الارهاب بين الخاسرين ...والرابحين.

بقلم: وفيق زنداح

استمرار الفكر التكفيري الارهابي ...وتصاعده ما بين منطقة وأخري... بما يتوفر من مناخ ملائم لانتشاره وتوسعه ....في ظل حالة عالمية يسودها الترقب والانتظار ...والفعل المصاحب لردات الفعل ...وليس للفعل ذاته ...في واقع غياب الفعل المنظم والجماعي ...وعلي الاقل ردة فعل لا تتناسب ..والحالة العامة التي تشهدها العديد من الساحات والمناطق ..من قبل الاحزاب والحركات السياسية ..الوطنية ..وحتي الاسلامية ...اضافة لحال أنظمة الحكم ...بأغلبيتها المتقاعسة عن مواجهة الفكر المتطرف ..وكشف زيفه ...وتبيان عيوبه وأخطائه وخطاياه ...والتي يحاول نشرها بفعل أعمال متوحشة مشينة ....تنعكس بالسلب علي منظومات الحياة الانسانية ...والاجتماعية ....وعوامل استقرار الدول والشعوب .
الفكر الارهابي التكفيري ....وقد أحدث تصدعا ...ثقافيا ..نفسيا ..دينيا ..وحتي سياسيا ...ما بين الافراد والجماعات ...وحتي ما بين الدول والشعوب ....وهذا ما يعتبر من أخطر تأثيراته وانعكاساته ...والتي تتطلب المواجهة .
الفكر التكفيري الارهابي .....له العديد من الاثار السلبية المدمرة للنسيج المجتمعي ...وحتي الديني ....والتي لا يمكن اختصارها واختزالها ....من خلال افعال ارهابية ..وما يمكن أن تحدثه من نتائج القتل والتدمير والتخريب ....الا أن الأخطر والاجدر بالاهتمام والتركيز ....أن نتجه الي معالجة الاسباب والجذور التي ترتب عليها ظهور هذا الفكر التكفيري المدمر ....والذي ثبت فشله عبر مراحل عديدة ...ومن خلال جماعات متعددة .
عظمة الاديان وروحانياتها ومجموعة القيم والمبادئ التي تقوم علي زراعتها وتغذيتها ....ما بين الاجيال والتي تجسد من خلالها روابط العلاقات الانسانية ...ما بين الشعوب والدول ...أصبح اليوم مهددا ويواجه أزمة مستعصية يصعب ايجاد الحلول السريعة لها ....في ظل الاليات والفكر القائم والسياسات المتبعة ....وواقع استمرار مناخ نشر الافكار التكفيرية الارهابية ....وعدم قيام المؤسسات الدينية بواجباتها الكاملة ..وحالة الاعلام الناقل للخبر ....والمحلل له ...دون أرضية فكرية ..ومتابعات يومية ...يمكن من خلالها محاصرة هذا الفكر ....وعدم اعطائه فرصة الصعود ...واكتساب الشهرة الاعلامية ...وحتي خطورة محاولة التضخيم ...واعلاء شأن مثل هذه الجماعات والتي لا تستحق أن تذكر ....الا بما يتناسب ..وأفعالها الجبانة والمخزية .
حالة الضعف في أدوات المواجهة الدينية .. الاجتماعية ...الثقافية ... الفكرية .. والاعلامية وحتي ضعف الخطاب السياسي. في ظل ما يحكم الدول من مصالح ....تدفع فاتورة قصورها ...حتي ولو بعد حين .....مما يتطلب ....أن نطرح علي أنفسنا سؤال من الخاسرين من الفكر التكفيري الارهابي ؟؟.
الخاسر الاول والاكبر ...من هذا الفكر المغلق المدمر هي أحزاب وحركات الاسلام السياسي ....بطريقة مباشرة ....وغير مباشرة ..علي أساس أن الغالبية العظمي من المنتمين للجماعات التكفيرية ...هم من أصول وجذور أحزاب الاسلام السياسي ..أو للجماعات الاسلامية المتعددة ذات المذاهب والطوائف العديدة ....بل ان الفكر التكفيري الارهابي ...وقد اعتنقه من خارج الدين الاسلامي... وهذا ما يؤكد أن تلك الجماعات التكفيرية الارهابية لا علاقة لها بديننا الاسلامي الحنيف ....لكنها المخسرة... والمؤثرة علي المعتنقين للديانة الاسلامية ...وحتي للراغبين باعتناق الاسلام ...من خلال ما يشاهدون من أفعال اجرامية ....وارهاب فكري .
وهذا لا يعني بالمطلق أن الخاسرين هم فقط الاحزاب والحركات الاسلامية ....بل يتعدى ذلك للمجتمعات بكل مكوناتها وقطاعاتها وشرائحها .....علي اعتبار أن تلك الجماعات متداخلة داخل المجتمعات ولها أنشطتها وعلاقاتها .....وبالتالي تؤثر وتتأثر بما يحيط بها ...من هنا تكمن مخاطر وجودها ...وتأخير عدم كشفها ..حتي انهاء وجودها ..وعلي الاقل محاصرتها ...وكشف زيفها ....وعدم مصداقيتها ...وانهاء التقرب لها من قبل الشباب المتمرد ....الذي يعتقد واهما أن تلك الجماعات هي ضالته ومنقذته من واقعه الذي يعيش فيه .
