هل يستحق بيان نتانياهو حول القدس ترحيب الأردن؟ وهل أطلع المسئولون الأردنيون الملك عبد الله على الترجمة الحرفية للبيان، وحذروه من مضمونه الخبيث؟
لو تم ذلك لما سمح للديوان الملكي الاردني بأن يصدر بياناً باسم الملك يقول فيه: تابعت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ليلة أمس (السبت) وتأكيده الالتزام باحترام ترتيبات الوضع القائم، وعدم تغييرها، هذا الالتزام مرحب به، على أن يتم تنفيذه على أرض الواقع.
وهنا أزعم إن المعلومات التي نقلت إلى ملك الأردن عن بيان نتانياهو لم تكن دقيقة، وذلك للأسباب التالية:
1- أن بيان نتانياهو يؤكد على حق اليهود في الحرم القدسي الذي سماه "جبل الهيكل"، وقد رد ذلك في نص البيان الذي يقول: "إدراكاً منا لأهمية جبل الهيكل للأديان السماوية الثلاث؛ اليهود والمسلمين والمسيحيين".
فهل أمسينا نعترف أن اسم الحرم القدسي قد صار جبل الهيكل؟ وهل لليهود حق في هذه البقعة المقدسة لدى المسلمين؟ فكيف يصير الترحيب ببيان يزيف الحقائق التاريخية، ويقدم اليهود على المسلمين والمسيحيين في تقدسيهم للمكان؟
2- أكد نتانياهو في بيانه على أن إسرائيل لم تقم بتغيير الوضع القائم، وأن الاتهامات الموجهة إليها باطلة، وذلك حين قال في البيان: "تعاود إسرائيل تأكيد التزامها بدعم الوضع القائم في جبل الهيكل دون تغيير قولاً وممارسة".
إن استخدام جملة "تعاود إسرائيل تأكيد التزامها" فيها تأكيد على أن إسرائيل تحترم تعهداتها، وتحترم حقوق الآخرين، وفي الوقت نفسه فيها تظلم وشكوى من أولئك الفلسطينيين الذين يتهمون اليهود بمواصلة اقتحام المسجد الأقصى، وتدنيسه.
فهل هذا صحيح؟ هل حافظت إسرائيل على الوضع القائم، ولم تعمل على تغييره؟
3- حرص نتانياهو في بيانه على التأكيد بأن لليهود حق ثابت في زيارة الحرم القدسي الشريف، وهذا أقصى ما يطلبه اليهود في هذه المرحلة، وهذا ما تضمنه البيان الذي جاء فيه: "ستواصل إسرائيل تطبيق سياستها القائمة منذ أمد بعيد، وهي: المسلمون يصلون في جبل الهيكل، وغير المسلمين يزورون جبل الهيكل".
فهل أمسى العرب يعتبرون زيارة اليهود للحرم القدسي شأناً إسرائيلياً داخلياً؟
وإذا كان من حق اليهود زيارة الحرم القدسي، فلماذا اشتعلت انتفاضة الأقصى سنة 2000، لمجرد زيارة "شارون" للحرم القدسي؟
إن الموافقة على حق اليهود في زيارة الحرم القدسي تعني الموافقة الضمنية على تخصيص زمن لهذه الزيارة، وهذا هو التقسيم الزماني الذي سيطبق على المكان؟
لقد استهجن الشعب الفلسطيني ترحيب الملك الأردني بالبيان الصهيوني الخبيث، واستهجن أكثر التصريح الصادر عن وزير الخارجية الأردنية السيد ناصر جوده، والذي اعتبر أن تصريحات رئيس وزراء اسرائيل نتان ياهو، وتأكيده على التزامه بالحفاظ على الوضع القائم (في المسجد الاقصى) مرحباً بها، وإنها خطوة في الاتجاه الصحيح”
فأي صحيح هذا الذي يتحدث عنه رئيس الوزراء الأردني، وكل فقرة في البيان الإسرائيلي تحاكي الكذب التاريخي لليهود في حقهم بالأرض العربية؟ أم أن الصحيح هو التوافق والتشابه والانسجام بين تصريح نتانياهو وتصريح جون كيري الذي قال: إن إسرائيل "ستواصل الالتزام بسياستها التي تتبعها منذ وقت طويل بخصوص العبادة الدينية في جبل الهيكل بما في ذلك الحقيقة الأساسية؛ أن المسلمين هم الذين يصلون في الحرم الشريف وغير المسلمين يزورونه"
تلك الافتراءات على المسجد الأقصى لا تمر على الشباب العربي دون تمحيص، ولا يقفز عنها شباب فلسطين إلا للانقضاض بالسكين على ظهر الغاصبين، وللشباب العربي والفلسطيني القدرة والموهبة للتدقيق السياسي في كل ما يصدر من بيانات، ولهم المعرفة الميدانية التي تؤهلهم لكشف حجم الغبن الساقط على رأس الأمة العربية والإسلامية من هذا الثنائي الإسرائيلي والأمريكي؛ الذي يختلف في طريقة إهانة العرب، ولكنه يتناغم ويتفاهم على قواعد إذلالهم الأساسية، وتدنيس مقدساتها الإسلامية.
د. فايز أبو شمالة