رسالة من فوق الماء الى امراء النميمة

بقلم: ناصر إسماعيل اليافاوي

مع التغيرات الاجتماعية التي طرأت على مجتمعنا ، وما صاحبها من تبدل للقيم ، برزت على السطح طبقة من الآفات الاجتماعية التي باتت تصدر الاحكام جزافا على الناس ، وبعضهم وضع نفسه في مرحلة التفويض الالهي واصبح يصدر احكاما واحيانا صكوك غفران كما يمليه عليه ضميره الصنمي الملوث ، وساهم بتخلفه بتدمير النسيج الاجتماعي ..

غير مدرك هذا الازعر الحكمة القائلة (من منكم بلا خطيئة فليرجمني بحجر)

إنها حكمة قديمة ولكنها حقيقة، قالها الأولون، وحفظها من بعدهم الآخرون وهي زمانيةٌ ودينية، قالها الرسل والأنبياء، وآمن بها الفلاسفة والحكماء،

فليس فينا طاهرٌ بالمطلق، وصائبٌ على الدوام، وقادرٌ على مدى الزمان، ومقدسٌ من بني الإنسان كلنا خطاؤون، وعصاةٌ ومذنبون،، وتائهون وحائرون، وقلقون ومضطربون ..

تضعف نفوسنا، وتخور قوانا، وتزل أقدامنا، وتخوننا قدرتنا، ونفقد إرادتنا، فنحن لسنا إلا بشرا نجهل كثيراً، وننسى بسرعة، ونفقد الحكمة أحياناً ونخسر حلمنا وصبرنا، ومن الطبيعي أن نخطئ، وألا نصيب دوماً، وأن نتعثر أحياناً،

فالخطأ ليس عيبا ، ولكن العيب ان نمضغ لحم الانسان (أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه ) فمن يخطأ لا نشمت به ولا نهزأ، ولا نضحك عليه ولا نتهكم، ولا نجعله مضغة الحديث، ولا نتخذه سخرية المجالس ولا نفضحه ولا نشهر به، ولا نسمح لعابثٍ أن يسيئ إليه، ولا أن يعرض به، ويقلل من شأنه ولتكف ألسنتنا عن الغيبة، وأقلامنا عن الإساءة، ومجالسنا عن النميمة وخاصة اولئك الذين يلبسون عباءة يدعون انها عباءة الدين ، وتعاليم الدين منهم براء ..

الزمن دول دواره :

ولنكن على يقين، أن الزمان دول، وأن الدنيا محن، والحياة تجاربٌ ، وامتحاناتٌ وابتلاءات فلا نقسو على من زلت به القدم، فقد تزل أقدامنا، وفي الرمال والأوحال تغرق ، وليعلم الإنسان أن الزمان لا يستر على الإنسان مدى الدهر، ولا يجود عليه بالستر طول العمر فكل إنسان مع نفسه الأصدق، وبحاله هو الأعلم، وبأسراره هو الأدري، وبعيوب نفسه الأعرف،

فلا يظن نفسه مبرأ، وأنه من العيب خلواً، وعن الخطأ منزهاً، وعيون العالمين لا ترقبه فإياك أيها الإنسان أن تطغى وتغتر، وتنزه نفسك عن الخطأ لا نك أصبحت تعبد صنما ملونا بأخلاق ومبادئ ظاهرية، وأن تهزأ وتتهكم، فلا تتعجل برجم الناس ، ولا تسارع إلى الذم، وتذكر دوماً أنك سابقٌ بالخطأ أو تالي، وأنك سلفٌ، وقد تكون خلفاً، وتذكر ايها الاشوس

فإن دورك قادم، ومن لحمك سيأكل، وعلى قبرك سيقف، واذا كنت من أمراء النميمة الكبار انه سيأتي يوما من يفوقك بالإثم وخاصة ممن تخرجوا من مدرستك الملوثة وسيسقيك من كأسا سم الزعاف ،ولشرفك سيلوث، ومن سمعتك سينال، وسيضيع اسمك، ويتوه مجدك السرابي الزائف ويتمزق حلمك، وتذروا الرياح ماضيك الاصفر ....

فاحذروا يا أمراء النميمة وتذكروا من قال ....( أنه من كان بلا خطيئةٍ فليرجمني بجحر) ....

كتب/ د. ناصر اسماعيل اليافاوي