كل التحركات السياسية على الأرض والضغوط الدولية من كل العواصم تستهدف الضغط من اجل تهدئة الشارع الفلسطيني الملتهب منذ شهر لكي لا تتصاعد الهبة الجماهيرية وتتحول الى انتفاضة شعبية على امتداد الجغرافيا الفلسطينية وتلتحم بها كل طبقات المجتمع الفلسطيني , يصعب التنبؤ بامتداداتها ونتائجها وأساليبها الكفاحية مما اضطر نتنياهو الى زيارة ألمانيا وجولة أوروبية ليست لتهدئة الوضع بقدر ما هي محاولة لتصور إسرائيل نفسها على انها ضحية موجة إرهابية تستهدف وجودها وكيانها وهي بحاجة الى دعم وتغطية سياسية دولية لتبرير جرائمها وإعداماتها الميدانية بحق الهبة الشعبية وهذا ما صرح به جون كيري مبعوث عملية السلام والمتصهين أكثر من إسرائيل نفسها ووزير الخارجية الأمريكي ومعظم الدبلوماسيين الغربيين وعلى رأسهم بان كي مون حينما قالوا من حق إسرائيل ان تدافع عن نفسها ضد موجة الإرهاب , والإعدامات الميدانية اليومية الموثقة بالصوت والصورة دليل على ان إسرائيل ذاهبة باتجاه التصعيد وعسكرة الهبة الشعبية وليس باتجاه التهدئة وإلى فرض وقائع على الأرض انسجاماً مع جهودها المستمرة في تغيير الواقع لإجهاض الحقوق الفلسطينية في إقامة دولته وحق عودته.
تمارس ضغوط ضخمة على السلطة الفلسطينية لوقف الهبة الشعبية المتصاعدة وخاصة من قبل الإدارة الأمريكية ومن كافة الإطراف الدولية ومن عواصم عربية عدة على رأسها السعودية بضغوط وحجج كثيرة وان كيري لا يحمل اي جديد في جعبته سوى النظرية الأمنية الإسرائيلية والالتفاف على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني كما سلفه بان كي مون , وإبقاء الوضع على ماهو علية فيما تدرك السلطة انها ليست المسير والمسيطر على الأرض وليست معنية بالعملية التصاعدية للهبة الشعبية وإبقائها في إطارها الحالي ضمن الفعل ورد الفعل نتيجة لحالة الانقسام والتشرذم التي ألمَّت بالنظام السياسي الفلسطيني وأضعفت أداء مختلف مكوناته، وأيضاً لتطورات إقليمية ودولية أقصت القضية الفلسطينية عن دائرة الاهتمام المباشر
ان البحث عن استثمار سياسي تحت مسميات وتعهدات ووعود كاذبة هدفها الالتفاف على الهبة الشعبية ووأدها في مهدها دون نضوجها واستكمال الأهداف الوطنية هو انتحار وإعدام سياسي وتفريط بحق الشهداء والجرحى والأسرى والمنتفضين في شوارع وحارات وأزقة القدس والضفة وان الاتفاق المبدئي مع الحكومة الأردنية وكيري حول اختزال التهويد الذي تتعرض له القدس والحملة الاستيطانية المستعرة والهجمة الشرسة على المقدسات والمسجد الأقصى خاصة ومحاولة التقسيم المكاني وألزماني والإعدامات الميدانية مقابل أبقاء الوضع كما هو ووضع كاميرات مراقبة لمراقبة الفلسطينيين داخل المسجد الأقصى وتقييد حركتهم ومنع اي محاولة للعمل في مرافقه بحجج مختلفة والكاميرات والمراقبة هدف ومطلب إسرائيلي وليس انجاز دبلوماسي عربي او فلسطيني والكاميرات تحت مراقبة من ؟ هل هي تحت أشراف مراقبين دوليين ؟ ماذا عن تحت الأرض الحفريات والأنفاق تحت المسجد الأقصى هل هي مراقبة أيضا؟ استفزازات واعتداءات المستوطنين من يردعهم ؟ وما هي الضمانات ؟ الاستيطان المستعر ملف الأسرى الملف السياسي وكل الملفات المتعلقة بالمشروع الوطني برمته
ان الاتفاق المعلن هو التفاف على دماء الشهداء وطعنة من الخلف تمثل ضعف وغباء سياسي وديماغوجية تهدف الى الاحتيال السياسي على الشباب المنتفضة لتنويمه مقابل وعود وتعهدات يعرفها الشعب الفلسطيني جيدا وعهدها منذ زمن , وكيف اسرائيل تخلف ولا تلتزم لا بمعاهدات ولا اتفاقيات ولا وعود
اي اتفاق سياسي لا يشكل امل وحياة كريمة للأجيال القادمة ضمن المشروع الوطني الفلسطيني المتكامل وتحت مظلة الشرعية الدولية ,والمطالبة بحماية دولية وتقديم إسرائيل للمحاكم الدولية والمحكمة الجنائية الدولية ومحاكمة زعمائها بارتكاب جرائم بحق المدنيين , وسحب الملف الفلسطيني من الرباعية الدولية التي أثبتت فشلها وانحيازها وعدم قدرتها إلزام إسرائيل بالوفاء بتعهداتها وان يعاد الملف الفلسطيني الى هيئة الأمم المتحدة يعتبر اللعب بالنار والرقص على حبل مشدود لا تحمد عقباه فهل يقبل الشارع الفلسطيني بوعود وتعهدات بمن هو مجرب والمثل الفلسطيني يقول ( إلى بجرب المجرب بكون عقله مخرب ).
بقلم/ زياد اللهاليه