الاقتصاد ام الامن ايهما اهم ......!!!

بقلم: سميح خلف

مقولة مشهورة جأت على لسان ماري انطوانيت زوجة ملكة فرنسا وزوجة المللك لويس السادس عشر ملك فرنسا،"" من لم يجد خبزا فليأكل كعكا "" مقولة لم يثبت صحتها ولكن تتطابق مع الحدث في المجتمع الفرنسي ، قد بدأت الثورة الفرنسية الشهيرة وابدت معارضتها للاصلاح عام 1789م وانتفضت الجماهير الجائعة تجوب شوارع باريس واجبرت الملكة الى الانتقال الى قصر تويلري حيث قبعا في السجن ومن مسببات الثورة الفرنسية ان الملكة اغدقت الاموال على المقربين متناسية ازمات فرنسا الاقتصادية.
قد يكون الفقر وعدم تشخيص حالاته قد يشير لخلل في الامن الاقتصادي والامن البشري والامن الاجتماعي والامن الغذائي ولصالح امن الدولة او امن المؤسسات السيادية التي قد تكون هي جوهر المشكلة واسبابه وليس الحل، التشخيص مهم في عدم استقرار الانظمة السياسية والوطنية عندما تجد الشعوب نفسها صريعة لنرجسيات سلطوية لم تراعي:
1- العدالة في توزيع الوظائف في المؤسسات
2- توفير الحماية الاجتماعية للعاملين والمواطنين
3- توفير فرص العمل .
4- استغلال الثروات والموارد في مشاريع انتاجية وتنمية القطاع الخاص
سلوك ملكة فرنسا كان سلوكا قهريا للشعوب ومطالبها وعدم فهما للواقع الذي يعيش فيه الشعب الفرنسي ،
ومن الاسباب الحقيقية لانعدام الامن الاقتصادي في الدول النامية والدول التي ترزح تحت الاحتلال
1- التبعية الاقتصادية لراس المال الدولي
2-انعدام التنمية الاقتصادية والبشرية وانتشار الفساد الاقتصادي
3- النزاعات والحروب الاهلية والخارجية
4- عدم التوزيع والتوازن العادل بين فئات السلطة والشعب
في الانظمة الدكتاتورية وطبقات السلطة المستبدة تلجأ الحكومات وراس السلطة للاهتمام بالمؤسسة الامنية وتحت رعاية ما يسمى القانون وحفظ النظام ان تضخ موازناتها لتلك القطاعات والاجهزة ليس لحماية الامن القومي او مواجهة عدو خارجي فدائما في حسبانها بان العدو يكمن في الداخل وليس في الخارج وهنا المعنى والمقصود نظام الحكم ومصالحة وطبقاته وفئاته.
قد تكون الحالة الفلسطينية حالة ماساوية لنموذج قهري يفتقر فيه الشعب الفلسطيني لكل اساسيات ومصنفات وعناصر الامن لسببين حالة الاحتلال القائم وحالة ووجود وماههية واساس السلطة في مركب معقد اسمه الاحتلال والمال السياسي المغذي والداعم لوجود السلطة التي تهمل الكثير من واجباتها الامنية وتكرس وظيفتها لحالة واحدة او اثنتين مثل الرواتب والمصاريف الامنية التي تقدر من الموازنة العامة بنسبة 33% بالاضافة الى المهام الرئاسية والوزارية التي قد تصل الى 38% ، وهذه واجبات بحكم اتفاقية اوسلو وملحقاتها .
ان ظاهرة الفقر والبطالة وانخفاض مستويات التعليم وتردي البنية التحتية والصحة لا يمكن ان نحيل تلك المظاهر ومسبباتها للاحتلال بل للفساد القائم والتي ذكرته تقارير دولية ومحلية.
ان حالة الانقسام احدثت تراجع في بناء المؤسسة الوطنية الملتزمة المنضبطة الخاضعة للمحاسبة والمراقبة بل الفشل السياسي والبرمجي ادى الى تفاقم الازمة وانعدام العدالة بين التجمعات الجغرافية الفلسطينية في مناطق السلطة ، فعلى سبيل المثال لا الحصر تعرضت غزة لثلاث حروب مدمرة وقبل ان نبحث عن راس المال المستورد والمعونات قد نقول : اين راس المال الوطني ...؟؟ واين يذهب ...؟؟ وفيما يستثمر... وباحصائية بسيطة عن الخسائر التي تعرضت لها القطاعات الحكومية والاهلية في قطاع غزة :
على صعيد المنشآت الاقتصادية في كافة القطاعات (التجارية والصناعية والخدماتية) والتي يتجاوز عددها ما يزيد عن 6000 منشأه اقتصادية وتقدر تكاليف إنعاشها وإعادة إعمارها بحسب ما تم رصده في الخطة الوطنية للإنعاش المبكر و اعادة الاعمار بحوالي 566 مليون دولار وهي ثلاثة أضعاف خسائر الحرب الاولى التي شنت على قطاع غزة في عام 2008-2009 , فلا يوجد أي جديد فحالها كما هي, حيث أن ما تم إنجازه في الملف الاقتصادي هو صرف تعويضات للمنشآت الاقتصادية بما لا يتجاوز 9 مليون دولار وصرفت للمنشآت الصغيرة التي بلغ تقيم خسائرها أقل من سبعة الاف دولار.
بلير في مبادرته الشهيرة بعد الانقسام وتبنتها السلطة والاحتلال معا ارتكزت على عنصرين اساسيين "" الامن والاقتصاد" والعمل على رفع مستوى المعيشة في الضفة وتشجيع المشاريع الصغيرة التي ترعاها الجمعيات الاهلية والمموليين الغربيين وبهدف تغييب الحل السياسي والوطني واطالة مدة الانقسام بل التطلع لان يبقى انقساما جغرافيا ينهي فكرة حل الدولتين فاستقبلت اسرائيل عشرات الالاف من العمال في الارض المحتلة الذين يعملون في مستوطناتها، اما قطاع غزة فهو يفتقر لاي خطط للتنمية اليشرية والاقتصادية بل طفت على السطح ما يقارب 60% بطالة من واقع شباب فلسطين في غزة .
الامن مهم بجميع فروعه وكل مكمل للاخر في اطار برنامج وطني فلا نستطيع ان نقول ان الامن القومي ينحصر في الاجهزة السيادية للسلطة او الدولة فحالة الفقر والبطالة وعدم الرعاية الاجتماعية والصحية وعدم استغلال الثروات وتوزيعها توزيعا عادلا واذابة الفوارق بين الطبقات هي العوامل التي تبنى عليها البرامج الوطنية .... اما ان تكون السلطة وطبقتها في موقع كما قالت ملكة فرنسا فاننا مقبلين على ثورة ثورة الفقراء ضد الاستبداد والطغاة والاحتلال معا والتي قد ظهرت بوادرها وارهاصاتها بانتفاضة السكاكيين ودوافع الشباب الياس من كل المظاهر السياسية والاقتصادية الفاشلة التي تقودها السلطة.
سميح خلف