لا يمكن القبول باستمرار خسارة المجتمعات لمنظومات حياتها وعلاقاتها ....ومقوماتها ...وركائزها ...والتي تزداد تأثيراتها كلما اشتد الارهاب بفكره التكفيري... في واقع حالة الضعف العام عن مواجهته بما تمتلك الدول والشعوب ..من امكانيات وقدرات لأن ترك المواجهات والاعتماد المطلق ..علي المعالجات الامنية فيه الكثير من القصور وعدم الوعي ....لما يجب توفره وتجهيزه لمواجهة مثل هذه الافكار التكفيرية .
لقد خسرنا الكثير كأمة عربية ...ولا زالنا نخسر كأمة اسلامية ...في واقع الضعف العام لرسالتنا التي نحاول من خلالها صياغة وجودنا وعلاقتنا ومصالحنا ....والوقوف في أغلب الاوقات بحالة دفاع عن النفس ...ومحاولة التبرير ...وازاحة المسئولية علي الاخرين ....مع أن أمتنا هي من تدفع الفاتورة بكافة تبعاتها ..حتي ولو كان الحدث الارهابي كما كان في 11 سيبتمر ..او حتي في باريس... ومدريد ...وحتي في شرم الشيخ... ولبنان ...الفاتورة تدفع بالعراق وسوريا وليبيا هذا هو الواقع ...وهذه هي الخسارة من مثل هذا الفكر التكفيري الذي تولد للقسمة ....ولتعزيز الضعف ..وانهاء المقومات... وتشتيت الامكانيات ....وانهيار المنظومات...وأنظمة الدول .
العالم العربي والاسلامي بحالة دفاع مستمر .....ويبذل جهودا مضنيه باستمرار دفاعه ومحاولة اظهار الفكر التكفيري ...بأنه مرتبط بجماعات محدودة ....وليس تعبيرا عن فكرا عاما... وهذا صحيح ...لكنه لا يكفي للمواجهة ..ولا حتي للمحاصرة والاجتثاث ...واقناع العالم أن ما يجري من فكر تكفيري هوا ليس لمن يعتنقون الاسلام فقط ....بل للأديان الأخرى ..وحتي للجنسيات الأخرى ..وهذا ما ثبت بصورة واضحة وجليه .
الدول العربية والاسلامية لا زالت موضع اتهام ..ولا يترك لها المجال الا للدفاع والتبرير ....ولا تعطي فرصة تحقيق أي مكاسب يمكن أن تتحقق في علاقات الدول بصورة طبيعية .
من هنا يأتي السؤال الثاني عن الرابحين من مثل هذا الفكر التكفيري ...علي اعتبار أن الاصل والمبدأ ...أن لا يكون هناك من هم رابحين من مثل هذا الفكر المريض والمنحرف ....علي اعتبار أن أسس العلاقات الصحيحة ما بين الدول والشعوب ...تقوم علي منظومة أخلاقية ..وانسانية في اطار المصالح المشتركة والمتبادلة ..وفي واقع النوايا الطيبة ..والثقة المتبادلة حتي ولو كنا في عالم المصالح ....وفي واقع النوايا الخبيثة والسيئة ...والتي تتحكم بمجريات السياسة الدولية ....وهذا ما يوفر ارضية الاجابة والاستنتاج ....أن الرابحون من الفكر التكفيري ....هم اسرائيل وامريكا ....وبعض الدول الاوربية ....وان خدعة الوجود لمثل هذه الجماعات التكفيرية لمحاربة راس الأفعى أمريكا ...وكفار الزمن والعصر ....والصهيونية العالمية متمثلة بإسرائيل ....ما هي الا محض اكذوبة كبري ....يتم من خلالها استمرار النفوذ والسيطرة الامريكية الصهيونية علي العديد من الدول .
ان الجهود والطاقات ..وحتي الاموال التي تنفق وتبذل من أجل محاربة الفكر التكفيري الارهابي ...واذا ما تم ترجمتها ماليا ...ستصل الي أرقام مذهلة ..والي ساعات عمل طويلة تصل لسنوات ...والتي بمجملها كفيلة بأن تعالج الكثير من المشاكل والازمات المستعصية التي تواجه عالمنا العربي والاسلامي ...لكن هكذا تم التخطيط وتحديد ما تم رسمه ....من خلال مثل هذه الجماعات التكفيرية ومهامها المحددة ...بإعاقة التنمية ..وزيادة حالات الفقر والمرض والجوع ...وانهاء واضعاف مقومات الحياة الكريمة ...وزعزعة استقرار وامن الدول والشعوب ...حتي تصل حالة الدول التي لا تمتلك جيوشا وطنية للدفاع عنها ...لطلب حماية الاخرين لها ....وهنا الربح الاكبر لأعدائنا ....والخسارة الاكبر لشعوبنا وأمتنا .
الكاتب : وفيق زنداح