دعوة نواب كتلة فتح البرلمانية لعقد جلسة للمجلس التشريعي جاءت متأخرة ومتأخرة جداً، لكن كما يقال أن تأتي متأخرة خير من الا تاتي، كنا نتمنى أن يحافظ المجلس التشريعي على كيانه خلال سنوات الانقسام وأن ينأى أعضاؤه بأنفسهم بعيداً عن أدوات الانقسام، لكنه انجرف في سيل الانقسام منذ اليوم الأول له إن لم نقل قبل ذلك، مما أفقد المجلس التشريعي قدرته في أن يكون الكابح للإنقسام وتداعياته، وتخلى المجلس طواعية عن صلاحياته حيث غابت الرقابة والمساءلة ومعها الكثير من مفردات الشرعية، بل أنه تغول على القانون الذي من المفترض أن يكون الحصن الذي يحتمي في كنفه.
ان دعوة نواب كتلة فتح البرلمانية لعقد جلسة للمجلس التشريعي استندت على النصوص القانونية للقانون الأساسي والنظام الداخلي للمجلس، وترك الموقعون على الرسالة تحديد طبيعة الجلسة إن كانت عادية أم طارئة أم سرية، على أن يتم الاتفاق مسبقاً على جدول أعمال الجلسة، وانطلق النواب في دعوتهم تلك من أن الأحداث التي تشهدها المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية والدم المسفوح فيها تجاوز الانقسام وطوى صفحته السوداء، أو هكذا يجب أن يكون بغض النظر عن الواقع الذي يقول غير ذلك.
الملاحظ في دعوة نواب كتلة فتح البرلمانية أنها جاءت بمبادرة من البعض من أعضائها، وبالتالي لا يمكن لنا الحديث عن مبادرة من كتلة فتح البرلمانية، بالإضافة إلى أن عدد أعضاء المجلس التشريعي الموقعين على الرسالة أقل من ربع أعضاء المجلس، وهو العدد المطلوب كي تتحول المطالبة من الشكل إلى المضمون الذي يكفله القانون، إلا أن انضمام أعضاء من الكتل البرلمانية الأخرى قد يوفر لها النصاب المطلوب لإلتئام المجلس التشريعي، مبادرة أعضاء المجلس التشريعي من كتلة فتح البرلمانية هي بمثابة إلقاء حجر في مياه المجلس التشريعي الراكدة، وأهميتها منوطة بمدى التعاطي معها سواء من الناحية القانونية أو ما يتعلق بتفاعل الكتل البرلمانية الأخرى معها.
المعضلة الأساسية لإلتئام المجلس التشريعي تتعلق بجدول الأعمال أكثر من علاقتها بأي أمور فنية أو ادارية، ولا يمكن الحديث عن جدول أعمال الجلسة بمعزل عن الانقسام وافرازاته من جهة وإنتهاء الولاية القانونية للمجلس من جهة ثانية، وبالتالي قد يتطلب الأمر التوافق على دورة طارئة للمجلس التشريعي لمدة عام أو لحين عقد الانتخابات التشريعية، يلعب فيها المجلس التشريعي دوراً محورياً في المصالحة وطي صفحة الانقسام، قد تتطلب الدورة الطارئة وليست الجلسة الطارئة تكييفاً قانونياً، وهو ما يمكن التوصل إليه بحوار جاد ومعمق بين الكتل البرلمانية، إذا اراد المجلس التشريعي أن يستعيد دوره الذي تخلى عنه بمحض ارادته.
مبادرة أعضاء من كتلة فتح النيابية بحاجة إلى متابعة وتفعيل مع الكتل البرلمانية الأخرى، لوضع آلية يمكن من خلالها أن يستعيد المجلس التشريعي واجباته في هذه المرحلة شديدة التعقيد، سيما وأن الانتخابات التشريعية لا تلوح في الأفق، ناهيك على أن المصالحة لا بد وأن تسبق الانتخابات وليس العكس.
د. أسامه الفرا