تتوارث الأجيال مسيرة الكفاح الوطني بمحطاتها النضالية المتعددة ...وما تواجهه هذه المسيرة من تحديات ومصاعب ...وما يمارس علينا من جرائم وارهاب احتلالي اسرائيلي علي مدار عهود طويلة وحتي يومنا هذا ...والذي كان بمحصلته ونتائجه مجموعة من العناوين والتي تمخض عنها تفاصيل عديدة من الوسائل والأساليب العنصرية المجرمة غير الانسانية ....والتي تحاول من خلالها دولة الكيان أن تمارس مزيدا من البطش والعدوان ....لتحقيق الضغوطات وايقاع المزيد من الأذى والألم بداخل شعبنا .
خريطة الاجرام الاسرائيلي قديمة حديثة ....استهدفت شعبنا عبر كافة أجياله وشرائحه ...مستهدفة إركاع شعبنا ....وتسليمه بالامر الواقع ...وهذا لم يتحقق ..ولن يتحقق أبدا ...وهذا ما تدركه دولة الكيان وساستها وقادة أجهزتها الامنية الذين تعرفوا وادركوا عبر سنوات الصراع أن الشعب الفلسطيني يمتلك من مقومات القوة والصبر والثبات والتضحية ما يكفل له الاستمرار بمسيرته الكفاحية... دون أدني التفات لمساحة الالم.. المترتب علي مجمل الممارسات والجرائم الاسرائيلية
الأجيال الفلسطينية وقد عانت من الجرائم الاسرائيلية منذ ما قبل انشاء الكيان في مرحلة التآمر الكوني لسلب أرضنا ...وتهجير شعبنا ....من خلال ممارسات العصابات الصهيونية مثال الهاجانا وشتيرن والدعم اللامحدود من الانتداب البريطاني وما أحاط أجدادنا وأبائنا من قيود وموانع وعدم امتلاك للوسائل القتالية التي تمكنهم من الدفاع عن أنفسهم .
أجيالنا القديمة.... لم يتوفر لها مقومات القوة علي المواجهة والتأثير ..الا أن الأجيال لن تتوقف عند محطة النكبة التي ألمت بنا ..وما نتج عنها من كوارث وويلات ...وهجرة قسرية لمخيمات اللجوء والمنافي... والوقوف علي طوابير الاغاثة ..وسد الحاجة ...في مرحلة غاية بالصعوبة ..والتي ازدادت قسوة وألما واحتياجا في ظل فقدان سبل الحياة الكريمة.... والامل في احداث التغير في معادلة الصراع القائم ....رغم ما شهدته تلك المرحلة من عمليات فدائية... كان لها تأثير كبير ..لكنها لم تحسم الصراع ..ولم تغير من واقع الارض .
كانت الأجيال في تلك الفترة مفعمة بالروح الوطنية والقومية ....الا أن الجهود كانت بحاجة الي اطار تنظيمي جامع ...والي واقع ملائم لحرية الفعل النضالي... في ظل مشاريع وأحلاف ...وما طرح من مشروع التوطين والتدويل... والتي تم رفضها من قبل شعبنا وفعالياته الوطنية في تلك الفترة .
جاءت محطة منظمة التحرير الفلسطينية ....بقيادة المرحوم أحمد الشقيري وما تشكل من نواة جيش التحرير الفلسطيني ..بداية لمرحلة جديدة في ظل عهد الرئيس الراحل عبد الناصر .
مرحلة حرب يونيو 67 وما أحدثته من انقلاب في معادلة الصراع ..وما تم من تغيرات سمحت لحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح الانضمام والقيادة ...وتولي المرحوم الشهيد ياسر عرفات رئاسة اللجنة التنفيذية ...بديلا عن المرحوم يحيي حمودة .
أجيالنا في تلك الفترة كانت مفعمة بالامل وروح النضال التحرري ...وفق الواقع العربي والدولي والذي وفر أرضية الامتداد والاتساع والقيام بعمليات فدائية من خارج وداخل الارض المحتلة ....شعرت من خلالها اسرائيل أن الثورة الفلسطينية قد ملأت الارض والسماء... وما ترتب من روح كفاحية ومعنويات عالية كانت تعويضا عن مرحلة ما قبل الثورة .
استمرت الأجيال الفلسطينية بنضالها وكفاحها الوطني بما توفر لها من امكانيات وتسليح متواضع استطاعت من خلاله ان تشكل قوة ضاربة ....تستطيع من خلالها ايقاع الخسائر في صفوف العدو ....الذي فقد صوابه وقام بعدوانه في 21 مارس 68 بما عرف بمعركة الكرامة وما تكبده العدو من خسائر فادحة ..وما ترتب علي هذه المعركة من معنويات عالية كانت دافعا للمزيد من الفعل النضالي .
لم تتوقف الأجيال الفلسطينية عن نضالها ...في ظل شموخ وكبرياء وعنفوان ..وارادة صلبة لا تعرف المستحيل ...برغم الخلل في ميزان القوة العسكرية بيننا وبين العدو الاسرائيلي ....والتي لم تشكل عامل احباط أو تراجع ...بل كانت دافعا للمزيد من الفعل الوطني والحشد الجماهيري داخل وخارج الأرض المحتلة .
أضحي الاحتلال الاسرائيلي يدفع الثمن غاليا ....وبدأت الأجيال الشابة تنخرط بالعمل الفدائي دون اكتراث بما يمكن أن يقوم به العدو ....فهدم المنازل ...والاعتقالات ....وحظر التجوال ...والاعدام والقتل ....ووضع الاسلاك الشائكة والبراميل الحديدية علي أبواب المخيمات والمدن والقري ..والمنع من السفر ...واستغلال الظروف الانسانية مثال العمل والدراسة والعلاج ..ووضع الحواجز الثابتة والمتحركة ...ونهب الاراضي واقامة المستوطنات والطرق الالتفافية ...واقامة الجدار العنصري ...تدنيس المقدسات ...ممارسات احتلالية عدوانية لم تكن وليدة المرحلة الحالية ...بل انها قديمة حديثة ....كما أن مواجهتها والوقوف ضد هذه الممارسات استمر جيلا بعد جيل ...ولم يتوقف عند محطة نضالية ....بل يستمر ويزداد ...كما ونتعلم من تجاربنا ونستخلص العبر والدروس... ونستفيد من أخطانا ..ونراكم علي انجازاتنا .
شبابنا المنتفض ...هذا الجيل الشاب الذي اتخذ قرار المواجهة دون أدني مصلحة ....ودون أن ننتظر شكرا من أحد ...فالشهادة من أجل الوطن واجب مقدس ...وأجيالنا تحرص علي اداء الواجب ...حتي وان كان الثمن غاليا ....لأن أجيالنا المتعاقبة والتي تتوارث الفعل النضالي عبر مسيرة الكفاح الوطني... ما زالت علي عهدها واصرارها وثباتها .....ولن يتوقف النضال الفلسطيني عند مرحلة محددة ....أو عند جيل معين ..فالقسم هو القسم ..والعهد هو العهد ...فاما النصر ...أو الشهادة .
الكاتب : وفيق زنداح