اوباما هو الوجه المعتدل لمعاداة السامية في الغرب والدول الليبرالية، هذا ما جاء على لسان مستشار نتانياهو الاعلامي "ران باراتز" معقباً على ما قاله اوباما بأن خطاب نتانياهو أمام الكونغرس الأمريكي بشأن ملف ايران النووي لا يحمل جديداً، وزارة الخارجية الأمريكية وصفت تعليق المستشار الاعلامي بأنه مزعج ومهين، ونوه المتحدث بإسم الخارجية الأمريكية بأن الولايات المتحدة تتوقع من المسؤولين الحكوميين لأي بلد "بخاصة الحلفاء" منهم أن يتحدثوا بإحترام عن كبار المسؤولين الأمريكيين، المهم أن تصريحات باراتز هذه جاءت قبل أيام قليلة من الاجتماع المقرر في البيت الأبيض الذي يجمع الرئيس الأمريكي برئيس وزراء حكومة الإحتلال.
من جانبه كتب نتانياهو عبر تغريدة له على "تويتر" بأن التعليقات غير لائقة ولا تعكس مواقفه ولا سياسة حكومته، مشيراً إلى أنه سيجتمع بمستشاره بعد عودته من الولايات المتحدة، فهل حقاً أن تصريحات المستشار الاعلامي أزعجت سيده؟، وهل فعلاً أخطأ "باراتز" في انتقاء الكلمات والتوقيت؟، هل هي بمثابة سقطة اعلامية ما كان لمستشار رئيس الحكومة الاعلامي أن يقع فيها؟، وهل بإستطاعته أن يوجه تهمة معاداة السامية لرئيس الادارة الأمريكية الحاضن والمدافع الأول عن سياسة حكومة الاحتلال؟.
يخطيء من يعتقد أن تصريحات المستشار الإعلامي تأتي من باب الاجتهاد الشخصي، ويخطيء أيضاً من يعتقد أنها ولدت من رحم حرية التعبير وإبداء الرأي التي لطالما تغنت بهما حكومة الاحتلال، المتتبع لمنهجية عمل رئيس حكومة الاحتلال يدرك بأنه يؤمن بقيمة الضربة الإستباقية، ودوماً ما يلجأ إليها ليس فقط في تعامله مع أعدائه وخصومه وإنما أيضاً مع حلفائه، هي ذات الفلسفة التي إعتمد عليها مراراً اثناء فترة حكمه وإن اختلفت أدواتها، هو يعلم ما لقيمة الضربة الاستباقية من تأثير على أجندة اللقاءات.
لقد سبق لحكومته أن اتخذت قرارها ببناء المزيد من الوحدات الاستيطانية شمال مدينة القدس أثناء زيارة نائب الرئيس الأمريكي "بايدن" في محاولة منه للعودة إلى المفاوضات الغير مباشرة، اعتذرت يومها حكومة الاحتلال عن توقيت الإعلان ولم تعتذر عن قرار التوسع الاستيطاني ذاته، لا شك أن التوقيت ذاته درس بعناية فائقة، ارادت حكومة الاحتلال يومها بقرارها أن تخلط الأوراق من جديد، وأن تخفض به من سقف مطالب نائب الرئيس الأمريكي، وحكومة الاحتلال دوماً كانت تلجأ لمثل هذه الخطوات الاستباقية في التعامل مع الباحثين عن مخرج للجمود السياسي في المنطقة.
على الرغم من أن لقاء نتانياهو القادم بالرئيس الأمريكي هو الأول بعد التوتر بينهما الذي رافق الاتفاق حول ملف ايران النووي، ورغم أن تصريحات الرئيس الأمريكي، بأنه لا يرى هناك فرصة حقيقة لإحراز تقدم نحو حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، تتناغم مع سياسة نتانياهو، إلا أن هذا لم يمنع نتانياهو من اللجوء مرة أخرى إلى فلسفة الضربة الإستباقية خاصة وأن أجندة اللقاء سيطغى عليها رزمة المساعدات الأمريكية لإسرائيل "30 مليار دولار"، وبالتالي قد يكون للضربة الاستباقية مفعولها في زيادة حصة المساعدات ونوعيتها فيما بات يعرف بالتعويضات الأمريكية لدولة الاحتلال عن الاتفاق مع ايران حول ملفها النووي.
د. اسامه الفرا