نحو مفهوم وبناء جديد للحركة التعاونية في فلسطين ترسي دعائمه الاداره ألعامه للتعاون

بقلم: علي ابوحبله

الحركة التعاونية في فلسطين تتطلب جهود لترسيخ مفهوم وفلسفة التعاون وهو ما تسعى الاداره العامه للتعاون لترسيخه ضمن الغايات ولأهداف التي من اجلها أنشئت الحركة التعاونية ، الحركة التعاونية في فلسطين تعد رافعه للاقتصاد الفلسطيني اذا ما ابتعدت عن مفهوم الدكاكين للمصالح الخاصه،
وهو ما تسعى الاداره العامه للتعاون لترسيخ مبدأ ومفهوم العمل التعاوني وبث روح العمل الجماعي التعاوني ضمن مفهوم تدعيم بناء للاقتصاد الفلسطيني
تشكل الحركة التعاونية احد أهم دعائمه ، معظم الجمعيات التعاونية في فلسطين تقوم على أشخاص لجنة الاداره ولا تحمل من مفهوم التعاون سوى العنوان فقط ، وان هذه الجمعيات تستغل لتحقيق مصالح نفعيه شخصيه محضة بعيده عن الصالح العام ،
إن تفعيل الرقابة والمساءلة والمحاسبة من قبل القائمين على الاداره العامه للتعاون هو ضمن تفعيل مبدأ روح المسؤولية وتغليب المصلحة ألعامه على المصلحة الخاصة التي يجب ان تسود مفهوم العمل التعاوني ،
هناك أموال تضخ على بعض التعاونيات بدون أي مردود أو فائدة ، مما يتطلب وضع حد لهدر تلك الأموال ومساءلة هذه الجمعيات الاسمية والوهمية عن حقيقة أعمالها في كيفية تبديدها لهذه الأموال والمنح لمشاريع لا تدر فائدة على أعضاء الجمعيات ولا على الصالح العام ،
إن افتقاد أغلبية القائمين على الحركة التعاونية في فلسطين لمفهوم وحقيقة التعاون الذي بمقدوره أن يكون مفهوم يؤدي إلى بناء جديد للاقتصاد التعاوني في فلسطين وذلك في ظل الوضعية ألاقتصاديه التي يعاني منها الاقتصاد الفلسطيني حيث زيادة معدل البطالة وانتشار حالات الفقر المدقع والركود الاقتصادي،
وإن نظره مبسطه عن كيفية ظهور ونشأة الحركة التعاونية ترسم لنا خارطة الطريق لكيفية إعادة الاهتمام بالحركة التعاونية مما يقود نحو مفهوم وبناء جديد للحركة التعاونية في فلسطين ،
يعتبر روبرت أوين من عام 1771- 1858 الأب الروحي للاقتصاد التعاوني ، الذي حاول تطبيق أفكاره الاصلاحيه عن طريق جمع جهود العمال تعاونيا ، وعلى الرغم من الإخفاقات التي لازمت التجربة إلا أنها كانت كافيه لانطلاق التجربة التعاونية العالمية الرائدة لرواد روتشيديل حيث اجتمع في 15 أغسطس عام 1834 ، ثمانية وعشرون عاملا بمدينة روتشيديل الانجليزية ، معلنين أول جمعية تعاونيه في العالم ، ومن ثم انتقلت التجربة إلى بقية المدن البريطانية والى بقية أوروبا والعالم ، وفي تقرير حديث للبنك الدولي أن تسريع الحد من الفقر وتوفير استدامة تحسن التنمية البشرية سيشكلان تحديين كبيرين للمنطقة في المستقبل ، فقد شكل استهلاك الأسر في العالم العربي 44 % من اقتصاد المنطقة وذلك اعلي من نسبة 35 % التي سجلت في الصين ، ما يشير إلى انه مع نمو الطبقة الوسطى تزداد مشتريات المستهلكين أكثر فأكثر وفي نظره سريعة على اثر الاقتصاد التعاوني حول العالم يتبين لنا الأتي ، في كيبك كندا 70 % من السكان أعضاء في تعاونيات ، في فلندا 62% من السكان أعضاء في التعاونيات في فرنسا 35 % أعضاء في تعاونيات و75 % من المنتجين الزراعيين مؤسسات تعاونيه ، في النرويج 58 % من السكان أعضاء تعاونيات في الولايات المتحدة الامريكيه 350 مليون عضو في التعاونيات ، تساهم الحركة التعاونية في العديد من الدول مساهمه فاعله في البناء الاقتصادي وتترك آثار