سياسة الدولة في عالمنا العربي مبنية على الضبابية ،والتضليل ..تلك السياسة التي دوما ملامحها خبيثة ،غير واضحة المعالم والمبنية على التجويع ،والاضطهاد .. فالمطلوب أن ينسى المواطن ، الذين يلتصقون بالكراسي ..كراسي الحكم ..وأن ينسى البناء ،والاستقرار ،والأمان بل ..عليه أن ينسى هموم مجتمعه ،وينسلخ من عائلته ،وإلا فلن يجد رغيف .خبز ،ولا حفنة أرز أو طحين ..ولن يجد سوى أكياس الملح ..المطلوب من المواطن المسكين أن يبلع حبوبا مخدرة ،مع رشف كأس المرارة بعيدا عن الرقابة ..وإلا أتحدى من يوضح لنا مثالا لاحصرا ..ما الذي يحدث في سوريا بالضبط من يقاتل من ..؟! ،ومن أجل من يضحي بحياته كلها ..؟! ولأني مطلع على قواعد اللعبة ،ولأني استفدت من خبرتي العسكرية أبسط ما يمكن تحليله هو أنه هناك على أرض سوريا ..ثلاث فرق ،الفرقة الأولى هي صاحبة الهيمنة والاستبداد والظلم والبطش والمتمثلة في الجيش العربي السوري ،الموالي لبشار الأسد ،وذلك الجيش لأنه على باطل ويمثل أسمى مراحل الدكتاتورية لذلك هناك من يدعمه سواء من جماعات شبه عسكرية أو مليشيات ممولة ومدربة من قبل إيران وروسيا ،وذلك الفريق ضد فريق "الجيش لسوري الحر" الذي يقاتل من أجل نيل الحرية ،والاستقرار ،والذي أنشيء منذ بداية الثورة ..ويقف إلى جانبه كل من السعودية وتركيا وقطر وهم الذين يدعمونه ..وهناك جماهير عريضة من" الالتراس " وهي عبارة عن قوى غربية كفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة ، والتي تدعي أن أهم أهدافها التخلص من الأسد ،والحقيقة أنهم يشجعون بكل حرارة الطرفين المتنازعين من أجل أن يصفي كل منهم الآخر فتخلو لهم الساحة، ولتحقيق مآربهم ،وفرض سيطرتهم بالقوة على سوريا ..وفي منتصف الملعب السوري هناك الأكراد ،والذين هم أصولهم لعرق غير العرق العربي وهم يسيطرون على ثلاث مناطق ،وهم كذلك الذين يقاتلون قتالا عنيفا ضد " داعش " والتي زرعتها القوى الغربية السالفة الذكر ،والتي تدعي في ذات اللحظة أنها تحاربها وهدف الأكراد هو الحكم الذاتي وليس الاستقلال ..ويبقى عندنا كذلك هناك فريقا آخر ويسمى "بجبهة النصرة "والتي تمثل " تنظيم القاعدة "وجبهة النصرة تقف في مفترق الطرق بين الجهاديين والمعارضة السورية وهم سيطروا على مناطق كبيرة شمال سوريا ...ما الرأي إذا لما يحدث في سوريا ..باختصار الذي يحدث في عالمنا العربي هو تطبيق واضح ،وترجمة صريحة .. لأحد أفكار تراث الأدب الشعبي المصري ، والتي راقت لي كثيرا وأكتبها كما هي بنفس اللهجة وعندئذ ستعلمون جيدا من "جرنفله " وهو اسم إحدى النساء، ومن "البردان " وهو الرجل المتزوج من جرنفله حيث مطلع الكلمات : بردان أنا يا جرنفلة غطيني !
والله ما أعطيك ،ولا أجرب يمك
حاشي تبيع خالك وترهن عمك!
وتكسّر السلم على رأس أمك!
وأنا ألبس الكشمير واجف قدامك !
..وتلك هي السياسة القائمة في عالمنا العربي ..والمستوحاة، من التراث الشعبي المدسوس ، وليس الأصيل ..!!
بقلم /حامد أبو عمرة