انقاذ العام الدراسي

بقلم: أسامه الفرا

سألت صديقي الذي عمل سابقاً ممثلاً لبلاده لدى السلطة الفلسطينية عن السبب الذي دفعه لاختيار جامعة بريطانية لإكمال دراسته العليا، خاصة وأن وطنه يضم العديد من الجامعات التي يطمح الكثير للإلتحاق بها، انتظرت أن يأتي جواب صديقي متعلقاً بموضوع رسالة الدكتوراة التي يعكف على إعدادها، أو أن يكون لذلك علاقة بعمله الجديد بعد أن انهى مهامه في فلسطين، لم يقل شيئاً من ذلك في الوقت الذي بدت على ملامحه علامات الدهشة من السؤال، ابتسم صديقي وهو يقول قد تكون الرغبة في السفر هي الدافع، موضحاً أنه يعود إلى وطنه كل اسبوع أو اسبوعين على أكثر تقدير يمضي فيه يومين قبل أن يلتحق بجامعته من جديد في مدينة قريبة من لندن، وكي لا ترهقه نفقات السفر يقوم بحجز تذاكر الطيران قبل عدة اشهر من موعدها، حيث ثمن التذكرة لا يتعدى ثمن تذكرة قطار من ميدينة إلى أخرى داخل بريطانيا.

مر شريط حواري مع صديقي أمامي وأنا أستمع لأسرة إنتابها القلق على مستقبل ابنها الذي أنهى دراسة الثانوية وحصل على قبول لدراسة الهندسة في احدى الجامعات المصرية، حيث لم يتمكن حتى اللحظة من الالتحاق بجامعته من جراء إغلاق المعبر، وما يرفع منسوب القلق لديهم أنه لم يتمكن أيضاً من تسجيل اسمه في كشوفات الراغبين في السفر، حال هذه الأسرة كحال المئات من الأسر التي تنتظر أن يتمكن أبناؤهم من الإلتحاق بجامعاتهم في مصر ودول العالم الأخرى، المئات من طلبة قطاع غزة لديهم الأوراق الثبوتية لقبولهم في الجامعات المصرية من خلال إدارة الوافدين، والغالبية منهم سيدرسون في كليات عملية تتطلب منهم الدوام النظري والعملي، وأن تأخير إلتحاقهم بكلياتهم سيؤدي بهم حتماً إلى تأجيل العام الدراسي.

إن مشكلة عدم تمكن الطلبة من الإلتحاق بجامعاتهم خارج الوطن بحاجة إلى تحرك جاد وسريع لإنهاء معاناتهم ومعاناة أسرهم، تحرك من الجهات ذات العلاقة المتمثلة في وزارة الخارجية ووزارة التربية والتعليم العالي ومن قبل الشؤون المدنية، ما الذي يمنع وزير خارجية فلسطين ومعه وزير التربية والتعليم العالي من الاتفاق مع الشقيقة الكبرى مصر على فتح معبر رفح للطلبة ضمن آلية يتم التوافق عليها؟، طبقاً لكشوفات الطلبة المقبولين في الجامعات المصرية، مصر التي فتحت ذراعيها على مدار عقود عدة لطلبة قطاع غزة لإستكمال تعليمهم العالي في جامعاتها لن تبخل بالتعاطي الإيجابي لحل مشكلة تتعلق بالمئات من أبنائنا الطلبة.

ولماذا لا تحاول وزارة الشؤون المدنية أن تضع آلية مع حكومة الاحتلال تسمح بسفر الطلبة عن طريق معبر بيت حانون أسوة بما يتم العمل به للمصلين من قطاع غزة في المسجد الأقصى، ويمكن ترتيب انتقال الطلبة من معبر بيت حانون إلى معبر الكرامة ومنه إلى مطار عمان الدولي، حيث بإستطاعتهم السفر منه مباشرة إلى الدول المختلفة، لا شك أن ذلك يتطلب وضع آلية يتم التوافق عليها، لكن دون أن تبادر الجهات الفلسطينية ذات العلاقة لحل مشكلة الطلبة ستبقى مشكلتهم تراوح مكانها، وكي لا يضيع عام دراسي على ما يربو عن الأف طالب هم بحاجة لتحرك جاد قبل فوات الآوان، أتمنى على وزير التربية والتعليم العالي الأخ صبري صيدم أن يسارع بوضع ملف الطلبة على طاولة مجلس الوزراء للخروج بتحرك جاد وعاجل لإنقاذ العام الدراسي.

بقلم/ د. أسامة الفرا