الاجراءات التصعيدية القمعية التي تنفذها حكومة الاحتلال الاسرائيلي ضد المواطنين الفلسطينيين ارضاءا للمستوطنين والتي اخرها مساء أمس بإبلاغ عشرة عائلات فلسطينية بضرورة اخلاء منازلهم خلال 15 يوما من اجل هدمها لقربها من بؤرة استيطانية تعتبر استهتار بلقيم الانسانية ومخالفة لقواعد القانون الدولي الانساني الذي يمنع سلطات الاحتلال هدم الممتلكات العامة والخاصة بحسب (نص المادة 53 ) من اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949م.
الاتفقاقية تنص انه "يحظر على دولة الاحتلال الحربي ان تدمير اي ممتلكات خاصة ثابتة أو منقولة تتعلق بأفراد او جماعات او بالدولة او السلطات العامة او المنظمات الاجتماعية او القانونية، الا اذا كانت العمليات الحربية تقتضي حتماً هذا التدمير".
لكن سلطات الاحتلال تواصل هدم المنازل الفلسطينية بالضفة الغربية والقدس الشرقية بأعداد كبيرة تحت مبررات غير قانونية وزائفة لخدمة خططها المستقبلية الرامية لاقتلاع وطرد اكبر عدد من المواطنين الفلسطينيين من ديارهم واراضيهم لبناء المزيد من المستوطنات الاسرائيلية غير الشرعية، والبؤر الاستيطانية العشوائية، والطرق الالتفافية، والقواعد العسكرية الاسرائيلية.
والمتتبع لاحصائيات الهدم التي وثقها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة (أوتشا) يرى انها تكشف النوايا الحقيقية لسلطات الاحتلال الاسرائيلية بتهجير الفلسطينيين من أراضيهم والإستيلاء عليها بهدف التوسع الاستيطاني، وذلك يندرج تحت سياسة التطهير العرقي، وهو أحد أبرز الممارسات اللاانسانية.
تقرير (أوتشا) اغسطس المنصرم كشف ارتفاع وتيرة هدم سلطات الاحتلال للمنازل الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، إذ انه في الاسبوع الثاني من الشهر المذكورهدم 35 مبنى من بينها ستة مولت بناءها جهات مانحة، و16 مبنى سكنيًا في أنحاء الضفة الغربية بحجة عدم حصولها على تراخيص بناء إسرائيلية. ووفقا لاوتشا عمليات الهدم تسببت بتهجير 92 فلسطينيًا، من بينهم 55 طفلًا، والإضرار بـ 81 فلسطينيًا آخرين.
حصيلة هذه السياسة في القدس الشرقية المحتلة وفقا لـ (بتسيلم)، تمثلت بفقد 2115 منازلهم في العشر سنوات الأخيرة (2004 – 2014)، بعد هدم 545 منازلا. كما أن عدد القاصرين الذين فقدوا منازلهم كان 1140، علما انه في العام المنصرم فقط عملت جرافات الاحتلال على هدم 47 منزلا، وفي معطيات أخرى (مؤسسة المقدسي) هدم 114 منشاة سكنية وغير سكنية.
ووفقا لوسائل الاعلام، في السنوات العشر المنصرمة هدم 69 منزل بيد مالكيها بعد تلقيهم إخطارات الهدم من قبل بلدية الاحتلال بهدف تجنب دفع تكاليف الهدم والغرامات المفروضى من البلدية. كما ان هناك عمليات هدم لبيوت تتم دون انذار مسبق حيث تقوم بلدية الاحتلال الاسرائيلية في المدينة المقدسة بهدمها بشكل فجائي.
وفي السنة الماضية وحدها هدمت السلطات الإسرائيلية 590 مسكنًا وبناء يملكها فلسطينيون في القدس الشرقية وفي المنطقة المصنفة "جي" في الضفة الغربية، وحولت 1177 فلسطينيًا إلى نازحين.
نعم تسعى اسرائيل في الاونة الاخيرة لهدم الممتلكات الفلسطينية بالمناطق الخاضعة لسيطرتها بغية السيطرة على الاراضي في هذه المناطق ومنع نقلها الى الفلسطينيين والحفاظ عليها من أي اتفاق نهائي بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي، وتهجير المواطنين الفلسطينيين من المناطق المحاذية للمستوطنات الاسرائيلية غير القانونية، ولمصادرة الاراضي الفلسطينية لبناء جدار الفصل العنصري الذي بدات بتشييده عام 2002 في ظل انتفاظة الاقصى.
فسلطات الاحتلال منذ أن احتلت الاراضي الفلسطينية سنة 1967 انتهجت سياسة هدم المنازل بحجج مختلفة، منها الذرائع الامنية، أو بدعوى دون ترخيص، أو لمخالفتها سياسة سلطات الاحتلال الاسرائيلية للإسكان او قرب هذه المنازل من المستوطنات أو لوقوعها بمحذاة الطرق الالتفافية. وهي سياسة عقاب جماعي وتعتبر وانتهاكاً صارخاً لحق الانسان في السكن وانتهاكاً صارخاً للمواثيق العالمية وخاصة للأعلان العالمي لحقوق الانسان لسنة 1948م.
اسرائيل في منهجها المنظم بهدم البيوت تستند لنص المادة (119) فقرة (1) من قانون الطوارئ البريطاني لسنة 1945 مع معرفتها المسبقة بأن هذا القانون تم الغائه لحظة انتهاء فترة الانتداب على فلسطين. وللعلم، مجلس الامن الدولي التابع للامم المتحدة دعى اسرائيل لوقف هدم المنازل الفلسطينية وفقا لقرار رقم 1544 / 2004، حيث نص القرار على ان مجلس الامن دعا اسرائيل الى احترام التزامتها بموجب القانون الدولي الانساني ولا سيما الالتزام بعدم القيام بهدم المنازل خلافا لهذا القانون.
سياسة الهدم من قبل سلطات الاحتلال الاسرائيلي ، بدأت فصولها منذ أن احتلت اسرائيل الاراضي الفلسطينية سنة 1967 كنمط من انماط العقوبات الجماعية، وهي أحد أبرز الممارسات اللاانسانية. ولا زالت هذه السياسة تتواصل يوميا رغم المناشدات الدولية الداعية اسرائيل الى وقفها سياسة، ففي العام 2004، دعا مجلس الامن الدولي التابع للامم المتحدة اسرائيل لوقف هدم المنازل الفلسطينية وفقا لقرار رقم 1544 / 2004، حيث نص القرار على.. ان مجلس الامن دعا اسرائيل الى احترام التزامتها بموجب القانون الدولي الانساني ولا سيما الالتزام بعدم القيام بهدم المنازل خلافا لهذا القانون".
بقلم/ د. حنا عيسى