كم اشتاق إليها ..إلى قوامها الممشوق ..الناعم الملمس.. الحساس حساسية أوراق الكاري.! لم يزل لونها الأبيض الناصع البياض والصافي ..صفاء ينابيع المياه المعدنية الدافئة يداهم ذاكرته وأنفاسه ..صحيح لظروفه المادية القاسية والمتعثرة جعلته يبتعد عنها رغما عنه.. لكنها لم تغب عن مخيلته ولو للحظه واحدة وكيف لا.. وقد تعلق كل كيانه بها ..ما أجملها من لحظات حين كان يتنفس شذاها الخلاب فتحيي في أحشائه نبضا جديدا ،وروحا هائمة بالسحر والروعة ..لما رآها مع أحد أصدقائه يمسك بها ،غلى الدم في عروقه ،واهتز كل كيانه ..لقد هام أن يهجم عليهما ..ويمزق أواصرها لكنه تلعثم ولم يستطع أن يخطو ..خطوة واحدة ..غادر المكان مسرعا من هول المشهد.. ولما رجع إلى بيته ، وأوى إلى فراشه.. لاح له طيفها البرّاق من جديد ..وكيف لا وقد أدمنها ..أدمن صمتها وكبريائها ..جرى مسرعا محاولا أن يمسك بها.. وما أن أمسك بها بين أصبعيه وإلا وقد التقطتها شفتيه بصورة غريبة ..لقد كانت ملقاة تحت طاولته القديمة ،كانت قد سقطت منه دون أن يدري ..أشعلها بسرعة جنونية ،ولما تنسم رائحتها بعد طيلة انقطاع ..تنهد تنهيدة ولوعة الفراق تكاد تكويه وتألمه ..صرخ بصوت ٍ هستيري اهتزت له جدران غرفته المبعثرة الملامح قائلا : ما أحلاك ِ يا سيجارتي العزيزة..!!
بقلم /حامد أبو عمرة