تزداد حدة الهجمات الاسرائيلية، على المدن والقرى الفلسطينية، وتشارك فيها قطعان المستوطنين، والمستعربون والجيش الاسرائيلي. يبدو أن اسرائيل وقيادتها السياسية، ترى في زيادة حدة الاجراءات الاسرائيلية بأنها باتت تشكل ضماناً لسياساتها الاستيطانية والعدوانية، وتراهن هذه القيادة على دفع الفلسطينيين للتراجع، ووقف النشاطات الشعبية الفلسطينية ضد الاستيطان والجدار والتهويد.
ما تابعناه في ليلة الهجووم على مخيم قلنديا، يؤكد، بما لا يدع مجالاً للشك، بأن القيادة الاسرائيلية باتت ترى في استخدام العنف الاقصى، طريقاً لوقف النشاطات الشعبية الفلسطينية، المضادة للاستيطان والعنصرية، جاءت احداث الخليل، قبل قلنديا، لتشير، بأن اسرائيل باتت تتصرف بهوس القوة، واستخدام العنف الأقصى في مواجهة المقاومة الشعبية الفلسطينية وباتت ترى فيها طريقا للسيطرة واعادة الامور الى ما قبل احداث الهبة الشعبية، ولا تبالي تلك السلطات الاسرائيلية بأية قواعد اخلاقية او قانونية.
تذكرنا تلك الاجراءات، باجراءات اسرائيلية سابقة، جرت إبان الانتفاضة الأولى، ووصل بعضها لممارسة تكسير العظام، بكل ما تحمله تلك السياسة من نزعات اجرامية مخالفة لأبسط قواعد القانون الدولي - الانساني.
حاولت اسرائيل، ابان الانتفاضة الاولى، رغم سلميتها، ممارسة سياسات العنف الاقصى، وبمحاولة واضحة لاعادة الأمور الى مرحلة ما قبل الانتفاضة، لكنها فشلت وباءت بفشل ذريع.
ما جرى في الاسبوعين الفائتين، بات يشير بوضوح، بأن السلطات الاسرائيلية، باتت تمارس سياسة العنف الاقصى، والمبالغة في ممارسة تلك السياسة، بهدف اخماد جذوة الهبة الشعبية، التي باتت تشكل مقدمات لانتفاضة عارمة. هنالك حالة من التحفز الشعبي، ورفع سوية التحدي والاستجابة، في صفوف الشبان الفلسطينيين، وباتت الأمور، بحاجة ماسة، لتأطير الحالات الشعبية الشبابية خاصة في صفوف الطلاب، ووضع البرامج لمواجهة ما هو قائم اسرائيلياً ورسم المقتضيات اللازمة، للحفاظ على جذوة الهبة الشعبية، ورفع وتيرة مواجهتها للمشروع الاسرائيلي العنفي ضد الشعب الفلسطيني.
لا يجوز، بأي حالة من الأحوال، ترك الأمور على غاربها، او ترك المجال مفتوحاً أمام ردود فعل غير مدروسة اساساً، صحيح أن نشاطات الهبة الشعبية، غير مؤطرة تنظيمياً وقيادياً، ولم تأت بقرار فصائلي، لكن ذلك لا يمنع من المبادرة لطرح اشكال من التأطير، والتنظيم الذي بات لازماً للاستمرار أولاً ولمواجهة العنف الاقصى الاسرائيلي.
في الانتفاضة الأولى، ورغم سياسات العنف الاقصى، وسياسة تكسير العظام، تمكنت الانتفاضة من انجاز معظم مهامها الوطنية، عبر التنظيم وبرمجة النشاطات والحفاظ على الأطر القيادية، التي انبعثت من قلب الانتفاضة، وباتت تشكل قيادات لها وزنها واحترامها وقدرتها في الحالة الفلسطينية إجمالاً.
سميح شبيب
2015-11-20