وبصمات على الاقتصاد في العديد من الدول في بلجيكا 19.5 % من المنتجات الدوائية تنتج من خلال مؤسسات تعاونيه ، في البرازيل 37 % من إجمالي الناتج المحلي يتم إنتاجه بالمؤسسات التعاونية ، في فنلندا المؤسسات التعاونية مسئوله عن 74 % من إنتاج اللحوم ومصنعاتها وإنتاج 96 % من المنتجات الغذائية أليوميه وإنتاج 50 % من البيض و34 % من التعاملات المصرفية ، في فرنسا القطاع التعاوني يتعامل 181 مليار يورو حيث يتعامل 60 % من تجار التجزئة المصرفية 40 % من الإنتاج الزراعي والغذائي و25 % من تجار التجزئة ، في الكويت يتعامل القطاع التعاوني في 70 % من تجار التجزئة ، في نيوزيلندا شارك القطاع التعاوني في 22% من معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي حيث يسيطر على 95 % من سوق المنتجات أليوميه و95 % من صادرات المنتجات أليوميه و70 % من سوق اللحوم ومن سوق الاسمده 75 % ومن سوق تجارة المنتجات الدوائية بالجملة 75 % ومن سوق ألبقاله 62 % ، في النرويج يتعامل القطاع التعاوني في 96% من سوق الألبان و55% من سوق الاجبان وأكثر من 70 % من سوق البيض و52 % من سوق الحبوب و15 % من سوق البناء تصل إلى 40 % في مدن مثل أوسلو 30 % من سوق التامين على غير الحياة ، على مستوى العمال يوفر القطاع التعاوني مائة مليون وظيفة على مستوى العالم وهذا أكثر مما توفره الشركات الدولية على مستوى العالم ، إن الحركة التعاونية في فلسطين إذا قيست بالبلدان الأخرى فهي تحتاج إلى عشرات السنين لتلحق بركب هذه الدول خاصة وان الحركة التعاونية في فلسطين تكاد تكون مقتصرة على أفراد ليس إلا تفتقد لمعنى ومفهوم وفلسفة التعاون ، وان هناك ضعف في الوعي التعاوني وان الجمعيات التعاونية في فلسطين غير قادرة على تلبية الاحتياجات الحقيقية لأعضائها وبالتالي فهي عاجزة عن القيام بدور فاعل في التنمية المجتمعية والمساهمة في البناء الاقتصادي الفلسطيني ، إن فلسفة العمل التعاوني تقوم على العمل ألتشاركي الجماعي بدلا من العمل الفردي الخاص ، وهي تقوم على مبدأ توحيد الموارد والجهود بدلا من تفتيتها وتوزعها وفي العمل التعاوني ، مصلحة الفرد جزء من مصلحة الجماعة ، وسيادة روح الجماعة بدلا من ألنزعه الفردية الذاتية في إدارة موارد المجتمع ومقدراته ،
وتكمن فوائد العمل التعاوني في تجميع الموارد وتكاملها وتوفير التكلفة نتيجة لتوحيد الطلب والشراء الجماعي للمواد الخام ووسائل الإنتاج بدلا من تشتتها ، وتحقيق كفاءة الأداء في توظيف الموارد البشرية من خلال رفع ألقدره وتعميم المعرفة وضمان انتمائها للمشروع وحرصها على نجاحه وتطوره ، وكذلك تضمن كفاءة الاستخدام الجماعي للموارد المالية بما يحقق أقصى مردود ممكن ،
وتقوم تعاونيات التسليف والإقراض بتمويل المشاريع لأعضائها ، والتعاونيات الانتاجيه وضمان التخزين والتسويق الجماعي لمنتجات أعضاء الجمعية التعاونية بأقل التكاليف وبأكبر قدر من الأرباح التي يجري توزيعها بصوره عادله والمساهمة منها في المسؤولية المجتمعية ، إن فوائد العمل التعاوني في فلسطين يجب أن تهدف إلى حماية الأرض وتدعيم صمود الفلسطينيين عليها من خلال توفير أفضل الأشكال التنظيمية والاقتصادية لاستغلالها سواء عن طريق ألزراعه ، أو الإسكان ، أو أي مجال خدمي آخر ،
كما أن من فوائد وأهداف التعاون محاربة البطالة والعوز والفقر ، وضرورة الانتقال من العمل الاغاثي الاجتماعي للفئات المهمشه إلى العمل المنظم وان تساهم في تحقيق التنافسية في الإنتاج ،
