مع استمرار الانقسام السياسي الفلسطيني, واتساع رقعة الهبة الجماهيرية في الضفة الغربية ومدينة القدس العربية وتخوم قطاع غزة الشرقية, ومع دعوات فصائل فلسطينية بضرورة تشكيل لجنة لإدارة تلك الانتفاضة, ومع كفر الفلسطينيين المتزايد للفصائل الفلسطينية جمعاء, راق لي الإجابة على تساؤلات أحد الحائرين في قطاع غزة والذي وصل لدرجات قياسية في اليأس والإحباط والتيه المُرافق لأوضاع اقتصادية- اجتماعية باتت أكثر جدلاً وتعقيداً, جاء الحوار بعد طرح فكرة قلتها سابقا عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيس بوك مفادها أن تكلفة إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية وإنجاح أي هبة جماهيرية شعبية ضد الاحتلال الإسرائيلي وتحقيقها لأهدافها المشروعة و المرجوة يساوي صفر دولار.
حوار مع حائر من غزة
هل يوجد تكلفة صفرية ؟ الحائر :
بالتأكيد لا , فلكل شئ تكلفة حتى التعرف على الأصدقاء يعتبر تكلفة, الخروج للشارع بتكلفة, الجلوس في العالم الافتراضي فيس بوك يعتبر تكلفة , المشاعر والأحاسيس تجاه الآخرين كذلك يعتبر تكلفة !
الحائر : إذن , ولماذا تقول أن هناك تكلفة صفرية , فما هي الحالة التي من الممكن أن تكون تكلفتها صفرية ؟
صديقي , لا زلت أُكد لكم أن لكل سلعة اقتصادية تكلفة , ولكن تكلفة إنهاء الانقسام في الأراضي الفلسطينية هي صفراً .
الحائر : صفراً , وكيف صفراً ويستمر الانقسام لغاية هذه اللحظة, ألم تدري أننا دخلنا في العام التاسع للانقسام ولا زال برنامج الانقسام يستمر وبوتيرة أشد تعقيداً , فلو كانت التكلفة صفر فكيف لم يتم الاستثمار في تلك القضية ما دام لا يوجد تكلفة ؟
نعم صفراً, أنا لا أتحدث عن 9 سنوات مضت, الآن في إمكانية لإنهاء الانقسام وبتكلفة تساوي صفر دولار ؟
الحائر : وكيف يمكن إنهاء ملفاً خطيراً كهذا بدون تكاليف , رغم أن ملك المغرب محمد السادس تعهد سابقا بدفع 500 مليون دولار لو وافق فلسطيني التناحر على إنهاء الانقسام ؟
يمكن صديقي الآن إنهاءه, ومن قال لك صديقي أن هناك تناحر في المصالح بين حركتي فتح وحماس؟
الحائر: نعم , ألم تشكل السنوات التسع السابقة تناحراً ؟
بالتأكيد لا , لا يوجد شئ اسمه تناحر , فلم يصلوا ولن يصلوا حتى لو للحظة واحدة للتناحر فكلاهما من طبقة واحدة وهمها واحد, لكن هناك روافد تجمعهم وتمنع تناحرهم ؟
الحائر : جميل , ولكن ما الذي يجمعهم ويمنع ذلك ؟
رؤؤس الأموال صديقي , مكاسب وغنائم الانقسام , ألم تدرك أنهما يتبعان لنفس المدرسة الاقتصادية ومتفقان على نفس البرنامج المحابي لرأس المال أية كان مصدره ؟
الحائر: إذن لماذا يستمر الانقسام لغاية الآن , ولم تنجح الجهود المبذولة في القاهرة, صنعاء, جدة, مكة , المغرب, بيروت, عمان , الرياض , في إنهاء الانقسام, الم تكلف تلك الجهود مئات الملايين من الدولارات ؟
ومن قال لك أن هناك انقسام, هناك إدارة ناجحة للانقسام , من يدير هذا الملف يعتبر أكفأ من جميع علماء الإدارة , حيث أن قوة تأثير الغنيمة أكبر بكثير من التفكير بمخاطر الانقسام على المجتمع الفلسطيني ؟
