تجارب التاريخ ومحطاته ومتغيراته أكدت لنا ... ولغيرنا ... أن أي تحرك أمريكي أو حتى غير أمريكي... من خلال الأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي وغيرها من المسميات التي تولدت لحماية هذا الكيان العنصري الفاشي انقاذا له وتماهيا مع مواقفه ... وتخفيفا عن كاهل هذا الكيان تبعات ما يواجهه من شبابنا المنتفض ...الذين أبو الا ان يكونوا في صدارة المشهد ... وعنوان المرحلة ... والقائلين بأعلى صوتهم ... وبدمائهم ... وريعان شبابهم ... وطفولتهم البريئة ... وعنادهم الوطني ... بأن لا وجود للاحتلال بعد اليوم... ولا قبول بالاستيطان والمستوطنين ... ولا اعتراف بسياسة الأمر الواقع ... فالحقوق لا تضيع مع مرور الزمن ... لأنها ثابتة وخالدة بالعقول والقلوب ... ولا تنازل عنها مهما اشتدت يد البطش والعدوان .
منذ بدأت الهبة الشعبية التي جاءت بعد تراكمات عديدة وسنوات طويلة من الممارسات العنصرية الفاشية التي يقوم بها قطعان المستوطنين وقوات الاحتلال ضد شعبنا و الأماكن المقدسة ... ومحاولات تدنيسها وتقسيمها بما يتوافق و التعاليم التوراتية المزورة للحقائق ... والتي تحاول أن تزج باليهودية والتوراتية بأقدس مقدساتنا الاسلامية... التي لا يمكن القبول بالمساس بها ... أو التعدي عليها... أو حتى المشاركة فيها... تحت أي مبرر أو ذريعة... يمكن ان تساق أو يتحدث عنها البعض .
اسرائيل محتلة للأراضي الفلسطينية منذ العام 67 مما فيها القدس الشرقية .. وعليه فان الاحتلال وما يمارسه وما يحدثه من تغيرات لا يعتبر بحكم القانون الدولي امرا واقعا ... بل يعتبر بمنظور هذا القانون تعديا يجب انهائه ... فما يجري من تحركات دولية من خلال الأمين العام للأمم المتحدة المتناقض مع القرارات الدولية والذي أصبح غائبا عن فحواها وتواريخ اصدارها... الى الرباعية الدولية ... التي لا زالت تراوح مكانها ... في ظل عدم فعاليتها واتخاذها لما يلزم من اجراءات وتحركات... الا انه يبدو انها رباعية ضمن اطار ادارة الصراع ...وليس حل الصراع ... حتى الولايات المتحدة بوزير خارجيتها كيري واجتماعه مع الرئيس محمود عباس في عمان لم يأتي بجديد ومغاير ... فما كان قائما ليس مطلوبا ... لأن ما كان قائما هو احتلال وممارساته من خلال المستوطنين والمرفوضة جملة وتفصيلا ... لأن ما نسعى اليه وما نسعى لتحقيقه هو الحرية الكاملة والاستقلال الوطني ودولة عاصمتها القدس الشرقية ... ولم تسل الدماء ... وسقطت الأروح من اجل ان توضع كاميرات بالمسجد الاقصى ... فالمسجد الاقصى على اهميته وقدسيته يشكل جزءا من المطالب الوطنية الفلسطينية ... لأننا أمام قضية شعب وأرض وحرية ودولة ... والقدس وبما فيها الأقصى ... جزء من المطالب الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني وليست كل مطالبنا وتطلعاتنا .
التحرك الأمريكي الأخير من خلال جون كيري الذي تحرك بعد أربع وعشرين يوما وبعد سقوط ما يقارب 58 شهيد وبعد جرح الالاف واعتقال ما يقارب الألف ... وفي ظل هذه الممارسات الاجرامية والارهابية في قنص أطفالنا واعدامهم بدم بارد أمام عدسات الكاميرات ... دون اكتراث بالمجتمع الدولي وقوانينه ومحاكماته... اعتمادا على هذا القطب الأمريكي المساند والداعم بكافة الأحوال... وعبر كافة المراحل .
ليس أمامكم ... الا... ان تقفوا وقفة صادقة... وأمينة... مع القضية الفلسطينية بكافة جوانبها ... وان لا تحاولوا أن تمارسوا سياسة الترقيع ... والطبطبة ... ومحاولة الامساك بالعصا من المنتصف ... بل على كل من يتحرك لوقف ما يجري ولإحداث التهدئة ان لا تكون قضيته الأولى اطفاء الحرائق عند اشتعالها ... بل العمل بكل صدق وامانة على عدم احداث الحرائق ... هذا ما يجب على المجتمع الدولي ان يتخذه بداية ... وان يحدد خطواته السياسية وقراراته الأممية على أساس انهاء الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية وازالة كافة اشكال الاستيطان وايجاد حل عادل لقضية اللاجئين وفق القرار 194 .
على المجتمع الدولي وعلى راسه الولايات المتحدة ان تستمع جيدا لأقوال الرئيس محمود عباس ومطالبته الدائمة بإنجاز مشروع السلام قبل فوات الأوان .
ليس امامنا ... الا ... بداية ... وحتى نكون صادقين مع انفسنا ... وصادقين مع شعبنا ... وصادقين مع هبة شبابنا وانتفاضتهم المعبرة عن اصالة الانتماء الى هذا الوطن ... ان نقدم لهم هدية ما قدموا ... هدية ما قدموا... ليس ان يسجلوا في سجلات الشهداء ... ولا ان يسجلوا في سجلات الجرحى ... ولا ان يسجلوا في سجلات الاسرى ... ولا ان يتم الحديث عنهم عبر وسائل الاعلام ... وان توضع صورهم ... مع اهمية وعظمة وواجب كل ذلك ...الا ان المطلوب وحتى يرتاح شهدائنا في قبورهم ...والجرحى على سرير شفائهم... والمعتقلين في سجونهم ... ان يخرجوا علينا المنقسمين لينهوا انقسامهم ... وليعلنوا وحدتهم ... وان يعلنوا عودة الثقة بينهم ... وليكونوا محل تقدير واحترام شعبهم ... والا فان بقاء الحال ... سيكون التهديد الأول لهبة شبابنا المنتفض .
الكاتب/ وفيق زنداح