يعتبر البعض أن الأحداث الأخيرة التي تمر بها فلسطين مجرد “هبة” جماهيرية عابرة، بينما يراها آخرون “انتفاضة” شعبية، ويتمنون امتدادها أكثر
وزاد اللغط الاعلامي ببن المفهومين والمصطلحين ، وتشتت عقول الكثير من الشباب والاطفال ، وطرحت العديد من الأسئلة للباحثين ، للتميز بين المفهومين
المفهوم الاصطلاحي حسب المعجم العربي (لا اختلاف بين المفهومين) :
معنى هبة وانتفاضة في معجم المعاني الجامع
هبَّة الشَّعب : ثورته وانتفاضته
هِبَّةُ السِّكِّينِ : مَضَاؤُهُ
اما مفهوم الانتفاضة : حركة أو ثورة شعبيَّة ، سياسيَّة أو اجتماعيَّة رافضة تغلب عليها القوَّة والعنف والهيجان انتفاضَةُ الأقصى ..
نُشطاء الانتفاضة : من يعملون بدأْبٍ ونشاط وسرعة وقوّة من أجل إشعال روح المقاومة ضدّ قوى الاحتلال
التسميات لن تغير الواقع :
وفي ابحارنا في حروف المعجم لم جد فرق في المعاني بين المصطلحيين، وباعتقادنا ان المسميات “لن تغير من دلالات الحراك الشعبي” الذي أطلقه الفلسطينيون ضد الجيش والمستوطنين اليهود.
ومع دخول الحراك الفلسطيني أسابيع عدة على التوالي، تثار الأسئلة عما إن كان سيستمر ويتطور، أم أنه سيقتصر على فترة زمنية قصيرة لينحصر، كما حدث في مواجهات سابقة.
هبة أم انتفاضة؟
اختيار المصطلح له مداليل سيكولوجية عند البعض :
بتقديرنا أن ما يجري هو “انتفاضة حقيقية، لكن الاختلاف على تقديرها نابع من تخوّف البعض من استمراريتها، لذا يعمدون إلى تسميتها هبة، لما لهذا الاسم من دلالات نفسية”، قد يعيدنا الى اجترار الماضي وتبعياتها
ومن يزعم ان ما يحدث في فلسطين هو هبة، يريد وبشكل سيكولوجي ان يقنع سامعيه ان : “الهبة قد تعني الانتهاء في وقت قريب جداً، لذا لا يتردد المتخوفون من حالة المواجهة في التأكيد على أنها مجرد هبة، حتى يدفعوا الجماهير للتفكير مرتين قبل المشاركة فيها”،
أما مستعملي مصطلح “الانتفاضة” فإنهم “يسعون لجعل المشاركة في الفعاليات أمراً حتمياً، إضافة إلى إمكانية استقطاب شرائح أوسع من المجتمع الفلسطيني للمشاركة ، وقد يكون المشتركين في جبهة المواجهة بكافة اشكالها ، متكيفين مع هذا المصطلح لما له من ابعاد ثورية واجترار للماضي الوحدوي الجميل ،اما البعض من الجماعات تنظر للأمر تحقيق مصالح سياسية بناء على حسابات ذاتية خاصة ، ”.
وانطلاقا من قراءتنا المتواضعة نرى انه توجد معايير علمية وثورية وجماهيرية يمكن البناء عليها في ما يجري في فلسطين، لكن في نفس الوقت لا يوجد ما يمنع من تسميتها بالانتفاضة، إذ إن المشاركة جماهيرية واسعة، وتغطي كافة المناطق في فلسطين”.
وبتقديري - ارى أن المواجهات ستستمر بوتيرة مختلفة نوعا ما ، خلال الفترة القادمة، بمعنى أننا سنشهد فترات هدوء، دون أن تؤول الأمور إلى استقرار نهائي يسعى اليه البعض محليا واقليميا ودوليا ، بل ستتجدد المواجهات بأشكال مختلفة يبادر فيها بعض الجماعات المنظمة وتضع برنامجا ربما يحقق جزء من الاهداف ان تم التوافق عليها وطنيا”.
رؤي في آلية الاستمرار :
المتتبع لانتفاضات الفلسطينيين السابقة يرى ا استمرار الانتفاضة الحالية ممكن من ناحيتين :
اولا - الاستمرارية المنظمة بمعنى اختيار قيادة موحدة تضم كل الوا ن الطيف وتدمج الرؤى المثلى للتخلص من الاحتلال
ثانيا – اعداد برنامج مصاغ بأهداف يشارك به كل الشرائح الفلسطينية طلاب- عمال- فلاحين – الخ ، وتوزيع البرنامج على كافة الاطياف ويشمل كافة الجغرافية الفلسطينية ..
تأسيسا لما سبق نرى ان الاستمرارية مرهونة بعوامل رئيسية على الأرض تتمثل فلسطينيا ووحدويا بالالتقاء حول المفاهيم باختلاف أماكن المواجهة، فالشبان في الضفة والقدس والداخل الفلسطيني وغزة موحدون جميعاً في الاشتباك مع إسرائيل، بينما الجسم السياسي القيادي الرسمي يعاني من انقسام بين الضفة وغزة، وهذا يعزز معطى أن قيادة الحراك الآن ليست القيادة الرسمية، وإنما الشباب المشارك، وبالتالي يبقى الباب مفتوحاً على كل الاحتمالات بكافة معطياتها ، ولابد منا كفلسطينيين ان ندرك مدى الانغلاق السياسي للعملية السياسية، ومراوحة عمليات السلام الجراحية مكانها في غرفة الانعاش ..ونسعى لهدم الانقسام وتوحيد التنظير لاستئصاله واستئصال من يسعى لبقائه ، والا فالخيار ان تكون الانتفاضة بوجهتين وهدفين .. هل وصلت رسالتنا ن بين السطور.
كتب/ د. ناصر إسماعيل اليافاوي