الحائر: رائع , ما دام هناك إدارة للانقسام, ومصالح رأسمالية وغنائم مادية تجمعهم , وفشل في الجهود العربية والإقليمية لجمعهم على طاولة واحدة للحوار الحقيقي على أسس وطنية ؟ فكيف يمكن إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية وبتكلفة صفر دولار كما أشرت سابقاً ؟
سؤال جميل صديقي, أعرف أنك يائس ووصلت لمرحلة خطيرة وهي التفكير بالهجرة بسبب غياب الأفق السياسي في وطنك الحبيب , جواب هذا السؤال يكمن في أن إنهاء الانقسام يُكلف موازنة الشعب الفلسطيني صفر دولار , ولكن يشترط لذلك وجود ملياردير فلسطيني لديه رغبة حقيقية بإنهاء الانقسام وبتكلفة صفرية ؟
الحائر : وما هي علاقة هذا الملياردير بالسياسة , وكيف يمكن له إنجاح هذا المشروع الوطني , ما دام فشلت قوى العمل الوطني والإسلامي وجامعة الدول العربية بذلك, أيعقل أن ملياردير فلسطيني يستطيع ذلك؟
نعم , ألم أقول لك أن رأس المال هو من يجمع الساسة ؟ وعليه فإن إثبات صحة هذه الفرضية تكمن في المرسوم المالي التالي :
يعلن الملياردير الفلسطيني (بدون اسم) عن عقد مؤتمر اقتصادي في مدينة شرم الشيخ المصرية , هدف هذا المؤتمر هو تحويل جميع استثماراتي في الخارج والبالغة 5 مليار دولار وضخها في اقتصاد قطاع غزة كي ينمو وبوتيرة سريعة , ولأجل ذلك فإني أهدف من ذلك دعوة 1000 شخصية سياسية واقتصادية ومجتمعية فلسطينية الأكثر تأثيراُ في الساحة الفلسطينية , بمعنى أن هذا المؤتمر في يوم افتتاحه سيكون رواده كل فلسطيني قريب من اتخاذ وصنع القرار.
المرسوم المالي رقم 2: تم موافقة الحكومة المصرية على إدخال تلك الشخصيات وعددهم 1000 وتأمينهم حتى وصولهم لهذا المؤتمر.
المرسوم رقم 3: بعد نجاح فعاليات المؤتمر , وعدم تغيب أي شخصية, أعلن أن الملياردير استثمار 5 مليار دولار وهي رأس المالي الفعلي في الاقتصاد الغزي, ولكن أنا بحاجة للجنة الآن يتم التوافق عليها لإدارة هذا الملف , تفاجأ هذا الملياردير أن الانقسام والتداخل في الأهداف كان سيد الموقف وخلال 3 أيام لم يتم التوافق على تشكيل هذه اللجنة.
المرسوم رقم 3: أعلن أن الملياردير الفلسطيني( بدون اسم) عن إيماني المطلق بفكرة الحرفوش أبو فراس القائلة أن تكلفة إنهاء الانقسام هي صفر دولار , وذلك عبر تنفيذ عملية وطنية شبيهة بما فعله محمد علي في القلعة , لذلك أعلن عن إنهاء هذه الفعاليات بدعوتكم لحفلة عشاء " العشاء الأخير" , وأثناء عملية توزيع العشاء , تذكر الملياردير بضرورة استخدام جنود من العسل كما فعل ذلك سابقا معاوية بن أبي سفيان باغتيال معارضيه عبر وضع السم في العسل, وذلك عبر طحن حبوب مخدرة (مُنوم) في تلك الوجبات الراقية وتحديداً في سمك لوكس 111 الكفيل باجتماع الساسة المُختلفين على نفس الوجبة , وقبل ذلك قدم الملياردير الفلسطيني عطاءات لذلك , فوجد أن كل من وافق على تقديم تلك الحبوب المخدرة هم فلسطينيون وقدموا تلك الحبوب مجاناً.
