الإرهاب الذي يضرب فرنسا جرس إنذار للشعب الفرنسي لمساءلة حكومته

بقلم: علي ابوحبله

فرنسا التي زجت بثقلها في الصراع الإقليمي في الشرق الأوسط ودعمت المجموعات الارهابيه في سوريا وليبيا ضمن مسعى فرنسي للعودة للمنطقة كقوة احتلال بأسلوب جديد يضمن لفرنسا مصالحها على حساب مصالح الشعوب العربية .
فرنسا تحاول تجيير مواقفها للحصول على غنائم ومكاسب من الدول الاقليميه التي انخرطت بالمشروع الأمريكي الصهيوني وان مواقف فرنسا هي ضد شعوب المنطقة وتطلعاتها للحرية والأمن والبناء الاقتصادي.
دعمت فرنسا الإرهاب الممارس ضد سوريا وقدمت في سبيل ذلك الدعم ألتسليحي واللوجستي للمجموعات المتطرفة وكانت احد أهم الدول الحاضنة لقوى الائتلاف السورية وكانت احد أهم الدول التي أطلق على تسميتها أصدقاء سوريا ، وان موقف فرنسا المتحفظ من الاتفاق النووي مع إيران كان بهدف إرضاء حلفاء إقليميين حققت فرنسا من وراء ذلك صفقات أسلحه تقدر بمليارات الدولارات

لم تكن لتحسب فرنسا أن انعكاس دعمها للإرهاب والفوضى ألخلاقه في الشرق الأوسط لتنعكس على فرنسا وأمنها وامن مواطنيها ، لم تبدي حرجا الحكومة الفرنسية وقبل ثلاث سنوات تقريبا ليستقبل وزير خارجيتها متطرفي القاعدة على الحدود السورية التركية ليهنئهم ويصافحهم مهنئا قائدهم الليبي مهدي الحاراتي زعيم داعش في ليبيا ليصفهم بصفتهم رجال الحرية .

فرنسا التي احتضنت قبل اقل من شهر اجتماع لأصدقاء سوريا حاولت من خلاله تعطيل كل حل سياسي في سوريا وتربطه بتحقيق أهداف حلفائها لإسقاط سوريا مقابل رشاوى ماليه حصلت عليه فرنسا بصفقات للسلاح وعقود استثماريه اقتصاديه دون التطلع لأهداف وتطلعات شعوب المنطقة وهي التي حاولت أن تطلق مبادرتها بشان الملف الفلسطيني وتحت الضغوط الاسرائيليه جمدت تلك المبادرة

تحذيرات المخابرات الفرنسية للرئيس الفرنسي هولا ند ووزير خارجيته فابيوس من مخاطر المقامرة التي يستهدفون من خلالها سوريا وان الاجهزه الامنيه الفرنسية أوصت بضرورة فتح حوار مع ألدوله السورية وأجهزتها الامنيه لأخذ الحيطة والحذر من مغبة وقوع فرنسا في دائرة الخطر .

لقد راهنت فرنسا للتعاون مع الإرهاب في سوريا ظنا منها أن ذلك يبعد فرنسا عن دائرة الخطر وكانت النتيجة تعرض فرنسا للإرهاب الذي يضرب في عقر دارها . ويبدوا أن الإرهاب لم يعد له حدود وان جهل هولا ند ووزير خارجيته في قراءته للتاريخ أوقع فرنسا في الإرهاب الممارس على أرضها بأوسع الأبواب ،

لم تأخذ فرنسا العبرة من الهجوم الذي استهدف مقر صحيفة تشارلي ايبدو الذي وقع بتاريخ 7/1/2015 وأسفر عن مقتل 12 شخصا وإصابة آخرين .

الهجوم الذي شنه مجهولون أمس ألجمعه في 13/11/2015 ضمن مجموعات مسلحه كانت متزامنه ومنسقه جعلت باريس تعيش كابوس لم يسبق ان تعرضت له من قبل وادى الى مقتل اكثر من 150 فرنسيا واصابة المئات بجروح معظمهم في حالة الخطر وتحدثت وكالة رويتر فجر اليوم السبت عن عملية رابعة لم تتاكد حيثياتها تخللها اطلاق نار امام مركز تجاري للتسوق .
لقد اعلن الرئيس الفرنسي هولاند عن اجراءات امنيه طارئة في عموم البلاد واغلاق الحدود وتدلل مسارات الأحداث على عدد سيزيد من الضحايا وسط حالة ذهول وصدمة ورعب اجتاحت المدن الفرنسية فيما لم تعلن أي جهة تبنيها للهجمة الضخمة. وان وسائل الاعلام المحليه الفرنسيه اعتبرت فرنسا في حالة حرب وقد تم فرض حظر التجول على عموم المدن الفرنسيه الرئيسيه ، وكالة الانباء فرانس 24 اكدت وجود عدد كبير من القتلى من المحتجزين انفسهم وقالت القناه ان نحو مائة محتجز قتلوا اثناء محاولة فك حجزهم .

الارهاب الذي ضرب فرنسا يذكر المحللين السياسيين والعسكريين باحداث الحادي عشر من سبتمبر التي ضربت العاصمة الامريكيه حين استهدفت طائرات مراكز امنيه وتجاريه في واشنطن .
والسؤال الذي يطرح نفسه ما هو رد الفعل الفرنسي بعد انتهاء العمليات التي استهدفت فرنسا فهل بمقدور فرنسا شن حرب ضد دول بعينها في الشرق الاوسط ردا على الهجمات التي تعرضت لها ،
لا شك ان الارهاب الذي يضرب فرنسا ولربما دول اخرى هو ردات فعل على ما يحصل في سوريا واليمن وهو نتيجة كسر لتوازن القوى بعد تدخل روسيا العسكري في سوريا ، وان التنظيمات المسلحه ردا على الخسائر التي لحقت فيها في سوريا ولقناعة تلك التنظيمات انها وقعت ضحية التضحية بها من قبل مشغليها قررت الانتقام من هذه الدول التي تكون فرنسا على راس سلم اولوياتها ، وان الهجمات الارهابيه ربما لا تستهدف فرنسا لوحدها وانما قد تمتد لتشمل دول اخرى ويتوقع المزيد من موجات الارهاب التي قد تستهدف اوروبا ودول الشرق الاوسط .
لا شك ان الارهاب الذي استهدف فرنسا هو بمثابة جرس انذار للشعب الفرنسي لضرورة مساءلة الحكومه الفرنسيه عن سوء تقديراتها ودعمها للارهاب الممارس ضد سوريا وليبيا واليمن ، الشعب الفرنسي مطالب اليوم لمحاكمة حكومته التي اوقعته في شرك ما يتعرض له من ارهاب بفعل التدخلات في الشؤون الخارجيه للدول ودون مراعاة لنتائج هذه التدخلات وانعكاسها على فرنسا .
الهجمات التي تعرضت لها فرنسا جرس انذار لكل الدول التي انخرطت في الصراع الدامي في الشرق الاوسط سعيا لتحقيق المصالح لهذه الدول على حساب تطلعات الشعوب وهذا يتطلب من كل الدول المشاركة في التحالف الامريكي لمراجعة حساباتها وإعادة تقييم سياساتها في الشرق الاوسط بدعمها للمجموعات الارهابيه ودعم سياسة اسرائيل العدوانيه واستمرار احتلالها لفلسطين وذلك ضمن مراجعة الحسابات قبل ان تغرق اوروبا بالارهاب


المحامي علي ابوحبله