بذكري ..الوعد الأسود !

بقلم: وفيق زنداح

بنهاية القرن الثامن عشر وتحديدا بالعام 1897 عقد المؤتمر الصهيوني الاول والذي أقر بضرورة وجود وطن قومي لليهود في واقع خيارات متعددة لم يتم الاتفاق وتحديد ماهية المكان والزمان الذي سيولد هذا الكيان العنصري الفاشي .
وفي العقد الثاني من القرن التاسع عشر وما بعد الحرب العالمية الاولي وما جري من اتفاق ما بين بريطانيا العظمي وفرنسا بما يسمي باتفاقية سايكس بيكو بالعام 1916 والذي اتفقوا فيها علي تقسيم المنطقة العربية بين الاحتلالين البريطاني والفرنسي .
المشهد الدولي كان عاصفا ومنقسما ....الا أن القوة العظمي متمثلة بالامبراطورية البريطانية التي استعمرت العديد من المناطق في جنوب شرق أسيا ومنطقة الخليج العربي وحتي فلسطين عندها خرج وزير خارجية بريطانيا في الثاني من نوفمبر 1917 بوعد مشئوم وأسود .....وعد من لا يملك ..الى من لا يستحق ..وعد ظالم ....تم اتخاذه بغفله من الزمن... في واقع عربي هزيل ما بعد حرب كونية لم يكن للعرب تاثيرا بمجرياتها ....أرادت بريطانيا العظمي ومحاولة منها لارضاء بعض القوي الغربية التي أرادت التخلص من الجماعات اليهودية داخل دولهم وانهاء الصراعات بداخلها ....ووقف المنافسة لرأس المال وانهاء الاحتكار الذي ميز الجماعات اليهودية والصهيونية داخل تلك الدول .... ومحاولة لارضاء اليهود وانهاء التنافس الاقتصادي والسيطرة الصهيونية علي مقدرات اوروبا الاقتصادية.... وبعد ان أشيع حول ما يسمي بالمحرقة التي قام بها هتلر والزعيم الالماني .... ومحاولة بمبدأ التعويض حول ما يسمي بالظلم الواقع علي اليهود خرج هذا التصريح الاسود ...الذي سيبقي مسجلا بالتاريخ أن بريطانيا قد ارتكبت ظلم تاريخي لا يغتفر بمنح اليهود حق اقامه دولة علي أرض فلسطين وعلي حساب شعبنا وحقوقه المتجذرة بعمق التاريخ... وما ترتب علي هذا الوعد الظالم من قتل ومذابح ومجازر من خلال عصابات الهجانا وشتيرن ....والذين تم تمؤيلهم بالمال والسلاح البريطاني لمواجهه الفلسطينيين والتضييق عليهم وتشريدهم من مناطق سكناهم .
اصحاب الارض الاصليين الكنعانيون الفلسطينيون يطردون من أرضهم الممتدة جغرافيا من رأس الناقورة شمالا حتي رفح جنوبا ..ومن نهر الاردن شرقا وحتي البحر المتوسط غربا .

هذا الوعد الاسود والمشئوم والذي صدر عن بلفور وزير خارجية بريطانيا والذي أعطي حق اقامة وطن قومي لليهود في فلسطين ...لا يستند الى ادني حق للانتداب البريطاني في اعطاء فلسطين لليهود وللحركة الصهيونية... والذي سيبقي مخالفا ومتناقضا مع كافة القوانين والشرائع الدولية والتي لا تعطي الحق لأيا كان أن يتصرف بما لا يمتلك ....وأن يتعهد بملك الاخرين فكيف يمكن القبول باهداء الاوطان ....وهذه جريمة سياسية قانونية انسانية ستبقي تلاحق بريطانيا بداية ....والأمم المتحدة والمجتمع الدولي الذي أقر بهذا الكيان العنصري علي حساب أرضنا وحقوقنا وحريتنا .
الحديث عن ذكري الوعد الاسود و المشئوم... ليس تباكيا علي عتبات تاريخ مضي ...وليس تناسيا لمن ظلمنا ..وليس تغيبا أو تجاوزا لتاريخ اسود.. بل تأتي الذكري المشؤومة وشعبنا يعيش مأسي وكوارث ونكبات متجددة تزيد من فداحة هذا الظلم التاريخي الذي لا زال ممتدا عبر ما يقارب قرن من الزمن .
ان الحديث عن الظلم التاريخي الذي وقع علي شعبنا ...وعلي حساب أرضنا وحقوقنا ...لا زال ظلما مستمرا ومتصاعدا من خلال هذا الكيان العنصري الفاشي ...الذي لازال يوغل في احتلاله واستيطانه وممارساته التعسفية ...وما يرتكبه من مجازر وجرائم دموية لا انسانية ..مخالفا لكافة القوانين الدولية والانسانية .
ان شعبنا الفلسطيني ومن خلال قيادته الشرعية ...لم يألوا جهدا عبر مسيرة الكفاح الوطني الممتد منذ النكبة التي ألمت بنا بالعام 48 ....وما شهدته الساحة الفلسطينية من تصعيد ثوري نضالي بالاول من يناير 65 ....وما تعمد عبر المسيرة الكفاحية خلال العقود الماضية من نضال وطني أكد للعالم بأسره ...أن شعب فلسطين لا يشطب بوعود ....وأن الأرض الفلسطينية لا يمكن لها أن تضيع بحكم قوة غاشمة ....لأن الحقوق لا تسقط بالتقادم ....بل ستبقي حقوقنا محفورة بذاكرة أطفالنا وشبابنا ....رجالنا ونسائنا ....المنتفضين دفاعا عن العرض والارض ...دفاعا عن القدس والمقدسات ....هذا هو شعب فلسطين المنتفض والمقاوم لهذا الاحتلال الغاصب ...ليؤكد أن الظلم التاريخي ...لن يستمر....وسيزول ....بقوة ارادة شعبنا المنتفض .

الكاتب : وفيق زنداح