طلعت يعقوب الامين العام والقائد ورفيق الدرب والمناضل والاخ والإنسان المتواضع ، كان يقوم بدوره الوطني انطلاقا من قناعته، لكنه كان إنسانا أيضا يقوم بدوره الانساني في منزله على أكمل وجه، رغم أنه كرس جل وقته للمهمات الجبهوية والوطنية، وكان يعيش حياته بكل تفاصيلها دون مغالاة أو تطرف،
ترك أثر كبير برحيله ، كان ذخرا لأبناء الجبهة والثورة ولشعبه الفلسطيني ومثلهم الأعلى، كبقية الشهداء، فأضحى رمزا من رموز الشعب الفلسطيني، ومن القادة العظام ، فقد كان إنسانا وحدويا يعمل من أجل الوحدة الوطنية وحماية المشروع الوطني والحفاظ على منظمة التحرير الفلسطينية كما كان مؤمنا باستمرار المقاومة حتى تحرير ارض فلسطين.
طلعت يعقوب مسيرة وسيرة، مسيرة طويلة من النضال والعطاء والتضحية تكللت بالشهادة في المجلس الوطني الفلسطيني التوحيدي بعد ان تكاتفت يده مع يد رفيق دربه الشهيد الامين العام ابو العباس باعادة لحمة الجبهة ، وبعد ان اعلن الرئيس الشهيد ياسر عرفات وثيقة الاستقلال فاطمئن وغادرنا باكرا، ابا يعقوب سيرة نبيلة وعطرة جعلته يتبوأ مكانة كبيرة في التاريخ الوطني الفلسطيني وفي قلوب الفلسطينيين، ويكون علامة بارزة في العطاء والفداء.
الشهيد القائد نافذ يعقوب " طلعت " يرمز إلى شهداء الشعب الفلسطيني، خصوصا الشهداء القادة العظام وفي مقدمتهم الرئيس أبو عمار، وابو العباس ،وأبو جهاد، وأبو إياد ، وابو احمد حلب ، وأبو الهول، وجورج حبش، وخالد نزال، وسعيد اليوسف ، وابو العز ، وابو بكر ، وابو العمرين ، فقد أعطى مثالا على صدق القائد وطليعية القائد، وبالتالي قدم الشعب الفلسطيني تضحيات كبيرة تشكل عبئا وواجبا على الاحياء للإخلاص للأهداف التي ارتقى من أجلها الشهداء.
سبعة وعشرون عاما مضت على غياب القائد طلعت يعقوب، والشعب الفلسطيني يواجه تحديات شرسة ومؤامرات خطيرة، الا ان الشعب الفلسطيني بهباته وانتفاضاته يواجه مؤامرة فرض العدو شروط الاستسلام على شعبنا وعلى امتنا العربية. تلك الشروط الصهيونية الامبريالية الاميركية التي يريدونها وصمة عار وذل للاجيال المقبلة تحت اعقاب الغزاة الجديدة، ونير وسيطرة خططهم واطماعهم التوسعية الامبريالية الصهيونية والرجعية والارهابية الهمجية.
وامام هذه الاحداث كانت انتفاضة شباب وشابات فلسطين تكتب تاريخ جديد تاريخ الشهداء وتاريخ المواجهة مع الاحتلال وقطعان مستوطنيه لتؤكد باسلحتها البسيطة انها قادرة على المواجهة والتوحد فكانت وحدة الدم على كل الارض الفلسطينية بمواجهة الاحتلال المدعوم من الولايات المتحدة بأحدث الاسلحة الامريكية واكثرها فتكا، بل والمحرمة دوليا وانسانيا، حيث تتكسر اليوم على صخرة البطولة والشجاعة والفداء والتضحية، المؤامرة الخطيرة لتصفية حقوق الشعب الفلسطيني ،فكان الشباب يلبسون الكوفية ويرفعون العلم الفلسطيني خفاقا في المواجهة المستمرة ، ليؤكدون للعالم هذه الارض ارضنا ولم نتخلى عن وجودنا ، حيث اعادة فلسطين الى الواجهة الحقيقة الثابتة الاصيلة في هذه المنطقة المهمة والحساسة والمليئة بالمؤامرات والمحفوفة بالاخطار.