فالتعاونيات تهدف لتوفير فرص العمل والدخل المجزي لأعضائها ، إن الأهمية ألاقتصاديه لمفهوم بناء جديد للاقتصاد التعاوني في فلسطين تتطلب تغيير جذري للقائمين على الحركة التعاونية في فلسطين وتتطلب إصدار قانون عصري يحكم وينظم الحركة التعاونية في فلسطين ، وفقا للدراسات الميدانية فقد بلغ عدد التعاونيات العاملة في الضفة الغربية حوالي 523 جمعيه وهي تمثل 39 % فقط من مجموع الجمعيات ألمسجله ، وتوزيعها 47 % تعاونيات زراعيه ، و35 % إسكان 13 % خدمات و 3% حرفيه و2% استهلاكية ، وان أغلبية نشاط هذه الجمعيات في رام الله ، يبلغ أعضاء الهيئات ألعامه للجمعيات التعاونية في الضفة الغربية ما يقارب 46 ألف عضو أي حوالي 2% من سكان الضفة الغربية وبحسب تلك البيانات فان هذا يساوي 7% من القوى العاملة و15% من أصحاب المصالح ألاقتصاديه فيها ، تدير التعاونيات أصول وموارد ماليه تقدرها الدراسات بحوالي 137 مليون دولار من غير ممتلكات الأعضاء وتستحوذ تعاونيات الإسكان على حوالي 68 % منها بينما تستحوذ التعاونيات الزراعية على 18% وتشكل الحيازات التعاونية حوالي 23 % من الحيازات الزراعية ، تقدر قيمة إنتاج الحيازات التابعة لأعضاء التعاونيات الزراعية ب 233 مليون دولار أي ما يشكل 28% من الإنتاج الزراعي ، وان جمعيات الإسكان قد وفرت حوالي 14 ألف فرصة عمل ، الحركة التعاونية في فلسطين مقارنة مع المؤشرات الدولية خصوصا للدول الصناعية تبقى ضعيفة جدا ،
إن ما يعترض الحركة التعاونية من عوائق هي التي أدت بالحركة التعاونية في فلسطين للحالة التي عليها ويعود ذلك إلى ضعف ثقافة التعاون وتدني الوعي حول فوائدها والإلمام باليات تطبيقها الصحيحة وانتشار ثقافة الأنا وانخفاض مستوى الاستعداد للتعاون والعمل التطوعي خصوصا في أوساط الشباب ، كما أن عدم وجود قانون تعاوني عصري أدى بالجمعيات التعاونية إلى ما وصلت ،
إن القائمين على إدارة العمل التعاوني وهم ينشطون في سبيل ترسيخ مبادئ العمل التعاوني لا يألون جهدا في تفعيل ألرقابه والمساءلة ضمن عملية تصويب العمل التعاوني وتخليصه من شوائبه ، وخاصة ظاهرة العضوية الوهمية والشكلية غير المبنية على قناعه في التعاونيات غير الفاعلة وطغيان المصلحة الفردية وتحقيق المصلحة الفردية
وان الاداره ألعامه للتعاون من خلال مجهودها لعقد ورشات العمل والتدقيق والرقابة على أداء الجمعيات تهدف إلى ترسيخ فكرة العمل التعاوني المنتج وان جهود الاداره ألعامه للتعاون هو إنقاذ الحركة التعاونية مما علق بها من شوائب ضمن جهود القائمين على الاداره العامه للتعاون لعملية التصويب للعمل التعاوني
إن مفهوم العمل التعاوني وفق الدراسات والبيانات التي يمكن التأسيس عليها لبناء اقتصاد تعاوني فلسطيني يكون بمقدوره أن يشكل رافعه للاقتصاد الوطني الفلسطيني تتطلب ضرورة تطوير الحركة التعاونية وذلك من خلال الإسراع بالعمل لسن قانون تعاوني عصري بما يضمن ماسسة الحركة التعاونية مع ضرورة أهمية التركيز على برامج التربية والثقافة التعاونية ومكافحة روح الانانيه والفردية وتعزيز ثقافة العمل التطوعي واحترام النظام وترسيخ الوعي بالممارسة السليمة من خلال ألرقابه والمتابعة وتقويم الأخطاء للحركة التعاونية ألقائمه وتخليصها من شوائبها بما يضمن السير قدما نحو مفهوم وبناء جديد للحركة التعاونية في فلسطين

المحامي علي ابوحبله