أمام ما نواجهه من عدوان إسرائيلي في كل مدننا الفلسطينية، وانتهاكاته وجرائمه ضد الإنسانية من إعدامات مباشرة، وممارسة القمع اليومي، في محاولات يائسة منه لمواجهة المد الشعبي المقاوم والإعلام الذي يُسجل تقدم نحو تجريم (إسرائيل) وتأزيمها ووضعها في حالة من الأزمة الداخلية والعزلة الدولية.
إن #غضبة_القدس التي تسجل اليوم 55 شهيدا منهم 15 طفلا، أثبتت أننا وحدويون لأن إيماننا بالمصير الواحد هو مفهوم عميق الجذور، وقضيتنا تزهر في ربيع الشهداء الذين يسطرون بطولات ويسجل لهم المجد كل المجد، لذلك فإن الوحدة بين كل فصائل الوطن، إنتصاراً لهذه الدماء، ومتى تحققت في الميدان فهي إشارة إيجابية ومتقدمة، لأن الشعب بوحدته أخلد وأبقى من الفصائل ببرامجها وتناقضاتها وحساباتها المختلفة، لهذا فالإيمان بأهمية الوحدة يجب ان يكون أحد الأهداف الإستراتيجية لغضبة الشعب وموجة المقاومة القائمة في مدننا الباسلة، ولنعلن بالفعل لا بالقول، بالتطبيق لا بالشعارات، أن وطننا واحد، وهويتنا واحدة، ووحدتنا راسخة الجذور، وقدسنا توحدنا وأقصانا ينادينا .
وكما أن ما يتميز في هذه الغضبة الثائرة أنها حتى اليوم تأخذ المنهج الشعبي ولم نسمع أن هناك جهة او برنامج معلن لقيادتها، ولا حتى ناطق باسمها، بذلك يمكن القول أن شعبنا كله يتقاسم الفعل ليكتب في التاريخ أننا لم، ولن نفرط في أقصانا ولن نسمح بتقسيمه لا زمانيا ولا مكانيا، ولا مستقبل لنا إن رضينا بهذا التقسيم، وعلى العالم أن يثبت مصداقيته أمام قضيتنا ومصيرنا، ومن حق شعبنا حق تقرير المصير، وقيام دولتنا وعاصمتها القدس.
إن رسالة غضبة القدس للعالم كله، أن شعبنا يناضل من اجل نيل حريته وزوال الاحتلال، وانه من حقنا أن ننهض مثل باقي الشعوب وأن نلحق بركب الدول المتحررة، لأنه تحت الاحتلال، فإن حقوقنا مصادرة مثل أرضنا، ولا استقرار ولا أمن ولا أمان إلا باستعادة حقوقنا، وفي سبيل كل ذلك فإننا نقدم خيرة شباب الوطن شهداء الدفاع عن الأقصى والكرامة والوطن، لنطرد قطعان المستوطنين خارج أرضنا المحتلة، ونحمي أرضنا وشعبنا من هجماتهم وإرهابهم وحرقهم لأطفالنا وزرعنا وتهديدهم لحياتنا صباح مساء .
عن شعبنا الذي قدم الغالي والنفيس من اجل حريته، لا يريد مزيدا من الدماء والقتل، ولكنه أيضا لا يمكن ان يقبل استمرار الاحتلال وعربدته وممارساتها الفاشية والعنجهية، وتزييف الحقائق التاريخية، ومهما بلغت الاختلافات في الراي بين قيادات شعبنا، فإنها لا تفسد للود قضية، وقضيتنا هي التحرر والدولة والقدس وثوابتنا، فالتاريخ والمستقبل والمصير يوحدنا ووحدتنا تعمقها روابط الدم الطاهر التي تروي ارض فلسطين، في سبيل تحرير أرضنا والدفاع عن مقدساتنا، وان واجبنا الوطني تجاه هذه الدماء الغالية أن نحفظ أمانة وعهد الشهداء الأكرم منا جميعا، وأن يكون الجميع إخوة متحابين ولا يفسحون مجالا لمن يتربصون بشعبنا والحاقدين الذين يصطادون في الماء العكر.
ان غضبة القدس التي وصفها وزير الخارجية الأمريكي كيري بأنها وضعت (إسرائيل) على حافة الهاوية، هي أكبر من أوهام الاحتلال، واكبر من خزعبلات يخرج علينا بها رئيس حكومته مثل اتهامه باللاسامية تجاه المفتي الشيخ أمين الحسيني رحمه الله وطيب الله ثراه، ولنثبت بوحدتنا أننا قادرين على تشتيت المحتل، فوحدتنا أساس عزتنا ومنعتنا ولن تفرقنا أي اختلافات صغرت أم كبرت .
بقلم د.مازن صافي