منذ اندلاع هبة الانتفاضة الشعبية ، جدل واسع احتلته وسائل الإعلام على تنوعها ومسمياتها ، وأقلام الكتاب والصحفيين والمعلقين ، تمحور هذا الجدل حول دور الفصائل فيما تشهده الأراضي الفلسطينية من مواجهات ومصدامات مع قوات الاحتلال والمستوطنين ، وبأن الشارع الفلسطيني بشبانه المنتفضين في الميادين قد تجاوزوا الحالة الفصائلية . ولم يخلو الجدال في بعض الأحيان حد التشهير والاتهام .
صحيح أن " الهبة " الانتفاضة الثالثة قد بدأت من دون توجهات أو قرار من أي من الفصائل ، لا منفردة ولا مجتمعة . وأن الشباب الفلسطيني له من المآخذ والملاحظات الشيء الكثير ، وهو الذي يتعرض للتهميش بشكل أو آخر . وأن الفصائل فشلت في إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية ، لأسباب بالتأكيد لا يتحملها الشعب الفلسطيني ، إنما تتحملها الفصائل والأطراف الفاعلة في الانقسام . وليس من باب الدفاع عن الفصائل ، ولكن إنصافاً لها ، أنه على الرغم ما يشوب أوضاعها من ترهلات ، إلاّ أنها حاضرة في الميدان من خلال الشباب الفلسطيني المنتفض ، فهؤلاء في جزء كبير منهم منطوي في أطر فصائلية ومنظمات وكتل شبابية وجامعية . وهذا لا يشفع للفصائل والسلطة أنها وبعد مرور الأسبوعين على " الهبة " الانتفاضة الثالثة ، لم تجتمع وتلتقي أقله إذا كان من المتعذر تحقيق المصالحة الوطنية ، أن تلتقي حول عنوان هذه الهبة الانتفاضة .
وفي المقابل من المؤكد أن النقد والتأشير على مواضع الخلل في أداء الفصائل وحضورها ودورها ، من حق الجميع أن يمارسه ، ولكن أن يتم تحويل الفصائل إلى أباليس وشياطين توجب رجمها وشتمها ، أمر فيه من الظلم ومجافاة للحقيقة الشيء الكثير .
الفصائل مطالبة بأن تنخرط مع شعبها ، ولعل اندلاع الانتفاضة جاءت لتمثل فرصة سانحة لكي تُعيد صياغة دورها كحركة وطنية جامعة ، من خلال التلاقي والالتفاف حول الانتفاضة ، عبر إشراك أوسع قطعات شعبنا ونخبه في صياغة برنامجها ، وتحديد أهدافها الوطنية والسياسية ، والاتفاق على مشروعية وسائلها النضالية والكفاحية .
- رامز مصطفى -