حق المعاملة والاحترام

بقلم: حنا عيسى

وهذا الحق يصر بعض الفقهاء الغربيين على ذكره فيه جدال: فإذا كان المقصود بهذا الحق (معاملة الدول الأخرى باحترام ) فهذا أمر مفروغ منه، إذ أن احترام (حق البقاء) و(حق الاستقلال والسيادة) و(المساواة بين جميع الدول) هو ما يشكل (حق الاحترام) إذا صحت تسميته بهذا الشكل.

وأما إذا كان المقصود بذلك إلزام كل دولة بالاعتراف بجميع الدول والحكومات الاخرى والدخول في علاقات معها، فإن هذا الحق يصبح مشكوكاً بطبيعته وبدوافعه لأننا نعتقد – بأن الاعتراف بدولة ما أو عدم الاعتراف بها هو أمر يتعلق بالسيادة، أي بسيادة الدولة القائمة بالاعتراف حصراً، ولذا لا يمكن إلزام دولة ما بالاعتراف بأخرى، أو التعامل معها واقعياً حتى لو كانت مجاورة لها.

كما أن حجم التعامل بين دولة ما ودولة أخرى، حتى في حال الاعتراف بهذه الاخيرة، هو أمر تفرضه مصلحة الدولة المعترفة أو جميلة مصالحها، ومعنى هذا أنه يمكن أن تكون هناك دولتان متجاورتان (أمريكا وكوبا مثلاً) وتكون العلاقات بينهما محدودة، ولا يعتبر هذا الأمرفرقاً لأي قاعدة دولية وضعية أو عرفية .

وإذا كان إعلان مبادىء القانون الدولي المتعلقة بالعلاقات الودية بين الدول وفقاً لميثاق الامم المتحدة (القرار رقم 2625 (25) تاريخ 24تشرين أول /اكتوبر/ 1970م ) قد نص على "واجب الدول في التعاون مع بعضها بعضاً " فإنه قرن ذلك بشرط أن يتم هذا التعاون "وفقاً للميثاق".

ومعنى هذا أنه إذا اعترفنا بوجود حق للدول تحت اسم (حق المعاملة والاحترام)، فيجب أن يتم تنفيذ هذا الحق على ضوء مبادىء ميثاق الامم المتحدة، وبالتالي لا يجوز لدولة ما أن تطالب بالاعتراف لها بمثل هذا الحق إذا كانت تمتهن يومياً – مثل إسرائيل– ميثاق الامم المتحدة !!

ومن جهة أخرى فإن قرار الجمعية العامة لهيئة الامم المتحدة، الذي يحمل رقم 3281 تاريخ 12 كانون الاول / ديسمبر 1974م، وهو القرار المتعلق بمثياق حقوق الدول وواجباتها الاقتصادية، وقد نص على " التعاون الدولي من أجل الانماء "وعلى" واجب التعاون في ميادين الاقتصادي والاجتماع والثقافة والعلم والتكنولوجيا " ، ولكن هذا النص يجب ألا ينظر إليه منفرداً وانما بالترابط مع النصوص الاخرى.

وبكلمة أوضح نقول إنه إذا جاز لنا اعتبار ( حق المعاملة والاحترام ) حقاً معترفاً به لأي دولة، فإن هذا لا يطبق بشكل مطلق وإنما ضمن إطار مبادىء ( الشرعية الدولية ). وبما أن الحقوق مرتبطة بالواجبات ، لذا لا يحق لدولة أن تطالب بالتمتع بمثل هذا الحق إلا إذا كانت مستعدة لتنفيذ الواجبات التي تقابله، وهكذا فحق (التعاون الدولي من أجل الإنماء) الذي نص عليه قرار 1974م مرتبط بجملة واجبات وردت في القرار نفسه مثل: " الوفاء بإخلاص بالالتزامات الدولية )، و(علاج المظالم التي فرضت بالقوة والتي تحرم أمة ما من الوسائل الضرورية لنمائها الطبيعي ) و ( احترام حقوق الانسان والحريات الأساسية ) و(عدم محاولة الهيمنة وطلب مناطق النفوذ ) و ( تعزيز العدالة الاجتماعية الدولية.

بقلم/ د.حنا عيسى