المرسوم رقم 4: نادي الملياردير بصوته العالي تفضلوا على العشاء , اعتقدت الشخصيات الفلسطينية أن الفعاليات انتهت فذهبوا للعشاء كمكسب , وخلال ساعة بدأ مفعول هذه المخدرات ونام الجميع , ولكن ما هي المدة الزمنية التي ترافق تلك العملية.
المرسوم رقم 5: يعلن الملياردير وعبر التلفاز إنهاء الانقسام بقوله لقد رحل مدراء ومعيقي الوحدة الوطنية, وخلال ساعات بدأ الفلسطينيون بترتيب أوضاعهم الداخلية , وقاموا بتشكيل حكومة شعبية بدون أي فصيل سياسي , وبذلك أعلن الشعب الفلسطيني كفرهم المُطلق بالفصائل الفلسطينية التي استمرت في تشكيلها عبئاً على شعبها وإعاقتها لأي تقدم وتغيير ملحوظ رغم التضحيات الجسام التي قدمها ويقدمها الفلسطينيون .
المرسوم رقم 6 : بعد تشكيل حكومة شعبية في فلسطين, بإمكان الشخصيات أل 1000 الاستيقاظ من النوم عبر إبطال مفعول تلك الحبوب المخدرة , وعليها فورا العودة لفلسطين , وممارسة أعمالهم ما قبل السلطة الفلسطينية , أي أنشطتهم الماضية والتي توفر لهم دخول غالبا تساوي حد الفقر.
المرسوم رقم 7 : هذا المرسوم له علاقة بتقديم كشف حساب بنفقات تلك الأيام وهي كالتالي:
الحبوب المخدرة ( المنوم ) وإبطال مفعولها = صفر دولار (تبرع كريم من أحد مورديها وهو فلسطيني يستثمر أمواله في مصر بسبب عدم وجود قوانين محفزة للاستثمار في الأراضي الفلسطينية, حيث أنه يمتلك شركات للتجارة العامة والمقاولات, عمل سابقا في الأراضي الفلسطينية ونظير لكل برج قام بتدشينه قدم مجانا عدة شقق لمن يعطيه العطاء, أحُبط وخرج واستثمر أمواله في جمهورية مصر العربية مستنداً للقول السائد والقائل أن رأس المال جبان ).
وجبات العشاء = صفر دولار ( لأن هذا النشاط يعتبر نشاطاً وطنيا بامتياز , وبالتالي فهو نشاط مُعفى من الضريبة ).
الفندق السياحي بشرم الشيخ = صفر دولار ( غالبا أحد الشخصيات أل 1000 يمتلك هذا الفندق, وكحسن نية تقدم بحملة مفادها خصم 100%, والسبب رغبته في الحصول على تزكية من الملياردير لإدارة شركاته الاستثمارية الوافدة للأراضي الفلسطينية والتي تمتلك 5 مليار دولار كفيلة بتغيير وضعه الاقتصادي ب180 درجة ).
وبعد 9 سنوات من الانقسام , وكفر الفلسطيني الحُر بتنظيماته وعدم إيمانه بها لأنه وبدون أي مجال للشك عرف جيداً ما يجري من حوله, فإن الاستمرار في الفعاليات والهبات الجماهيرية والتي يقودها شبان الفيس بوك والتوتير كفيلة بتحقيق أهدافها بعيداً عن الفصائل السياسية التي نجحت في تعميم ظاهرة أن الفلسطيني خسر في معركته في الحصول على احتياجاته الضرورية , وألجمت حقوقه وباتت آدميته بلا قيمة حيث تراجعت كرامته الانسانية تدريجياً, وعليه فإنه ليس فقط إنهاء الانقسام تكلفته صفر دولار , كذلك عملية التغيير الحقيقي في المجتمع الفلسطيني تكلفتها صفر دولار.
بقلم/ حسن عطا الرضيع