يستحق الشهيد القائد ياسر عرفات التكريم، يكفي الرجل مكانة أنه ارتقى شهيداً، ولما يزل القاتل المعلوم مجهول الاسم، وهذه مؤامرة لا تقدر عليها إلا المخابرات الإسرائيلية ومن يتعاون معها، وتلتصق مصلحته بمصلحتها، بالتالي فإن عدم الكشف عن قتلة الشهيد ياسر عرفات لا يصب إلا في صالح المؤامرة على الشعب الفلسطينية وأرضه.
ولما كان المؤيد والمعارض لأبي عمار قد اتفقا بأن الشهادة قد توجت فترة عمل الرجل التي امتدت لعشرات السنين، فإن ذلك لا يعني رضا الجميع عن النهج السياسي الذي سار عليه الرجل، ففي الوقت الذي يزعم فيه المؤيدون بأن شخصية ياسر عرفات أسطوريه وخالدة، ومنزهة عن الخطأ، يزعم المعارضون للرجل بأن من يعمل يخطئ، وحيث أن المسار السياسي لأي قائد على وجه الأرض حافل بالقرارات الصائبة وفي الوقت نفسه حافل بالقرارات الخاطئة، فلا يمكن استثناء ياسر عرفات عن القاعدة العامة، ومن هنا كان الاختلاف على شخصية ياسر عرفات، ولا أظن عاقلاً فلسطينياً يفكر خارج هذه القاعدة في الحكم على الشهيد أبي عمار.
ومن حيث المبدأ لا يختلف فلسطينيان على ضرورة إحياء ذكرى الشهداء، بما فيهم الشهيد القائد أبي عمار، ولكن الخلاف يأتي على المكان الأجدر بضم مهرجان تكريم الشهيد، وهل يتوجب تكريمه في غزة حيث بدأ مشوار العودة لأرض فلسطين، أم يجب تكريمه في رام الله، وهنالك في المقاطعة تحديداً، حيث جرى التآمر عليه وتصفيته؟
قد يقول البعض: رام الله أولى بتكريم الشهيد، والرئيس أبو مازن أولى بأن يلقي الكلمة في تأبين رفيق دربه، وقائده، ولا يليق بأن يكلف الرئيس عباس شخصاً من غزة ليتحدث باسمه في هذه المناسبة، التي لا يليق بها إلا مقر القيادة السياسية.
وقد يقول الدكتور زكريا الأغا لإذاعة موطني: كنا قد خططنا لعمل جماهيري كبير لمناسبة الذكرى الحادية عشرة لاستشهاد الرمز أبو عمار، بالتعاون مع مؤسسة الرئيس ياسر عرفات، إلا أن حماس وهي سلطة الأمر الواقع في القطاع، أعلنت أنها لن تسمح بإحياء الذكرى إلا في أماكن مغلقة، متذرعة بأسباب أمنية."
وأضاف: "الشهيد الرمز أبو عمار ليس شخصا عاديا، فقد كان قائدا ورئيسا للشعب الفلسطيني.
وإن كنت متفقاً مع الدكتور الأغا حول أهمية الاحتشاد في مكان مفتوح يليق بمكانة الشهيد أبي عمار، فإنني أتفق مع عموم الشعب الفلسطيني بان إحياء ذكرى الشهداء لا يصير من خلال الخطب الرنانة، والغناء بمكبرات الصوت بين أزقة وشوارع غزة، إحياء ذكرى الشهداء لا يثمر حرية إلا من خلال السير على خطاهم في التضحية، وفي الفداء، لذلك؛ فإنني أقترح على الدكتور الأغا، وعلى قيادة حركة فتح في إقليم غزة بأن تحتشد في مكان مفتوح لا تقوى حركة حماس على منعكم من الاحتشاد فيه، إنه المكان الذي يليق بذكرى أبي عمار، ويحمل اسمه، وهو مطار الشهيد ياسر عرفات، شرق رفح، هنالك حيث يظهر المحتشدون الانتماء الحق لتنظيم حركة فتح، التنظيم الذي أعلن عن انطلاقته من فوهات البنادق، وليس من خلال مكبرات الصوت، هنالك حيث منطلقات حركة فتح الأساسية التي اعتمدت المواجهة المسلحة مع العدو الإسرائيلي، هنالك حيث رسائل الدعم الميداني لانتفاضة أهلنا في الضفة الغربية، من خلال الاحتشاد الجماهيري في مواجهة العدو الذي دمر قبل سنوات مطار الشهيد ياسر عرفات.
ليكن الاحتشاد في مطار ياسر عرفات شرق رفح، ولتكن ذكرى الشهيد انطلاقة أمل، وتجديد لبيعة القائد الذي عشق المواجهة، ورفض الخضوع، وظل يتحدى أعداءه رغم الحصار، وما انفك يردد على مسامع كل الدنيا: شهيداً، شهيداً، شهيداً.
فهل أنتم على استعداد للسير على نهج ياسر عرفات، والاحتشاد شرق رفح؟