اليوم نقول للشهيد القائد طلعت ولرفاقه القادة الشهداء ابو العباس وابو احمد ورفاقهم ها هي انتفاضة فلسطين تثبت دعائم القضية وكسر مخطط تصفيتها، حيث تفتت على فولاذ هذا الاتون الثوري جميع المحاولات وكل محاولات التصفية واعمال الاغتيالات، الانتفاضة تشكل اليوم بايمان شعبنا ثباتا ورسوخا، امام هذه التحديات المتعددة والمتنوعة الاشكال والغايات، وليبقى القرار فلسطينيا دونما تبعية او خضوع، ولتسجل مزيدا من الانتصارات والاساطير البطولية لشعبنا وامتنا وتاريخنا.
خرج شعبنا بمعجزته هذه ليتردد صوتها عاليا في المنطقة ، وليذهل العالم بهذا الصمود وذاك التحدي بالحجر والمقلاع والسكين عمليات الدهس ، بهذا الفهم العميق والثابت لابعاد الموقف. تعطي الانتفاضة الصورة الراسخة الواضحة للشعب الفلسطيني العظيم، شعب العطاء ، شعب الشهداء شعب التضحيات الجسام، شعب الحرية والاستقلال والعودة.
ومن هنا نركز على اهمية انهاء الانقسام بصراخة واضحة يسمعها الجميع بذكرى استشهاد القائد طلعت يعقوب ، كفى هذا الشعب انقسام ، فليعمل الجميع على تطبيق اتفاقات المصالحة بعيدا عن الاجندات والمشاريع الخارجية ، الوحدة ضمن اطار منظمة التحرير الفلسطينية البيت المعنوي للشعب الفلسطيني هي طريق الانتصار ، نقول ذلك بمفاهيم واضحة وثابتة ومبدئية، حتى يصب عامل الوحدة كله في المجرى الكبير للعنفوان النضالي الذي يقوده الشعب الفلسطيني ضد جميع اشكال القهر والظلم والاضطهاد والعبودية الذي يمارسها الاحتلال ، ضد الامبرياليين الجدد والقدامى، ضد صهاينة الداخل والخارج، ضد الاستعمار القديم والحديث، ضد قوى الارهاب التكفيري التي تحصد ارواح الناس هنا وهناك ، في هذا المعترك وهذه الدوامة وسط رمال الشرق الاوسط المتحركة والخطيرة، لذلك على الجميع العودة الى الاصالة الثورية والشفافية المستقبلية والرؤى الصادقة والارادة الحديدية النضالية، والايمان الراسخ العميق.بمسيرة شعبنا بكل ابعادها الحضارية والانسانية، وعلى مختلف الاصعدة، فلسطينيا وعربيا ودوليا، رغم كل المتغيرات ورياح التغيير في هذه المنطقة ولكن بعضها سيكون في مجرى خيار المقاومة والتطور التقدمي ومع تيار التاريخ ،وبعضها ضد مجرى التاريخ وضد منطق التطور وهذا مصيره الهزيمة والفشل.
امام كل ذلك نعاهد الشهيد القائد طلعت يعقوب ان تبقى راية فلسطين مرفوعة وتبقى جبهة التحرير الفلسطينية قابضة على جمر النضال مستمدة من تاريخ شهدائها ومن مسيرتها ، وترص سواعد مناضليها في مسيرة الكفاح باعتبار ذلك الركيزة الهامة ومعيارا اساسيا لقدرتها على الاستمرار غي النضال ومواجهة الاحتلال، والحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني الوطنية الثابتة، بما فيها حقه في العودة وتقرير المصير واقامة دولته الوطنية المستقلة فوق ترابه الوطني، تحت قيادته الوحيدة منظمة التحرير الفلسطينية، والتي اعترف بها كل القوى الصديقة والحليفة والعربية والدولية،
ختاما نقول طلعت يعقوب باقي في قلوب كل مناضلي الجبهة ، هذه الجبهة التي ستبقى شامخة كالطود، ثابتة بمواقفها ، قوية بمناضليها وقيادتها ، وإن شجرة الشهداء لا تموت فهي شجرة مثمرة، وابا يعقوب هو فرع من هذه الشجرة وأحد من عملوا من أجل فلسطين، وأحد غصون هذه الشجرة التي يعتز بها شعبنا، وستبقى سيرته ومسيرته الطويلة من النضال والعطاء والتضحية والتي تكللت بالشهادة، سيرة نبيلة وعطرة بعد ان تبوأ مكانة كبيرة في التاريخ الوطني الفلسطيني وسيبقى يكون علامة بارزة في التاريخ الفلسطيني والعربي والاممي.
بقلم / عباس الجمعة
كاتب سياسي