها لزيادة القدرات العسكرية للقوات المسلحة وللشرطة المصرية للمحافظة علي أمن البلاد ومواجهة أي تهديدات ارهابية.... لا نستطيع التقليل من خطورتها ...خاصة في ظل ما يجري في بعض دول الاقليم .
مصر تواجه تحديات التنمية ...كما تواجه تحديات الارهاب ...فتحديات التنمية المستدامة... تتطلب القوانين النافذة والتشريعات المطلوبة من مجلس النواب القادم ...كما تحتاج التنمية الي الشفافية والمحاسبة السريعة والاجراءات الصارمة في اطار القوانين التي تنظم علاقة المستثمرين... وافساح المجال لهم لتدفق راس المال حتي يتم انشاء المشاريع الانتاجية ذات العوائد المجزية ...و استكمال المشاريع الاستراتيجية ..ذات العوائد العالية والقادرة علي استيعاب الأيدي العاملة وزيادة نسبة التشغيل وتقليل نسبة البطالة .
كما أن تحدي الارهاب ومواجهته ...والقضاء علي جذوره... وتجفيف منابعه ومحاصرته واجتثاثه من جذوره مهمة وطنية قومية لكافة الشرائح والطبقات وليست مناطة بالأجهزة السيادية المتخصصة فقط ...بل علي كل مواطن مصري مسئولية المحافظة علي وطنه بما يمتلك ويستطيع ...حتي ولو بالكلمة الطيبة التي تواجه كلمات المتربصين والحاقدين الذين لا يتمنون الخير لهذا البلد العربي ...هذا الوطن المصري الذي باركه الله سبحانه وتعالي وذكره في كتابه العزيز (ادخلوا مصر أمنين).
اننا في فلسطين وبرغم العدوان والاحتلال والجرائم المرتكبة علي مدار اللحظة ...وما يسجل من قتل وعدوان وانتهاك للحقوق ..وبرغم كافة الدماء التي تسيل ...والشهداء التي تسقط ...الا أن عروبتنا وقوميتنا تجعلنا دائما في موقف المتابعة والتحليل وابداء الرأي وخاصة بما يحكم علاقتنا الأخوية بالشقيقة الكبري مصر ..وحرصنا الاكيد علي سلامتها وتقدمها واستقرارها ....وتأكيدها لارادتها الحرة ...وتعزيزا لدورها ومكانتها .
الكاتب : وفيق زنداح