تُترك إذاعة منبر الحرية وحيدة في ميدان متقدم لنقل غضب الشارع الفلسطيني كما فضائية الأقصى؛ حتى بات البعض يصور ما تقوم به الوسيلتان بأنه تحريض وما دروا بأن ما ينقل هو لسان حال كل فلسطيني غاضب لا يقبل التثبيط والتخدير.
فسياسات إعلامية لقنوات عدة بمختلف ألوانها جعلت الدائرة الأمنية الصهيونية فقط على تلك الوسيلتين ما يعني أنهما بالفعل تؤديان المهمة الإعلامية المرادة، فكان نصيب قناة الأقصى أن تطارد على يد أجهزة أمن السلطة في الضفة لمنع خروج أبناء فتح المقاومين على شاشتها ومعهم أبناء الفصائل لمنع بث المواجهات باللغة التي يريدها المنتفضون وليست المنمقة التي يغير مفاهيمها أولئك الذين يجلسون في مكاتبهم ويتحدثون باسم الشعب ولا ترى منهم إلا "جعجعة"، ولذلك وصلت الرسالة الإعلامية من هذه القناة فمنعت الشركات الإعلامية من تقديم خدمات لها وهي محسوبة على حركة حماس.
أما بالنسبة لإذاعة منبر الحرية المقربة من حركة فتح فإن الاحتلال أخذ على عاتقه أن يسكت صوت المقاومة فيها وكأن الأطراف الموجودة تريد إعلاما خاملا ومخدرا وإذا نقل المواجهات والأخبار يجب أن تتماشى مع سياسته؛ فأصبحت الكثير من وسائل الإعلام المحلية والقنوات الفضائية تتقرب من موقف السلطة وتنقل أخبارها وتدعي الحياد؛ فإذا بها صوت التخدير بعنوان المقاومة والانتفاضة التي لم تكن في أجندتها كما هو الحال بالنسبة لمنبر الحرية والأقصى؛ حيث كان الهدف العام أن تنقل الانتفاضة في إطار التعبئة وكشف الحقائق لا أن تنقل وتخرج بالصورة التي يريدها المسؤول الفلاني أو جهاز الأمن الفلاني بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
لذلك كانت إذاعة منبر الحرية وقناة الأقصى مثالا مهما في معرفة الحجم الإعلامي المؤثر في عقلية الشعب الفلسطيني؛ فالحرية منبر رفض التهاون أو التراجع ويدركون أن ما حل بهم في انتفاضة الأقصى سيتكرر إلا أن أمانة النقل والخبر الهادف كان العنوان فما يزيدهم ذلك إلا إصرارا على الاستمرار؛ فرغم حجب صوتهم إلا أنهم في قلوب مئات آلاف المتابعين، كذا فضائية الأقصى التي تعرضت للقصف في غزة والملاحقة والمنع في الضفة الغربية على يد أمن السلطة والاحتلال فإن جمهورها يزيد أضعافا أضعافا عن قنوات تدعي دعم المقاومة إلا أن الشعب يعرف أنها تتقرب من السلطة إدارة ومراسلين حتى طمس الهدف العام لها وتحول المفاوض العبثي في شاشتها إلى سياسي محترف ومحنك؛ والجالس في مكتبه إلى مقاوم حر والملاحق للإعلام إلى ديمقراطي، وأما في الميدان فتحدث كثير من مراسليهم بطريقة التثبيط وامتنعوا حتى عن نقل الحقيقة التي يدعون أنهم حراس لها.
على كل الأحوال أخطأ الإعلام الفلسطيني كثيرا بحق الأقصى ومنبر الحرية حينما سار مسلكا يرضي السلطة والمرجفين فأوصل رسالة غير مباشرة أن الذي يحرض الشارع وينقل الانتفاضة بطريقة الديمومة هي منبر الحرية والأقصى بغض النظر عن ألوان تلك الوسائل؛ إلا أن الاحتلال لا يخاف حمساويا قاعدا أو فتحاويا خاملا .. علمتنا الانتفاضة الحالية أن الاحتلال يخاف الفلسطيني المقاوم المنتفض إعلاما كان أو سياسة أو مجتمعا أو عسكرا وأمنا أما عكس ذلك فهم أناس يخدمون الاحتلال منهم من حيث يدري ومنهم من حيث لا يدري؛ والجاهل أيضا هو أخطر من العميل.
وحتى ننقذ وسائل الإعلام المقاوم وجب على وسائل الإعلام الأخرى التي لم تكن تدرك ما تصنع بحق أخواتها من الوسائل الأخرى أن تصحح الخطأ في أن تأخذ الدور حتى يرى الاحتلال أن هناك العديد من الوسائل الإعلامية باتت منبر الحرية والأقصى؛ وهذا ليس منة من تلك الوسائل بل هو الإعلام الطبيعي في فلسطين؛ أما تلك الوسائل التي كانت ضمن منهج مدروس في محاربة الانتفاضة أو التقليل من شأنها والتثبيط عنوانها، فإن ترك الجمهور لها أكبر رد انتصارا للإعلام المقاوم ولو اجتمعت كل أجهزة أمن العالم على إسكاته.. حفظ الله وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة التي تقوم بدورها الحقيقي ويستعد الاحتلال لمحاربتها بعد قناة الأقصى ومنبر الحرية. "إذاعة الحرية" و"الأقصى" ضحية الإعلام الفلسطيني.
بقلم/ محمد القيق