إحتلال وشعب محتل، الإحتلال: صهيوني عسكري إقتلاعي، تدميري إستيطاني، لا مثيل له في التاريخ، ولا شبيه له في الواقع، الشعب المحتل: هو الشعب الفلسطيني الذي تعرض لشتى الأهوال ولمختلف صنوف الإجراءات العنصرية، والقهرية من تهجير وإقتلاع، إلى الحرب والقتل والدمار، وسياسات الميز العنصري، والحصار والتجويع، والعزل والإعتقال، والإعدامات على الحواجز والطرقات، وبتر الأطراف وسرقة الأعضاء في المشافي الصهيونية، ثأراً وإنتقاماً من صموده وثباته على حقوقه المشروعة في وطنه فلسطين.
رغم كل ذلك بقي الشعب الفلسطيني مُتمَاسِكاً، ومُتَمَسِكاً بحقوقه التاريخية الوطنية والقومية، في وطنه فلسطين، ولم ولن يرفع الراية البيضاء لهذا الإحتلال الغاشم على مدى سنواته البغيضة، فخاض كل أشكال النضال، بكل الوسائل، ومارس جميع الخيارات، وبقي أنموذجاً في المقاومة والصمود، يضرب بها المثل في الماضي والحاضر جيلاً بعد جيل، لم يلين ولن يستكين لهذا الجبروت الصهيوني، المدعوم من الإستعمار، وقوى الفاشية العالمية، التي تقف دائماً إلى جانب المعتدي، وتسانده على الإستمرار في فعلته وجريمته، وتبحث له دائماً عن المبررات، لتصبح جريمته مبررة، ويفلت من العقاب، ويستمر كأنه كيان فوق القانون ...
لا أقول قد نفذ صبر الشعب الفلسطيني وقيادته، وإنما الشعب الفلسطيني وقيادته لن يعجزوا عن إجتراح البدائل، والسياسات الكفيلة بإستمرار هذا الصمود الأسطوري في وجه الصهيونية والإستعمار، والسعي الحثيث والدؤوب من أجل وضع حدٍ لهذا الإحتلال الذي يمثل أبشع صورة، وآخر إحتلال على وجه الأرض.
الشعب الفلسطيني يواصل صموده اليوم وتجدده، وتناسله وتواصله فوق أرض وطنه، ليحافظ على الهوية الأصيلة لوطنه فلسطين كجزء لا يتجزأ من محيطه وهويته الثقافية والوطنية والقومية العربية.
لذا تأتي هذه الهبة والإنتفاضة الفلسطينية الجديدة لترسم ملامح مرحلة جديدة للكفاح الوطني الفلسطيني في وجه هذا الإحتلال، ويتوافق فيها الشعب الفلسطيني وقيادته السياسية، على ضرورة تواصلها وتطورها النوعي والكمي، والعمل على المستوى الداخلي والخارجي وفق رؤية سياسية متجددة وثابتة تهدف إنهاء الإحتلال وتمكين شعب فلسطين من حقوقه المشروعة، وفي مقدمتها نيله الحرية وتقرير المصير والعودة وإقامة الدولة المستقلة، أسوة بكل الشعوب، الذي كفل لها هذا الحق القانوني الدولي والشرعية الدولية.
على هذه الأرضية يأتي تحرك القيادة الفلسطينية، لتوفير الحاضنة العربية لهذه الإنتفاضة، والعمل على تثميرها سياسياً، وفق التصور الذي أقرته اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في إجتماعها يوم 05/11/2015م في رام الله، والذي يستند إلى محورين الأول داخلي، يهدف إلى تصليب البنى الوطنية الفلسطينية القائدة لهذا النضال من خلال عقد المؤتمرات الوطنية للفصائل والمنظمات الشعبية وفي مقدمتها عقد المؤتمر السابع لحركة "فتح"، وعقد دورة للمجلس الوطني الفلسطيني، لِضخِ الدماء الجديدة في هياكل المنظمات والبنى الفلسطينية القادرة على القيادة في هذه المرحلة التاريخية، وإنجاز ملف المصالحة الوطنية الفلسطينية، وتوحيد الجهود، لإغلاق كافة الفجوات التي نفذ منها الإحتلال، ويسهر على بقاءها وديمومتها، والمحور الثاني خارجي، عربي ودولي في آن واحد، عربياً السعي لتوفير الدعم السياسي والمادي للشعب الفلسطيني لإستمراره في هذه المواجهة المتجددة، وهذه الإنتفاضة المباركة، ودعم وتبني الموقف الفلسطيني في الساحة الدولية لإطباق الخناق على الكيان الصهيوني، وفرض العزلة الدولية عليه بما فيها تجميد وإسقاط عضويته من الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى حين إقراره بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وإكتمال عضوية فلسطين في الأمم المتحدة، علماً أن عضوية الكيان الصهيوني في الأمم المتحدة مشروطة بشرطين رئيسيين هما: تحديد الحدود، وتنفيذ حق العودة للفلسطينيين وفق القرار 194، والإلتزام بتنفيذ القرار 181 القاضي بإقامة دولته ودولة فلسطين، وقد آن الأوان للمجتمع الدولي أن يتحقق من عدم إلتزام الكيان الصهيوني بتنفيذ هذه الشروط، وفرض العقوبات الدولية عليه، حتى يجر الإذعان لتنفيذها، وإقامة دولة فلسطين وفق القرارات الدولية.
بموجب ذلك تكون مرحلة إتفاق أوسلو وما رتبته من إلتزامات قد أصبحت ملغاة وفي عداد الذكريات، وتحل مكانها العلاقة التي تحكم الشعب الفلسطيني، مع الكيان الصهيوني، هي علاقة إحتلال وشعب محتل، كما يوصفها القانون الدولي، وما يترتب عليها، إلى أن ينال الشعب الفلسطيني كامل حقوقه المشروعة.
بقلم/ د. عبد الرحيم محمود جاموس